فوز إماراتي لصالح القضية الفلسطينية | افتتاحية الخليج

لن ينسى التاريخ ولا الذاكرة الجماعية مواقف دولة الإمارات الداعمة لحقوق الشعب الفلسطيني والمنتصرة لتطلعاته المشروعة، لأنها مواقف أصيلة تتأسس على روابط الأخوّة والدم والانحياز إلى قيم الإنسانية والعدالة، وتتجلى في الجهود التي تبذلها الدبلوماسية الإماراتية في مختلف المنابر الدولية، وفي الاتصالات التي يجريها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، مع قادة البلدان الشقيقة والصديقة.
القضية الفلسطينية تتصدر دائماً مسيرة السياسة الخارجية لدولة الإمارات، بل أصبحت شأناً يومياً، خصوصاً في هذه المرحلة بسبب ما يجري في قطاع غزة من عدوان إسرائيلي غاشم وأوضاع إنسانية مؤلمة. فمنذ اليوم الأول لهذه الحرب، كانت الإمارات من أول المطالبين بوقفها فوراً وحذرت من نتائجها الكارثية. وبعد أكثر من 21 شهراً، ها هو قطاع غزة قد تحول إلى كتلة من الأنقاض تتخللها استغاثات الجياع والمرضى والأرامل والأيتام، وها هي الإمارات في مقدمة الدول التي تقدم مساعدات إنسانية من البر والبحر والجو، ومن حيث أمكن لها إغاثة المنكوبين، وقدمت دعماً مالياً تجاوز 1.5 مليار دولار، وسيّرت 17 سفينة تحمل مساعدات وأنشأت مشروعاً لضخ المياه المحلاة وأقامت مستشفيات ميدانية واستضافت مئات من الجرحى والمرضى مع أسرهم، وما زالت «طيور الخير» تحلّق بكل أسباب الحياة فوق القطاع المنكوب.
لقد مرت القضية الفلسطينية بالعديد من المراحل الصعبة منذ عام 1948 إلى العام 1967 تاريخ احتلال غزة والضفة والقدس وصولاً إلى الانتفاضتين الأولى والثانية، ولكن ما يجري في غزة منذ السابع من أكتوبر 2023، يعتبر من المحطات الأكثر خطورة وألماً، بل هو لحظة تاريخية ومصيرية لمستقبل القضية العادلة، وستوزن فيها المواقف بالذهب وتخلد أصحابها إلى الأجيال المقبلة. ومما يبعث الفخر والاعتزاز أن دولة الإمارات تقف دائماً إلى الجانب المضيء من التاريخ. ومع تنامي اعترافات الدول الغربية الكبرى بالدولة الفلسطينية المنشودة، ثمّنت الإمارات هذه القرارات ودفعت إلى اتخاذها وتبنيها عبر سلسلة طويلة من المساعي الحميدة والاتصالات مع الشركاء الدوليين. ومن المؤكد أن التعاطف الدولي المتنامي مع الشعب الفلسطيني والرفض الصارخ للاحتلال الإسرائيلي وسياساته العدوانية، سيمثلان نصراً للقضية، وإقراراً بأن الظلم لن يدوم، وأن الأمن والاستقرار ممكن حين تكون الإرادة الدولية حازمة في حماية شعب يخضع للاحتلال، وعازمة على إعلاء القيم الإنسانية مبادئ القانون الدولي.
لا شك أن الشعب الفلسطيني قدّم في هذه الحرب تضحيات غير مسبوقة وخسر عشرات الآلاف من أبنائه في قطاع غزة. ولا شك أيضاً أن دماء الأبرياء واستغاثات الجياع والأرامل والأيتام لن تذهب هدراً، وأن العدالة ستنصف الفلسطينيين وإن كانت المعاناة طويلة وقاسية. وسيذكر التاريخ يوماً أن المأساة الصادمة في غزة قد أيقظت الضمير الإنساني، ولو متأخراً، وشكلت هبّة دولية غير مسبوقة للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني المشروعة وفي صدارتها إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.