«تَشوه في الفصل السابع».. تجربة شعرية لخلدون أُمنيعم

على الرغم من اشتباكه مع التراث تارة، والراهن والعيش تارة أخرى، غير أن شجون الذات، وشؤون القلب، تظلّ الفضاء الرئيسي، الذي يتحرّك في الشاعر الأردني الدكتور خلدون امنيعم، في مجموعته الشعريّة الجديدة «خَلَل في المشهد السَّابع».
صدرت المجموعة عن «الآن ناشرون وموزعون»، الأردن، يترك الشاعر امنيعم الأبواب المطلة على ذاته مشرعة أمام القارئ، الذي لن يجد صعوبة في اكتشاف تلك الذات، وعوالمها.
ولعل عناوين المجموعة تختزل الكثير مما يريد أن يقوله الشاعر في هذه المجموعة، وبعضها يكاد يكون قصيدة بحدّ ذاتها، وهي عناوين تدور في فلك الذات، والحب، ومنها: «دَمي غَيْمةٌ والمَدى جَسَدي»، «لماذا يَبْتلُّ العالمُ، كلّما رأيتُ غيمةً في سريري؟»، «كلّما حلمتُ بفراشةٍ احْترقَ جناحاها»، «روحي جَدْول صَغيرٌ يَسْقي سِنديانةً عَطْشى»، «غَدي ذاهبٌ إلى خصلةِ شعرِكِ البَيضاء»، «كَبُرْتُ، خُذي فَرسي واذْبحيها على مدخلِ البيت»، «سأفسحُ مكاناً لقبّرةٍ صغيرةٍ في صَدري»، «لغمٌ تحتَ قَدمي، قَبِّليني، وَامْضِي»، «سأسرقُ من عينيك جذوةً، الصّقيعُ يُداهمُني»…
يستهلّ امنيعم المجموعة ب«بيتُ الأنفاسِ الأخيرة»، وهي قصيدة تتكون من 33 مقطعاً شعرياً، لكل مقطع منها كينونته، وهي بمجملها تشكّل كينونة واحدة، كينونة الشاعر، ومنها نقرأ تحت عنوان «القَصيدةُ تَنْحرُ شاعرَها عَلى مَذْبَحِ امْرأةٍ مُكابِرةٍ»: «هكذا، إذن، يقولُ المُصابُ بالمجاز، تُباغِتُني المُفارقاتُ في رِحلةِ المَعنى، تَصطادُني كَصدّ عَيْنَي امْرأةٍ مُكابرةٍ، تَغوي قصيدةَ الشّاعرِ المُصابِ، الذي يَقولُ: القَصيدةُ تَنْحرُ شاعرَها عَلى مَذْبَحِ امْرأةٍ مُكابِرةٍ».
وتحت عنوان «لَوْ كُنْتُ اخْتَرْتُ صَديقاً لي»، يقدم الشاعر مجموعة من الحالات الوجدانية، والإنسانية، منها قوله:
«لَوْ كُنْتُ اخْتَرْتُ صَديقاً لي: أَختارُ الموتَ بِلا وَزْنٍ، بِيَدي يَدُهُ، نَمْشي في حَقْلٍ يُشْبِهُنا، وَنُرَتِّبُ سَهْرَةَ لَيْلَتِنا. قَمَرٌ في الشّرْفَةِ نَرْسُمُهُ، يَغوي امْرَأَةً في لَيْلاه..».
أما «خَلَلٌ في المَشْهدِ السّابع»، فجاءت بمثابة (فرجة شعرية)، عبر عدد من المشاهد، في كل مشهد ثمة عنوان، وقصيدة قصيرة، مكثّفة، وجارحة في الوقت نفسه، فهذا المشهد الأول يأتي تحت عنوان «امْرأةٌ عَتيقةٌ تَسْتندُ على شجرةٍ وحيدةٍ»، وتحته نقرأ:
«لماذا يُخيّلُ إِليَّ أنَّ المَرْأَةَ شَجرةٌ،
والشّجرةَ
جَمْهَرَةُ رِجالٍ».
أصدر امنيعم في النقد: «مرايا ونوافذ: قراءة في كتب التجارب الشعرية»، و«دوائر الخفاء: سيميائية الإشارة الصوفية في الخطاب الشعري الحديث»، وفي الشعر: «أرني أنظر إليك»، و«هسيس الرغبة»، وهو عضو رابطة الكتاب الأردنيين.