«النساء الرائدات في المسرح الإماراتي» في كتاب

يستعرض كتاب «رائدات المسرح الإماراتي» الذي صدر عن المكتب الثقافي بالمجلس الأعلى لشؤون الأسرة في الشارقة، للكاتب ظافر جلود، الجهود الخلاقة لأربع فنانات رائدات في مجال المسرح الإماراتي وهن: (رزيقة طارش، ومريم سلطان، وموزة المزروعي، وسميرة أحمد)، حيث كان لإصرار الفنانات على التميز، ودعم الدولة لهن دور كبير في تحقيقهن للنجاح.
يتتبع الكتاب مسيرة الفنانات الرائدات في انطلاقة المرأة في المسرح ممثلة ومخرجة وكاتبة، ومع تطور حركة المهرجانات المسرحية صار هناك مجال للحديث عن دماء جديدة شكلت رافداً في رسم ملامح المشهد المسرحي في الإمارات.
فالكتاب يوثق للمراحل الصعبة التي استطاعت المرأة أو الفنانة في الإمارات تجاوزها لتحقيق النجاح.
لقد كان المسرح في الإمارات سباقاً بين سائر الفنون الدرامية في إثبات إبداع المرأة دون بقية الفنون والآداب الأخرى، وسجل حضورها المتميز، منذ نهاية الخمسينات حتى بداية السبعينات، وفي هذه الفترة سجلت المرأة حضوراً لافتاً في المسرح، ولكن مع ظهور التلفزيون استأثر بأكثرهن، وتؤشر الوثائق التي استند عليها المؤلف أن أول مشاركة جادة ومباشرة من قبل الفنانات المذكورات بدأت من خلال المسرح ثم الإذاعة والتلفزيون، وتشير الفنانة الرائدة الراحلة رزيقة طارش إلى أن تلك الفترة تعتبر من السنوات المتعبة على كافة الصعد، سواء على المستوى العائلي أو الاجتماعي، حيث بدأت طارش في الظهور من خلال الإذاعة ولكن هذا لم يمنعها من متابعة الطريق وتوسيع الهامش بشكل جعلها تعمل في السينما والتلفزيون أيضاً.
وإذ استطاعت الفنانة القديرة سميرة أحمد منذ تلك الفترة أن تشكل حضوراً استثنائياً للممثلة الإماراتية عبر حضورها للعديد من المهرجانات وتتويجها أهم ممثلة في مهرجان قرطاج الدولي في نهاية الثمانينات من خلال مسرحية «مقهى أبو حمدة» إلا أن بداياتها كذلك كانت صعبة، وفي هذا تقول: «في كل مرة يطرح فيها موضوع مشاركتنا الأولى في المسرح المحلي أتذكر في شريط سينمائي سريع ما كان يحدث معي في تلك الأيام التي زينت بالتعب والتحدي والشقاء وربما بعد فترة من الزمن يصبح للعذاب لذة الذاكرة ومتعة الخوض في تفاصيله».
أما الفنانة موزة المزروعي فإن تجاربها أخذت تصقل موهبتها، يوماً بعد آخر، فغدت حاضرة ومؤثرة في الساحة الإبداعية المسرحية الإماراتية، وهكذا عاصرت جملة أحداث وتغيرات كان من بينها معايشتها ومواكبتها فترة التأسيس في مسرح دبي الشعبي. كما عاصرت مراحل بدايات تأسيس المسرح الإماراتي تحديداً في عقدي الستينات والسبعينات من القرن الماضي. وعملت مع معظم المسرحيين الشباب الذين يمثلون المراحل المختلفة في نشوئه وتطوره، أمثال: يوسف يعقوب، أحمد الأنصاري، عبد الله صالح، جمعة غريب، محمد سعيد، المرحوم إسماعيل محمد، عادل إبراهيم، عبيد علي، سميرة أحمد.
يسلط الكتاب الضوء على تجربة الفنانة مريم سلطان التي استحقت لقب أم المسرحيين، فهي نموذج نبيل للرائدات في مسرح الإمارات، وهي من الرائدات اللواتي قدمن الكثير خدمة للمسرح وتعزيزاً لدوره، فدفعت من حياتها وشبابها من أجله دون أي مغنم مادي.
يشير مؤلف الكتاب بأنه لا يستطيع أن يوفي هؤلاء الرائدات المسرحيات في الإمارات، كامل حقهن.. فهن جديرات بكل ثناء وتقدير وتبجيل، لما حققنه من إنجازات كانت تعد مستحيلة في زمنهن وكل واحدة منهن سطرت بحروف من ذهب، قصة عذبة عبر مسيرتها الإبداعية.