ضرورة وجود «فلسطين كدولة» | افتتاحية الخليج

لم تجدِ الضغوط الأمريكية نفعاً في الحؤول دون انعقاد المؤتمر الدولي لتسوية القضية الفلسطينية في نيويورك، ولا استطاعت إسرائيل برفضها قيام «الدولة الفلسطينية»، أن تحول دون تعاظم موجة الاعتراف بفلسطين في إطار حل الدولتين.
المؤتمر، انعقد بحضور ممثلي أكثر من مئة دولة، واختتم أعماله بوثيقة ختامية كانت بمنزلة خارطة طريق من أجل تسوية لتحقيق السلام العادل والشامل للقضية الفلسطينية التي باتت تشكل مصدر تهديد دائم للمنطقة والعالم، وتؤرق الضمير العالمي جراء ما تمارسه إسرائيل من حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني.
لم يعد مبرراً أبداً السماح لإسرائيل والولايات المتحدة بعرقلة قيام الدولة الفلسطينية، ولم يعد مبرراً أن يظل الشعب الفلسطيني وحيداً من بين كل شعوب الأرض بلا دولة يعاني التشريد والتهجير والقتل والتمييز العنصري.
«لقد حان الوقت للانتقال من محاولات احتواء الصراع إلى معالجة جذوره»، هكذا حددت دولة الإمارات موقفها خلال المؤتمر الذي عقد برعاية سعودية- فرنسية، حيث أعلن خليفة شاهين المرر، الذي ترأس وفد دولة الإمارات في المؤتمر أن «الاعتراف بالدولة الفلسطينية يتعاظم يوماً بعد يوم»، مؤكداً أن «جهودنا في هذا المؤتمر لرسم مسار واضح لتحقيق حل الدولتين يجب ألاّ تطغى على الأولوية القصوى الواضحة اليوم للعمل على وقف الكارثة الإنسانية المأساوية الجارية في قطاع غزة، واستمرار تدهور الأوضاع في الضفة الغربية»، مشدداً على أهمية الدفع لخلق إرادة سياسية تؤمن بأن الحل السياسي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، على أساس حل الدولتين هو الخيار الوحيد الواقعي الذي يقود إلى السلام المستدام، عبر عملية تفاوضية جادة بين الأطراف وبرعاية إقليمية ودولية.
من هذا الفهم العميق للصراع ووسائل حله، صدرت وثيقة المؤتمر المؤلفة من 42 بنداً، التي تدعو إلى «العمل الجماعي لإنهاء الحرب في غزة وتحقيق تسوية عادلة وسلمية ودائمة للنزاع الفلسطيني- الإسرائيلي قائمة على التنفيذ الفعّال لحل الدولتين، وبناء مستقبل أفضل للفلسطينيين والإسرائيليين وجميع شعوب المنطقة»، كما تم التحذير من أن «غياب التدابير الحاسمة في اتجاه حل الدولتين وضمانات دولية راسخة سيؤدي إلى تعميق النزاع وإبقاء السلام الإقليمي بعيد المنال»، كذلك تم التأكيد على أن «الحرب والاحتلال والإرهاب والتهجير القسري لن تؤدي إلى تحقيق السلام أو الأمن، وأن الحل السياسي وحده كفيل بذلك، وأن إنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلي وتنفيذ حل الدولتين هما السبيل الوحيد لتلبية التطلعات المشروعة للإسرائيليين والفلسطينيين وفقاً للقانون الدولي»، وأكدت الوثيقة أن حل الدولتين يتحقق من خلال «إجراءات عملية وفي أسرع وقت ممكن، لإقامة دولة فلسطين مستقلة ذات سيادة وقابلة للحياة اقتصادياً وديمقراطية، تعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في سلام وأمن، وذلك في إطار مسار محدد زمنياً، وصولاً إلى إبرام وتنفيذ اتفاق سلام عادل وشامل، وفقاً لقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة ومرجعيات مدريد، بما في ذلك مبدأ الأرض مقابل السلام، ومبادرة السلام العربية».
اتخذ هذا المؤتمر زخماً دولياً لافتاً من خلال حجم المشاركة فيه وتعاظم التأييد لقيام دولة فلسطينية، بعدما أعلن رئيس وزراء بريطانيا كير ستارمر، وعلى خطى الرئيس الفرنسي ماكرون، أن بريطانيا ستعترف بدولة فلسطين أيضاً في الأمم المتحدة الشهر المقبل «ما لم تتخذ إسرائيل خطوات جوهرية لإنهاء الوضع المأساوي المزري في غزة، وتقبل بعملية سلام طويلة الأمد تهدف إلى حل الدولتين»، كما أعلنت أستراليا ونيوزلندا وفنلندا ولوكسمبورغ ومالطا والبرتغال وسان مارينو استعدادها للاعتراف بدولة فلسطين في الجمعية العامة للأمم المتحدة.
وحدها الولايات المتحدة، أعلنت رفضها لوثيقة مؤتمر نيويورك حول الدولة الفلسطينية، مستخدمة لغة اليمين الإسرائيلي المتطرف، فقد زعمت المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية بأن المؤتمر «يعطل الجهود المبذولة لتحقيق السلام في الشرق الأوسط».. والسؤال: أين هذه الجهود؟ ومع من؟ وكيف؟