تايلاند تُسْتَخْرِج 100 ألف مدني وتُنذِر من احتمال نشوب حرب شاملة مع كمبوديا

حذرت تايلاند من تحول الاشتباكات الحدودية مع كمبوديا إلى حرب شاملة، وأعلنت أمس الجمعة فرض الأحكام العرفية في ثماني مناطق حدودية، في ظل تصاعد حدة القتال، بينما بدأت السلطات بإجلاء عشرات الآلاف من السكان القريبين من خطوط التماس. في حين، أعربت واشنطن عن قلقها العميق إزاء التصعيد ودعت إلى وقف الاشتباكات فوراً وحماية المدنيين وحل الخلافات بالطرق السلمية.
وأعلنت السلطات التايلاندية، فرض الأحكام العرفية في ثماني مناطق حدودية مع كمبوديا، في تصعيد لافت يعكس تنامي المخاوف من تحول الاشتباكات الجارية بين البلدين إلى حرب شاملة.
وقال رئيس الوزراء التايلاندي بالوكالة بومتام ويشاياشاي: إن الاشتباكات الحدودية التي اندلعت مجدداً بين البلدين قد تتطور إلى «حرب»، إذا ما استمر التصعيد الحالي.
وأضاف ويشاياشاي في مؤتمر صحفي بالعاصمة بانكوك: «إذا ما شهد الوضع تصعيداً، فهو قد يتحول إلى حرب، حتى لو كانت الأمور تقتصر الآن على اشتباكات.»
من جانبه قال أبيشارت سابراسيرت، قائد قيادة الدفاع الحدودي للجيش في تشانثابوري وترات: إن الأحكام العرفية «دخلت حيز التنفيذ» في سبع مناطق بمقاطعة تشانثابوري، ومنطقة واحدة في ترات، في مسعى للسيطرة على الوضع الميداني المتدهور.
وأكد الجيش التايلاندي أن المعارك اندلعت في 12 موقعاً على طول الحدود المتنازع عليها، مشيراً إلى اتساع رقعة المواجهات مقارنة باليوم السابق، حيث سُجلت اشتباكات في ستة مواقع.
من جانبه، قال المتحدث العسكري الأدميرال سوراسانت كونجسيري: إن الجانب الكمبودي واصل استخدام الأسلحة الثقيلة في الهجمات، بينما ردت القوات التايلاندية بضربات جوية استهدفت مواقع عسكرية داخل كمبوديا.
وبحسب بيانات رسمية تايلاندية، أسفرت المعارك حتى الآن عن مقتل 14 شخصاً على الأقل، بينهم 13 مدنياً وعسكري واحد، في أخطر تصعيد تشهده العلاقات بين البلدين منذ نحو 15 عاماً وقالت بانكوك: إن كمبوديا قصفت أراضيها بالصواريخ والمدفعية، بينما شنت المقاتلات التايلاندية غارات على أهداف عسكرية كمبودية.
وفي ظل تصاعد العنف، أعلنت السلطات التايلاندية إجلاء عشرات آلاف السكان من المناطق الحدودية. وقالت وزارة الداخلية: إن نحو من 100 ألف شخص (100,672) نقلوا إلى مراكز إيواء في أربع مقاطعات حدودية، فيما أعلنت وزارة الصحة إجلاء أكثر من 138 ألف مدني من مناطق الاشتباكات الواقعة في شمال شرق البلاد.
وفي محاولة لاحتواء التوتر، عبّر رئيس وزراء كمبوديا هون مانيت عن دعمه لاقتراح قدمه رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم لوقف إطلاق النار وكتب هون في منشور عبر فيسبوك أن «مفتاح حل الصراع المسلح الدائر بين تايلاند وكمبوديا هو الرغبة الحقيقية من الجانب التايلاندي في قبول وقف إطلاق النار» لكن تايلاند سحبت تأييدها المبدئي للمقترح، ما أعاق الجهود الإقليمية الرامية إلى التهدئة.
وتترأس ماليزيا حالياً رابطة أمم جنوب شرقي آسيا (آسيان)، التي تضم في عضويتها كلاً من تايلاند وكمبوديا وقد سعت إلى أداء دور الوسيط، إلى جانب كل من الصين والولايات المتحدة، لكن هذه المحاولات قوبلت بالرفض من قبل بانكوك.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية التايلاندية نيكورنديج بالانكورا لوكالة رويترز: إن بلاده ترفض الوساطة من أي طرف ثالث، مضيفاً: «لا أعتقد أننا بحاجة حالياً إلى أي وساطة من دولة ثالثة» ومشدداً على رغبة تايلاند في تسوية النزاع عبر المحادثات الثنائية فقط.
بدورها، عبّرت وزارة الخارجية الأمريكية عن «قلقها العميق» من التصعيد بين الجانبين، مؤكدة في بيان على ضرورة «وقف الاشتباكات فوراً وحماية المدنيين وحل الخلافات بالطرق السلمية».
وأصدرت كوريا الجنوبية تحذيراً لمواطنيها من السفر إلى المناطق الحدودية بين تايلاند وكمبوديا، في ضوء تصاعد القتال والخشية من تفاقم الوضع الأمني بشكل أكبر.
ويبلغ طول الحدود بين البلدين نحو 800 كيلومتر، وتاريخياً كانت موضع خلافات متكررة تسببت في اشتباكات متقطعة، لكن التصعيد الحالي يُعد الأخطر منذ نزاع عام 2008 حول معبد برياه فيهير المتنازع عليه. (وكالات)