اترك المجهول للمغيبين! | صحيفة الخليج

د. إيمان الهاشمي
لا تُرهق وَجْدك بطرقاتٍ لم تصلها بَعْد، ولا تمنّي نفسك بأوهامٍ من الوعد، ولا تُحمّل وجودك حِمل غدٍ لم يُولد، لأنك ستجد في رأسكَ ما لا يمكن أن يوجد، فالمستقبل سحابٌ لا تملك لونه، ولا تعرف حقيقة ماهيته أو كونه! ولا تدري أيّ مطرٍ منه سيسقيك، أو أي عاصفة فيه ستبقيك! وبالتالي لا تترك فكرك ظمآنَ على ضفاف الانتظار، لأنك تُخطّط بصدق وتجتهد بعيداً عن الأنظار، لكنك لا تعلم مصيرك ولا تضمن الخير فيه من الضار، فكم من بابٍ ظننته صنع من أجلك ثم أبى أن يفتح، وكم من طريقٍ لم يخطر ببالك ثم جاءك لتفرح، فإذا به يحمل رزقك ونصرك ونجاتك، وكأن الله تعالى قد استجاب لمناجاتك، ولهذا دع الغيب للغائب، ولا تترقب المصائب! وازرع يومك بثقة، وعش القسوة برقة، فإن ما كُتب لك سيجدك حتماً ولو كنت نائماً، وما لم يُكتب لك لن تناله ولو خرجت تطلبه بعمرين هائماً!!
ابن طاهر أو أبو منصور الحسين ابن زيلة، حمل عدة أسماء معه وما باليد حيلة، فارسي الدم وأصفهاني الأصل والمولد، وقيل مجوسي المذهب ولكنّ أحداً لم يُؤكِّد، حكيمٌ وطبيب، وكاتبٌ وأديب، ذاع ذكره لبراعته في الرياضيات ومهارته في الإنشاء، حيث كان يصوغ أجمل العبارات كيفما يشاء، تتلمذ على يد ابن سينا وأصبح أشهر تلامذته النجباء، وربما أشدهم في الفطنة والذكاء، شرح رسالة حي بن يقظان بكل دهاء، وله كتاب «في النفس» كتبه بسخاء، وكذلك «الاختصار من طبيعيات الشفاء»، ولكن يبقى كتابه «الكافي في الموسيقى» الأجدر بالثناء، حيث يتضمن الكتاب بحثاً مطولاً عن الأنغام المتآلفة والمتضافرة، ومقارنتها بحركات النغمات النافرة والمتنافرة، وأيضاً تفصيلاً آخر عن علم الإيقاعات وخطواتها المسافرة، على خطوط القلوب الجوية، لتكون النبضات هي الهوية، وهكذا وجد (ابن زيلة) في الموسيقى ألف وسيلة، كما صنع من الألحان أهم عشيرة وأكبر قبيلة، إلى أن عُرف باسم «الحكيم»، نسبة إلى قدرته الرائعة في التقسيم، ونظرته المتفردة في التنظيم، وأسلوبه في تفسير المفاهيم، وللأسف شاء القدر أن توافيه المنية سريعاً في بداية عمر الكهولة، حيث توفي تاركاً خلفه معلومات مهمة ومهولة.
جاء عن لسانه: (لا تفكر في الأمور المستقبلية، فإنك لا تدري ما يأتيك منها، وما لا يأتيك!)
الاسـم: ابن زيلة
النشاط: موسيقي
الجنسية: عراقي
التاريخ: غير معروف
من أعماله: أغنية حديثة مبتكرة تحكي عن العصر العباسي