«زايد: آفاق شعرية بلا حدود» – ثلاثية الحب والنخلة والصحراء «2» | يوسف أبو لوز

«زايد: آفاق شعرية بلا حدود» – ثلاثية الحب والنخلة والصحراء «2» | يوسف أبو لوز

في الجزء الثاني من كتاب «زايد عوالم شعرية سقفها المدى»، يقدّم علي أبو الريش قراءة جمالية أدبية لمحاور عدّة في هذا الجزء، وتستند دائماً قراءته إلى ثقافة فلسفية تضيء على المفاهيم التي يتابعها في شعر الشيخ زايد وهي هنا: الذائقة والحب والوطن، والمشاكاة، والعادات، والصحراء.

يحدد علي أبو الريش المفهوم الذي يقع في إطار قراءته الجمالية، ثم يبحث عن ملامح هذا المفهوم في شعر الشيخ زايد، وفي إطار هذا المنهج يفرد نحو 50 صفحة لمفهوم «الذائقة» التي يستشعرها الإنسان في الطبيعة، ومن مكونات هذه الطبيعة، الصحراء، أو ذائقة الصحراء، وعموماً، ذائقة المكان الإماراتي المؤثث بالجماليات الأرضية الفطرية، ومن رموز هذه الجماليات شجر الغاف، وغيرها من رموز مكانية يتابعها المؤلف في شعر الشيخ زايد.

علي أبو الريش يحدّد المفهوم المكاني، أو العلامة المكانية، ويشير إلى جماليات ذائقتها ثم يأتي بأمثلة على كل ذلك من شعر الشيخ زايد، وهو شعر نبطي محمّل بلغة عربية فصحى، أي أن النبطي في شعر الشيخ زايد إنما يقوم على لغة عربية أصيلة فصيحة، وهو أمر معروف في الشعرين النبطي والفصيح، ففي النبطي فصحى، وفي الفصحى نبطي، ونجد هذه المعادلة الجمالية واللغوية في شعر الشيخ زايد.

شعر الشيخ زايد هو شعر المكان بكل أصالته وتراثه وعلاماته الغنائية الموجودة في الصور الشعرية، ويوضح علي أبو الريش هذه الفكرة بقوله: «جمال الصورة الشعرية في قصيدة الشيخ زايد تعبّر عن مشاعر شاعر كتب له أن يكون دوماً في قلب الذائقة، واصفاً، متأملاً، وصائغاً المعنى من خيوط الرمل الذهبي».

نلاحظ هنا أن لغة علي أبو الريش هي في حدّ ذاتها لغة شعرية في هذا البحث الجمالي في شعر الشيخ زايد، ونلاحظ أيضاً تعدد الصور الشعرية التي يتذوّقها المرء في شعر الشيخ زايد، وهي صور محدّدة بكلمات قليلة، الأمر الذي يطبع شعر الشيخ زايد بالتكثيف، والتركيز، والدقة الإبداعية في المبنى والمعنى.

أفكار غزيرة يستولدها علي أبو الريش من النص الشعري المتعدد الصور في قصيدة الشيخ زايد، ودائماً لا يفرّط أبو الريش بلغته الشعرية في قراءته، ويذهب إلى تعريف المفاهيم الشعرية بلغتها وبروحها. هو يقول عن المشاكاة بأنها تحدث بين اثنين «عندما يكون الجدول ممتلئاً بالماء، وعندما تكون الشجرة تزخر بالثمرات، فتؤمّها العصافير، وترتاح الأعشاش بين الأغصان».

هذه اللغة الشعرية في نصّ علي أبو الريش لها ما يبررها تماماً في هذا البحث، فهو يتبع طبيعة الشعر الذي يقرؤه، وبالتالي، فهو أمين على روح هذا الشعر ومعطياته الجمالية.

شعر الشيخ زايد كما نقرؤه ببوصلة علي أبو الريش هو شعر جماليات، وأخلاقيات، وقيم، وثقافة تصقل روح الإنسان وتحوّله إلى كائن شفاف، مؤمن، وجميل بقلبه وروحه وعقله المبدع.

ومرة ثانية، تأتي هذه القراءة في الإطار الثلاثي الذي قام عليه الكتاب: الحب، النخلة، الصحراء. يتبع غداً.

[email protected]