ترامب: العرض النهائي لإنهاء الصراع في غزة.. ونتنياهو: الدولة الفلسطينية تمثل تهديداً لنا.

واشنطن – أ ف ب
استقبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، المصمّم على إنهاء الحرب في غزة، مساء الاثنين في البيت الأبيض رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي أبلغ مضيفه أنّه رشّحه لنيل جائزة نوبل للسلام، وبينما أكد سيد البيت الأبيض على أن عرضه الحالي لإنهاء الحرب قد يكون الأخير، شدد نتنياهو على رفضه وجود دولة فلسطينية واعتبر أنها ستكون منصة لتدمير الدولة العبرية.
وفي خضمّ المحادثات غير المباشرة الجارية بين إسرائيل و«حماس» في الدوحة، أفاد الدفاع المدني في غزة بأنّ 14 فلسطينياً على الأقلّ، قتلوا وأصيب عشرات آخرون في غارات جوية إسرائيلية الثلاثاء. وخلال لقائه نتنياهو مساء الاثنين، أعرب ترامب عن ثقته في أنّ «حماس» تريد التوصّل إلى وقف، لإطلاق النار مع إسرائيل.
ورداً على سؤال عمّا إذا كانت المعارك الدائرة في القطاع بين إسرائيل والحركة الفلسطينية ستؤدّي إلى تعطيل المحادثات الجارية بين الطرفين للتوصّل إلى هدنة، قال ترامب للصحفيين في البيت الأبيض «إنّهم (حماس يريدون اجتماعاً ويريدون وقف إطلاق النار هذا».
وأجاب ترامب على أسئلة الصحفيين في مستهلّ عشاء في البيت الأبيض مع نتنياهو، والوفد المرافق له.
– «لا عائق»
وردّاً على سؤال بشأن السبب الذي حال حتى الآن دون إبرام هذه الهدنة، قال ترامب: «لا أعتقد أنّ هناك عائقاً. أعتقد أنّ الأمور تسير على ما يرام».
وترامب الذي يؤكّد التزامه بالعمل لإنهاء الحرب في غزة، استقبل نتنياهو في الوقت الذي تستضيف فيه الدوحة محادثات غير مباشرة بين الدولة العبرية وحركة «حماس» للتوصل إلى وقف لإطلاق النار بين الجانبين.
من جهته، استبعد نتنياهو، مجدّداً قيام دولة فلسطينية كاملة، مشدّداً على أنّ الدولة العبرية ستحتفظ «دوماً» بالسيطرة الأمنية على غزة.
وقال نتنياهو: «الآن، سيقول الناس إنها ليست دولة كاملة، إنها ليست دولة، هذا لا يهمّنا».
وكانت المتحدثة باسم الرئاسة الأمريكية كارولاين ليفيت استبقت اللقاء بين ترامب ونتنياهو بالقول: إنّ «الأولوية القصوى في الشرق الأوسط للرئيس هي إنهاء الحرب في غزة، وضمان عودة الرهائن». وأضافت أنّ المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف سيسافر إلى الدوحة في وقت لاحق من هذا الأسبوع.
وكان ترامب قال الأحد، إنّ هناك «فرصة جيّدة» للتوصل إلى اتفاق «هذا الأسبوع».
ويأتي الاجتماع بين ترامب ونتنياهو في الوقت الذي عقدت فيه إسرائيل و«حماس» في الدوحة يوماً ثانياً من المحادثات غير المباشرة الرامية، للتوصل إلى وقف لإطلاق النار.
وبينما كان ترامب ونتنياهو مجتمعين، احتشد عشرات المتظاهرين قرب البيت الأبيض، مردّدين شعارات تتهم نتنياهو بارتكاب «إبادة جماعية» في القطاع الفلسطيني. ومنذ الأحد، عُقدت في الدوحة جولتان من المحادثات غير المباشرة بين إسرائيل و«حماس»، وفق مصادر فلسطينية قريبة من المفاوضات.
وقال مسؤول فلسطيني مطلع على المحادثات الرامية للتوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة: «انتهت بعد ظهر اليوم جلسة المفاوضات غير المباشرة بين حماس وإسرائيل في الدوحة» لافتاً إلى أنه «لم يتم تحقيق اختراق في اللقاء الصباحي لكن المفاوضات سوف تستمر».
وأضاف أن حماس «تأمل التوصل لاتفاق».
والأحد، رأى ترامب أن هناك «فرصة جيدة» للتوصل إلى اتفاق.
وقال للصحفيين: «نجحنا في إخراج العديد من الرهائن، ولكن في ما يتعلق بالرهائن المتبقين، فسيتم إخراج عدد لا بأس به منهم. ونتوقع أن يتم ذلك هذا الأسبوع».
من جانبه، قال نتنياهو للصحفيين في مطار بن غوريون قبل توجهه إلى واشنطن: «أعتقد أنّ المحادثة مع الرئيس ترامب يمكن أن تُسهم بالتأكيد في دفع هذا الهدف الذي نتمناه جميعاً».
ويسعى ترامب إلى التوصل إلى هدنة في قطاع غزة الذي يشهد وضعاً إنسانياً كارثياً، بعد 21 شهراً من الحرب المدمرة.
وتتعلق محادثات الدوحة التي تعقد بوساطة مصرية وقطرية وأمريكية بـ«آليات تنفيذ» اتفاق وقف إطلاق النار، و«تبادل» رهائن محتجزين في غزة بفلسطينيين معتقلين في إسرائيل، بحسب مسؤول فلسطيني.
وأشار المسؤول الفلسطيني إلى أنّ «وفد حماس موجود في غرفة والوفد الإسرائيلي في غرفة أخرى في المبنى نفسه» في الدوحة.
– نوبل للسلام
وخلال لقائه ترامب أبلغ نتنياهو مضيفه أنّه رشّحه لنيل جائزة نوبل للسلام، مقدّماً للملياردير الجمهوري نسخة عن رسالة الترشيح التي أرسلها إلى لجنة الجائزة. وقال نتنياهو إنّ ترامب «يصنع السلام في هذه الأثناء، في بلد تلو الآخر، في منطقة تلو الأخرى».
وخلال السنوات الماضية تلقّى ترامب من مؤيّدين ومشرّعين موالين له العديد من الترشيحات لنيل نوبل للسلام، الجائزة المرموقة التي لم يُخفِ يوماً انزعاجه من عدم فوزه بها.
وكثيراً ما اشتكى الرئيس الجمهوري من تجاهل لجنة نوبل النرويجية للجهود التي بذلها في حلّ النزاعات بين الهند وباكستان، وكذلك بين صربيا وكوسوفو.
كما يدّعي ترامب الفضل في رعاية الاتفاقيات الإبراهيمية الرامية لتطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية.
وخاض ترامب حملته الانتخابية كـ«صانع سلام» يستخدم مهاراته التفاوضية، لإنهاء الحروب، ولا سيما في أوكرانيا وقطاع غزة، لكنّ هذين النزاعين لا يزالان مستعرين رغم مرور أكثر من خمسة أشهر على عودته إلى البيت الأبيض.
وفي اجتماعهما، تطرّق ترامب ونتنياهو أيضاً إلى البرنامج النووي الإيراني، بعد وقف إطلاق النار الذي دخل حيّز التنفيذ في 24 يونيو/ حزيران الماضي، إثر حرب استمرت 12 يوماً، وشهدت مشاركة الولايات المتحدة في ضرب منشآت نووية إيرانية.
والاثنين قال مسؤول إيراني في مقابلة مع التلفزيون الرسمي، إن حصيلة قتلى الحرب في إيران ارتفعت إلى 1060.
وكانت مصادر فلسطينية أفادت، بأنّ المقترح الجديد لإنهاء الحرب «يتضمن هدنة لستين يوماً، وإفراج حماس عن نصف الأسرى الإسرائيليين الأحياء في مقابل إفراج إسرائيل عن أعداد من الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين».
ووفق هذه المصادر، فإنّ التغييرات التي تطالب بها «حماس» تتعلق بشروط انسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، والضمانات التي تسعى إليها لوقف الأعمال القتالية بعد ستين يوماً، واستعادة الأمم المتحدة والمنظمات الدولية المعترف بها المسؤولية عن توزيع المساعدات الإنسانية.
ميدانياً، أعلن الجيش الإسرائيلي الثلاثاء، أنّ خمسة من عناصره قتلوا في معارك في شمال غزة. وأضاف الجيش في بيان، أنّ جنديّين آخرين أصيبا بجروح خطرة خلال الاشتباك نفسه.
وأتاحت هدنة أولى لأسبوع في نوفمبر/ تشرين الثاني 2023، وهدنة ثانية لنحو شهرين في مطلع 2025 الإفراج عن عدد من الرهائن في مقابل إطلاق سراح سجناء فلسطينيين. ومع عدم التوصل إلى اتفاق للمرحلة التالية بعد الهدنة، استأنفت إسرائيل هجماتها على قطاع غزة، وكثّفت عملياتها العسكرية في 17 مايو/أيار الماضي، بهدف القضاء على حركة «حماس».
وقُتل 14 شخصاً في إطلاق نار أو ضربات إسرائيلية على قطاع غزة الثلاثاء.
في تل أبيب، تجمّع مساء الاثنين عشرات الأشخاص بينهم أقارب رهائن محتجزين في غزة، أمام المقر الرئيسي للسفارة الأمريكية في إسرائيل لمطالبة ترامب بالتوصل إلى وقف لإطلاق النار.
ورفع متظاهرون الأعلام الأمريكية وصور الرهائن ولافتة كبيرة كتب عليها: «أيها الرئيس ترامب، اصنع التاريخ، أعدهم جميعاً إلى الديار، ضع حداً للحرب».
ومنذ بدء الحرب في العام 2023، قُتل في غزة ما لا يقل عن 57523 فلسطينياً، معظمهم من الأطفال والنساء.