تحديث المنازل في الإمارات: نمط جديد يعكس الانتقال نحو الاستقرار المستدام

تحديث المنازل في الإمارات: نمط جديد يعكس الانتقال نحو الاستقرار المستدام

تشهد دولة الإمارات تحولاً لافتاً في نظرة المقيمين إلى العقار، حيث لم تعد المنازل يُنظر إليها كأصول مؤقتة أو أدوات استثمار فحسب، بل باتت تمثل امتداداً لحياة مستقرة وخيارات معيشية طويلة الأجل. ومع تصاعد هذا التوجه، باتت مشاريع تجديد المنازل القديمة وتصميمها بأسلوب معاصر تشهد إقبالاً متزايداً يعكس تغيراً جوهرياً في سلوك السكان والمستثمرين على حد سواء.
من محطة مؤقتة إلى وطن دائم
على مدى سنوات، ارتبطت الإقامة في الإمارات لدى كثير من المغتربين بمفاهيم العمل المؤقت وتكوين الثروة، مع توجه غالبيتهم نحو تحويل المدخرات إلى عقارات في بلدانهم الأم. غير أن المشهد تغير خلال العقد الأخير، مدفوعاً بجملة من الإصلاحات النوعية التي أطلقتها الدولة، شملت تسهيلات الإقامة طويلة الأمد، وتوسيع فرص التملك الحر، وتطور الخدمات الصحية والتعليمية، وصولاً إلى تعزيز جودة الحياة في مختلف إمارات الدولة.
نمو سوق التجديدات العقارية
في ظل هذا التحول، شهدت سوق التجديدات العقارية نشاطاً ملحوظاً، لا سيما في مشاريع التملك الحر التي تم إنشاؤها قبل أكثر من عقد، مثل “ذا جرينز” و”تلال الإمارات” و”سبرينغز” و”ذا ميدوز”، والتي بدأت وحداتها تظهر بعض علامات التقادم.
ووفقاً لتقديرات حديثة، يُتوقع أن تبلغ قيمة سوق تجديد العقارات في الدولة نحو 42.6 مليار دولار بحلول عام 2030، في مؤشر واضح على حجم الطلب المتنامي في هذا القطاع.
المقيمون يُعيدون تعريف الراحة المنزلية
يؤكد محمد فياز خازي، المدير الإداري لشركة “يورو سيستمز”، أن شركته لاحظت نمواً مطّرداً في الطلبات الواردة من عملاء يسعون إلى تجديد مساكنهم القائمة، مشيراً إلى تزايد الإقبال على حلول عصرية مثل أنظمة التظليل الذكية، وعزل الصوت، والهياكل المقاومة للماء، وتصاميم داخلية مخصصة.
وقال خازي: “الكثير من العملاء يفضلون البقاء في منازلهم الحالية بدلاً من الانتقال، نظراً لارتباطهم العاطفي بها، فضلاً عن التكلفة المرتفعة لتملك عقارات جديدة”.
وفي هذا السياق، يؤكد السيد روشان روهرا، الذي يمتلك فيلا في “ذا ميدوز”، أن قراره بالتجديد كان مدفوعاً برغبته في تهيئة منزل يعكس نمط حياته الراهن، قائلاً: “لم يكن التصميم الداخلي سيئاً، لكنه لم يعد يواكب تطلعاتنا. فضّلنا تحديث المنزل بدلاً من شراء عقار جديد، خاصة أننا ننوي الإقامة فيه لسنوات طويلة”.
ثقافة جديدة في التعاطي مع العقار
تعكس هذه التحولات بوضوح نشوء ثقافة جديدة للتملك العقاري في دولة الإمارات. فبينما كان التركيز سابقاً ينصب على العائد الاستثماري السريع، باتت الاعتبارات المعيشية، والتصميم طويل الأمد، وجودة الحياة هي العوامل الحاسمة في قرارات الأفراد.
ومع رسوخ هذا التوجه، يغدو من الطبيعي أن نرى مزيداً من العقارات القديمة تُعاد صياغتها بحلة جديدة، في مشهد يعكس ليس فقط تطور الذوق العام، بل نضج تجربة الحياة في الإمارات.