أمريكا: قضينا على برنامج إيران النووي ونتطلع للسلام، وليس لدينا رغبة في تغيير النظام.

أمريكا: قضينا على برنامج إيران النووي ونتطلع للسلام، وليس لدينا رغبة في تغيير النظام.

واشنطن – (أ ف ب)
أعلن وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث، الأحد، أنّ الضربات غير المسبوقة التي نفذتها بلاده على منشآت نووية رئيسية في إيران، «دمّرت» برنامج طهران النووي، مؤكداً في الوقت ذاته أنّ هذا الهجوم لا يهدف إلى تغيير النظام في الجمهورية الإسلامية، وذلك في خضم الحرب التي دخلت يومها العاشر بين إيران وإسرائيل.
ودان الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان «العدوان» الأمريكي، متهماً واشنطن بالوقوف خلف الهجوم الذي بدأته إسرائيل ضد بلاده الأسبوع الماضي، فيما اعتبر وزير خارجيته عباس عراقجي أنّ الولايات المتحدة وإسرائيل تجاوزتا «خطاً أحمر».
أضرار جسيمة
وأكد رئيس جمعية الهلال الأحمر الإيراني بير حسين كوليوند أنّ الضربات الأمريكية لم تسفر عن سقوط قتلى.
وفي أعقاب الضربات الأمريكية، أفادت وكالة إرنا للأنباء عن إطلاق 40 صاروخاً على إسرائيل، ما تسبّب في أضرار جسيمة وإصابة 23 شخصاً بجروح، وفق خدمة الإسعاف الإسرائيلية.
ومبدداً كل الشكوك بشأن تدخّل أمريكي في الحرب بين إيران وإسرائيل، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أنّ منشآت تخصيب اليورانيوم الرئيسية في إيران «دُمّرت بالكامل» في ضربات أمريكية.
وفيما تكرّر هذا الإعلان على لسان وزير الدفاع الأمريكي، قال في مؤتمر صحفي في البنتاغون، إنّ العملية «لم تستهدف القوات الإيرانية ولا الشعب الإيراني».
ترامب يسعى إلى السلام
وحثّ بيت هيغسيث قادة إيران على إيجاد مخرج من الصراع، مؤكداً أن الرئيس الأمريكي ترامب «يسعى إلى السلام وعلى إيران سلوك هذا الطريق».
وأوضح أنّ «هذه المهمة لم تكن تهدف إلى تغيير النظام».
واستهدفت الضربات الأمريكية موقع فوردو ومنشأتي نطنز وأصفهان النوويتين.
واعتبر نائب الرئيس الأمريكي جاي دي فانس أن الضربات الأمريكية أخّرت «إلى حد كبير» قدرة إيران على تطوير سلاح نووي، بينما أكد وزير الخارجية ماركو روبيو أنّ الهجوم جعل العالم أكثر أمناً، مقللاً من المخاوف من أنّه قد يُشعل نزاعاً أوسع نطاقاً.
في إسرائيل، أعلن الجيش أنّه يتحقق من نتائج الضربات على منشأة فوردو الواقعة في عمق الجبال على بعد 180 كيلومتراً جنوب طهران، مشيراً إلى أنه «من المبكر جداً» معرفة ما إذا تم تدمير مخزونات اليورانيوم المخصّب.
وبحسب تحليل أجرته وكالة فرانس برس لصور الأقمار الصناعية باستخدام بيانات من شركة «بلانيت لابس بي بي سي» (Planet Labs PBC) الأمريكية، يبدو أنّ الأرض في المكان تأثّرت بالضربات، بينما تغيّر لون الجبل عما كان عليه في 19 حزيران/يونيو.
وأعرب كلوديو هازان (62 عاماً) وهو مهندس كمبيوتر في القدس، لوكالة فرانس برس، عن أمله أن يؤدي التدخل الأمريكي إلى «تقصير» مدّة حرب «حتمية».
أكثر دقة وتدميراً
في ظل استمرار الحرب بين إسرائيل وإيران، تعرّضت ثلاث مناطق إسرائيلية بينها تل أبيب لقصف صاروخي الأحد.
وأعلنت القوات المسلحة الإيرانية أنها استهدفت مطار بن غوريون الدولي بالقرب من تل أبيب، واستخدمت «لأول مرة» صواريخ بالستية متعددة الرؤوس لشن ضربات «أكثر دقة وتدميراً»، وفق إرنا.
في حي رامات أفيف السكني بتل أبيب، خرج السكان من الملاجئ ليجدوا منازل ومباني مدمرة. وقال أفياد تشيرنيشوفسكي لوكالة فرانس برس «دُمر منزلنا بالكامل، ولم يبقَ شيء».
وعقب الهجوم الأمريكي، رفعت إسرائيل مستوى التأهب، وأعلن الجيش عن سلسلة جديدة من الضربات في إيران.
جاء ذلك فيما توعد الحرس الثوري الإيراني بجعل الولايات المتحدة «تندم» رداً على الهجمات.
وفي جنوب غرب إيران، سُمع دوي انفجار «ضخم» في محافظة بوشهر حيث تقع محطة لانتاج الطاقة النووية، بحسب ما أفادت صحيفة «شرق».
وأشارت الصحيفة إلى أنّ موقعين حول مدينة بوشهر «تعرضا لهجوم من لبجيش الإسرائيلي».
وأعلن الجيش الإسرائيلي أن طائراته الحربية استهدفت «عشرات» المواقع في أنحاء إيران، من بينها للمرة الأولى موقع صواريخ بعيدة المدى في محافظة يَزد وسط البلاد.
وقال الجيش في بيان إن «نحو 30 طائرة حربية ضربت عشرات الأهداف العسكرية في أنحاء إيران»، بينها «مركز قيادة صواريخ الإمام الحسين الاستراتيجي في مدينة يَزد حيث تم تخزين صواريخ خرمشهر البعيدة المدى».
وكانت وكالة تسنيم للأنباء أفادت بأن طائرات إسرائيلية «قصفت منشأتين لتخزين النفايات في منطقة يزد العسكرية، لكن (القصف) لم يتسبب في أضرار جسيمة».
«صنع السلام»
أثناء إعلانه عن ضرب منشآت تخصيب اليورانيوم الرئيسية في إيران، قال ترامب في تصريح من البيت الأبيض إن «على إيران أن تصنع السلام الآن»، وإلا «ستكون الهجمات المستقبلية أكبر وأسهل بكثير».
وأشاد ترامب بالهجوم الذي وصفه بأنه «ناجح جداً» على ثلاثة مواقع، قائلاً إن «حمولة كاملة من القنابل» أُسقطت على منشأة فوردو الواقعة تحت الأرض.
وهنأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ترامب بهذا الهجوم قائلاً إنه حصل «بالتنسيق الكامل» مع إسرائيل، ووصف ذلك بأنه «منعطف تاريخي» يساعد في «قيادة الشرق الأوسط» نحو السلام.
قبل بدء الهجوم الإسرائيلي الواسع على إيران في 13 حزيران/يونيو، استأنفت طهران وواشنطن محادثاتهما منذ نيسان/ابريل، بوساطة من سلطنة عُمان، للتوصل إلى اتفاق نووي، لكن المباحثات تعثرت على خلفية المطلب الأمريكي الذي رفضته إيران بوقف تخصيب اليورانيوم بالكامل.
من جانبه، قال وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي في كلمة على هامش اجتماع منظمة التعاون الإسلامي في اسطنبول، «لم يتبق خط أحمر لم تتجاوزه الولايات المتحدة وإسرائيل»، مضيفاً أنّ «الخط الأخير، والأكثر خطورة، حصل ليلة الأمس».
وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن قلقه إزاء «التصعيد الخطير»، بينما دانت دول عربية بشدّة الضربات الأمريكية معربة عن قلقها من تداعياتها الإقليمية.
لا خطر على السكان
تعقيبا على الهجمات الأمريكية، أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التابعة للأمم المتحدة عدم رصد أي زيادة في مستويات الإشعاع قرب المواقع، فيما أعلن مديرها العام رافايل غروسي عن عقد «اجتماع طارئ» الاثنين.
وأكدت إيران عدم وجود «أي خطر» على السكان المقيمين قرب المنشآت النووية المستهدفة.
وأعلن رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال دان كاين أنّ القوات الأمريكية استخدمت سبع قاذفات شبح من طراز «بي-2»، مشيراً إلى أن الهجوم لم يقابل برد من الدفاعات الإيرانية.
وكان دونالد ترامب قد صرّح الجمعة بأنه يمنح إيران مهلة أسبوعين «كحد أقصى» لتجنب أي ضربات أمريكية محتملة، لكنه قرر في النهاية الدخول في الحرب إلى جانب حليفته إسرائيل، مستنداً إلى تأكيد إسرائيل أن إيران على بُعد «أسابيع» أو «أشهر» من امتلاك سلاح نووي.
وكانت واشنطن قبل الهجمات الأخيرة قد اكتفت بتقديم مساعدة دفاعية لإسرائيل ضد الصواريخ الإيرانية.
ومدى عشرة أيام، هاجم الجيش الإسرائيلي مئات المواقع العسكرية أو المواقع المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، وقضى على قيادات عسكرية واغتال اثني عشر عالماً نووياً.
وردّت إيران التي تنفي أي رغبة في امتلاك أسلحة ذرية وتدافع عن حقها في برنامج نووي مدني، بوابل من المُسيّرات والصواريخ البالستية.
من الجانب الإيراني، خلّفت الحرب أكثر من 400 قتيل، معظمهم من المدنيين، وفق ما أعلنت وزارة الصحة السبت.
وأسفرت الهجمات الصاروخية الإيرانية على إسرائيل عن مقتل 25 شخصاً، وفق السلطات الإسرائيلية.