حكمة إماراتية لتهدئة التوترات | افتتاحية الخليج

لا شك في أن هذه المرحلة الحساسة والخطِرة التي تمر بها منطقتنا جراء الاستهداف الإسرائيلي لإيران، تتطلب رباطة جأش وحنكة دبلوماسية تساعد على تجاوز هذا الظرف، وتعيد الأمن والاستقرار إلى هذه المنطقة التي ذاقت ويلات الحروب والصراعات منذ عشرات السنين، وتنشد شعوبها، المتجذرة في حضارات عريقة، الأمن والاستقرار بعيداً عن التدخلات وعوامل التوتر.
دولة الإمارات العربية المتحدة بقيادة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، واكبت تطورات الأزمة منذ تفجرها، وأجرى صاحب السمو رئيس الدولة، سلسلة من الاتصالات الهاتفية مع عدد من قادة الدول الشقيقة والصديقة، منهم الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان، وقد أعرب سموه عن تضامن دولة الإمارات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية وشعبها خلال هذه الظروف، وشدد على تواصل الاتصالات والمشاورات المكثفة مع الأطراف المعنية بهدف تهيئة الأوضاع وخفض التصعيد. وهذا الموقف الإماراتي الصادق والصريح، عبر عنه سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية، بتأكيده على ضرورة إيجاد مقاربة دبلوماسية تقود الطرفين، إيران وإسرائيل، إلى التهدئة وإنهاء هذه المواجهة ومنعها من الانزلاق إلى منحنيات غير محمودة، ومن ذلك تحذير سموه من مخاطر القيام بخطوات غير محسوبة العواقب ومتهورة قد تتعدى حدود إيران وإسرائيل.
التوجه الإماراتي واضح الأهداف، ويعمل وفق القانون الدولي وسنن الأعراف الدبلوماسية، وفي إطار هذه المساعي، انضمت دولة الإمارات لبيان صادر عن عدد من الدول العربية والإسلامية، وتضمن رفضاً وإدانة للهجمات الإسرائيلية على إيران، ودعوة إلى حل الأزمات في المنطقة عبر الدبلوماسية والحوار والالتزام بمبادئ حسن الجوار. ولأن الأزمة خطِرة ومتعددة الأبعاد، فإن أنجع طريقة لحلها تقوم على تحرك عاجل ومنسق على المستويين الإقليمي والدولي، لتجنب مخاطر توسيع رقعة الصراع واحتواء انعكاساته على السِلم والأمن في المنطقة، وعلى المشهد الدولي بشكل عام. وضمان نجاح هذه المساعي يتطلب أيضاً قيام الأمم المتحدة ومجلس الأمن بتحمل مسؤولياتهما الكاملة في منع المزيد من التصعيد، وحماية دول المنطقة من تداعيات وخيمة وخطِرة.
منطقتنا، التي أنهكتها الصراعات والأزمات المتواصلة، لا تحتاج اليوم إلى حرب أخرى، إنما إلى تضامن دولي فعال وحكمة في التعامل مع الخلافات. كما أنها بحاجة إلى إنهاء كل أسباب التوتر، وأهمها حل القضية الفلسطينية والاستجابة إلى تطلع شعبها في إقامة دولته المستقلة. كما يجب إنهاء المأساة الإنسانية في قطاع غزة ووقف العدوان الإسرائيلي المستمر منذ أكثر من 20 شهراً، حتى تحول إلى حرب عبثية لا هدف لها غير قتل الأبرياء والاستئساد على الضعفاء.
المواجهة بين إيران وإسرائيل، يجب أن تتوقف قبل فوات الأوان، وعلى الأطراف المنخرطة فيها أو ذات الصلة أن تتحلى بضبط النفس، وتبحث عن طريق أسلم لتصفية الخلافات، فالحرب لا تحل المشاكل، بل تؤسس لأخرى، ولو بعد عقود من الزمن.