تحديات تواجه إسرائيل في إيران.. هل تستطيع أمريكا تحقيق الهدف؟

تحديات تواجه إسرائيل في إيران.. هل تستطيع أمريكا تحقيق الهدف؟

يقول خبراء، إن سيطرة إسرائيل على المجال الجوي الإيراني تذلل الكثير من العقبات أمام حملتها الموسعة لقصف أهداف إيرانية، لكن ليس من السهل توجيه ضربة قاصمة للمواقع النووية المدفونة على أعماق بعيدة دون انضمام الولايات المتحدة إلى الهجوم.

وفي حين ترد إيران على الهجمات الإسرائيلية بضربات صاروخية أسقطت قتلى في مدن إسرائيلية، أظهرت إسرائيل تفوقها العسكري والمخابراتي، حيث جابت طائراتها الحربية الشرق الأوسط وقصفت منشآت نووية إيرانية ومخازن صواريخ وأهدافاً أخرى فضلاً عن قتل عدد من القادة العسكريين والعلماء النوويين الإيرانيين.

وأكد عدد من المسؤولين العسكريين، الاثنين، ترسيخ التفوق الجوي فوق إيران. وشبّه الجيش سيطرته على الأجواء الإيرانية بهيمنته على المجال الجوي فوق ساحات صراع أخرى مع أعداء مثل حركة حماس في غزة وحزب الله في لبنان، حيث تواصل إسرائيل قصفها كما تشاء.

وقال رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو: إن سيطرة إسرائيل على المجال الجوي الإيراني «ستُغير قواعد اللعبة». وأكد مستشار الأمن القومي تساحي هنجبي أن الطيارين الإسرائيليين أصبحوا قادرين على العمل «ضد أهداف لا تُحصى» فوق طهران بفضل تدمير «العشرات والعشرات» من بطاريات الدفاع الجوي.

ولكن حتى مع إشادة المسؤولين الإسرائيليين بالأضرار التي لحقت حتى الآن بإيران، يُقرّ البعض علناً بأن إسرائيل لن تتمكن من القضاء على البرنامج النووي الإيراني تماماً ما لم تنضم الولايات المتحدة إلى الحملة بقاذفات استراتيجية قادرة على إسقاط ذخائر تستطيع اختراق مواقع مدفونة في أعماق الأرض.

وقال أندرياس كريج المحاضر البارز في كلية الدراسات الأمنية في جامعة كينجز كوليدج بلندن: إن إسرائيل حققت «الكثير من النجاحات العملياتية والتكتيكية دون شك، لكن ترجمة ذلك إلى نجاح استراتيجي يتطلب أكثر مما تستطيع القوة الجوية تحقيقه».

وأضاف كريج أن حتى أقوى القنابل الأمريكية الخارقة للتحصينات ربما تجد صعوبة في الوصول إلى المواقع الأكثر عمقاً في إيران، في حال قرر الرئيس دونالد ترامب الانضمام إلى الهجوم. وأشار إلى أنه قد يكون من الضروري نشر قوات خاصة مثل الكوماندوز على الأرض.

ويضيف أنه مع ذلك «يمكن لإسرائيل أن تتصرف الآن بكل حرية ودون رادع، ويمكنها أن تفعل ذلك على غرار ما فعلته في لبنان». وبدأت إسرائيل هجومها على إيران يوم الجمعة بزعم أن طهران على وشك إنتاج قنبلة نووية، وهو أمر نفت إيران دوماً السعي إليه من خلال برنامجها لتخصيب اليورانيوم.

ويقول الجيش الإيراني إنه تمكن من إسقاط طائرات حربية إسرائيلية، لكن إسرائيل تنفي ذلك وتؤكد عدم تعرض أي طاقم أو طائرة لأذى خلال تنفيذ المهام في إيران، وهي رحلة تمتد لنحو ثلاثة آلاف كيلو متر أو أكثر ذهاباً وعودة.

وقال مصدر دفاعي غربي رفيع المستوى إن الطائرات الحربية الإسرائيلية تتزود بالوقود فوق سوريا. وأضاف المصدر أن إسرائيل تعمل الآن في أجواء سوريا «بحرية شبه كاملة».

تكرار لما حدث في لبنان

هجوم إسرائيل الحالي على إيران يُعيد إلى الأذهان الحملة المدمرة التي شنتها العام الماضي على حزب الله في لبنان والتي قضت خلالها إسرائيل على كبار قادة الحزب، بمن فيهم أمينها العام حسن نصر الله في الأيام الأولى.

وقال مسؤولان أمريكيان الأحد، إن الرئيس دونالد ترامب رفض في الأيام القليلة الماضية خطة إسرائيلية لاغتيال الزعيم الأعلى الإيراني علي خامنئي.

ولم يستبعد نتنياهو استهداف خامنئي، قائلاً إن ذلك سينهي الصراع.

وفي تكرار لحملته في لبنان عام 2024، أصدر الجيش الإسرائيلي الاثنين، تحذيراً يدعو إلى إخلاء منطقة محددة في طهران، وقال في منشور على موقع «إكس»: إنه يعتزم استهداف «البنية التحتية العسكرية للنظام الإيراني» في العاصمة.

وقال مصدر مخابراتي في المنطقة إن إسرائيل شكلت شبكة «مثيرة حقاً للدهشة» من العملاء في طهران، مشبهاً عمليات الاغتيال التي استهدفت عدداً من كبار المسؤولين الإيرانيين بالضربات التي نالت من قيادات حزب الله. وقال المصدر إن قدرة إسرائيل على «اختراق طهران من الداخل» كانت مذهلة.

وقال جاستن برونك الباحث الكبير في مركز أبحاث (آر.يو.إس.آي) في لندن، إن إيران لا تملك «الكثير من الحلول التقنية» للتعامل مع طائرات إف-35 الإسرائيلية القادرة على شن حرب إلكترونية ضد أنظمتها المضادة للطائرات بدعم من طائرات إف-16 وإف-15 التي تحمل صواريخ باليستية دقيقة التوجيه.

ويقول المحلل الدفاعي التركي بارين كاياوغلو إنه يُنظر إلى إسرائيل منذ وقت طويل على أنها صاحبة اليد الطولى، بيد أن سرعة ونطاق وفاعلية ضرباتها، لا سيما ضد كبار القادة العسكريين الإيرانيين، فاجأت الكثيرين. وأضاف أن الجيش الإيراني بدا وكأنه «في غفلة».

ومع ذلك، أشار إلى التحديات التي تواجه إسرائيل، قائلاً إن سلاحها الجوي قد يجد صعوبة في الحفاظ على وتيرة عملياته الحالية بسبب الحاجة إلى تجديد مخزونات الذخيرة وصيانة الطائرات الحربية.

شحنات الأسلحة

في إبريل/نيسان، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بوصول شحنة قنابل ضخمة على نحو غير معتاد من الولايات المتحدة. وفي 17 إبريل من الشهر ذاته قال تقرير غير موثق المصدر لهيئة البث الإسرائيلية العامة (راديو كان) إن الشحنة تضمنت مئات القنابل، من بينها قنابل خارقة للتحصينات.

وخلال تبادل الهجمات بين الجانبين العام الماضي، قال مسؤولون إسرائيليون إن إسرائيل تمكنت من إلحاق أضرار بالدفاعات الجوية الإيرانية.

ومع بدء الهجوم الحالي، قالت إسرائيل إن قوات خاصة تابعة لجهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) موجودة على الأرض في إيران وإنها دمرت المزيد من أنظمة الدفاع الجوي الإيرانية. ورغم التفوق الجوي الإسرائيلي، أقرّ المسؤولون الإسرائيليون بأنه لا يمكن للجيش تعطيل البرنامج النووي الإيراني بالكامل، ما يؤكد وجود أهداف لا يمكن تدميرها تماماً.

وذكر مسؤول أمني إسرائيلي كبير سابق، أن الدعم العسكري الأمريكي ضروري لتدمير منشأة فوردو النووية، وهي أعمق منشأة إيرانية مدفونة تحت الأرض، بيد أن إسرائيل لا تعول على انضمام واشنطن إلى الهجوم.

وتقول إسرائيل إنها لم تستهدف منشأة فوردو -التي بُنيت أسفل جبل جنوبي طهران- بل استهدفت فحسب منشأتي نطنز وأصفهان.

لكن المسؤول الأمني الإسرائيلي السابق الذي رفض الكشف عن اسمه كي يتسنى له التحدث بحرية عن مسائل حساسة، قال إن إسرائيل ألحقت بالفعل أضراراً جسيمة بالبرنامج النووي الإيراني وهي أضرار وصفها بأنها كافية.

وأضاف المسؤول أنه إذا احتفظت إيران بعد انتهاء الصراع بأي قدرة على تخصيب اليورانيوم، دون وجود الأشخاص والمنشآت اللازمة للقيام بأي شيء ذي صلة، فسيكون ذلك إنجازاً كبيراً.

وقال ترامب أكثر من مرة إن بإمكان إيران إنهاء الحرب التي تتعرض لها بالموافقة على فرض قيود صارمة على برنامجها الخاص بتخصيب اليورانيوم.

وقالت إميلي هاردينج من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: إن الاعتقاد السائد يرى أن إسرائيل لا تستطيع القضاء تماماً على أجزاء البرنامج النووي الإيراني المدفونة في أعمق نقطة.

لكنها قالت إن «إسرائيل ألمحت بقوة إلى امتلاكها قدرات أكبر مما يوحي به هذا الاعتقاد السائد. على سبيل المثال، فإن القدرة على التحليق بحرية فوق الهدف تسمح بتنفيذ غارات متعددة يمكن أن تُلحق الكثير من الأضرار».