من رفح إلى الخرطوم.. مصر تتصدى لحرب خفية تُدار من وراء الكواليس

من رفح إلى الخرطوم.. مصر تتصدى لحرب خفية تُدار من وراء الكواليس

كتب صابر جمعة سكر:

فكشف العميد حاتم عاطف، المحلل السياسي والعسكري، عن ملامح ما أسماه “حرب الظل” التي تخوضها مصر بصمت وحزم، دفاعًا عن أمنها القومي، في مواجهة مشاريع تهجير وتفتيت تقودها إسرائيل عبر وكلاء داخل قطاع غزة.

خلايا صهيونية في رفح: خطر يقترب من الحدود

وقال «عاطف» في تصريح خاص لـ«الحرية»، أن إسرائيل تموّل وتسلّح جماعات مسلحة في رفح، على رأسها ميليشيا تُعرف باسم “أبو الشباب”، بهدف إرباك الأمن المصري ودفع القاهرة للقبول بمخططات تهجير فلسطينيين إلى سيناء. وبيّن أن هذه الجماعات ليست سوى واجهات استخباراتية سبق استخدامها في سيناء تحت غطاء تنظيم داعش، ويجري إعادة توجيهها الآن ضد مصر من بوابة غزة.

مصر تدعم غزة.. لا الفوضى

وأضاف، أن “القاهرة ثابتة في دعمها للقضية الفلسطينية، لكنها لا تتسامح مع أي تهديد للأمن القومي”، مؤكدًا أن مصر ترفض المتاجرة بالمقاومة لتبرير اختراقات أمنية.

وتابع: “موقف الدولة واضح، دعم الحقوق الفلسطينية دون السقوط في فخ الوكلاء والعملاء”.

الاحتلال يتفكك والمشهد يُعاد رسمه

وأشار إلى أن إسرائيل تمر بأزمة داخلية متفاقمة، تشمل تدهورًا اقتصاديًا، وتصدعات داخل الجيش، ومحاولات لإعادة رسم المشهد الفلسطيني عبر فصائل بديلة تُمهد لانسحاب “آمن” من غزة يخدم أجندتها الأمنية.

وعلّق: “نحن أمام حرب هندسية ناعمة تستهدف الوعي والميدان، تسعى من خلالها إسرائيل لتصدير الفوضى إلى حدودنا”.

إيران والنواة النووية: رسائل تحت الطاولة

وعلّق العميد عاطف على زيارة وزير الخارجية الإيراني إلى القاهرة، قائلًا إنها حملت رسائل استراتيجية خفية، أبرزها تسريب معلومات متعمدة عن البرنامج النووي الإسرائيلي، ضمن سياسة “توازن الردع”، مضيفًا: “لو خرجت هذه الرسائل من القاهرة، لكان وقعها الدولي مختلفًا تمامًا، وهو ما يعكس دقة تموضع مصر في لحظة إقليمية حساسة”.

مصر والمحور الجديد: الخليج، الصين، وروسيا

اعتبر العميد أن التحركات المصرية، وعلى رأسها زيارة الرئيس المصري إلى الإمارات بعد تنسيق مع موسكو وبكين، تعبّر عن تشكّل محور اقتصادي أمني جديد تلعب فيه مصر دور الموازن الإقليمي، ما يعكس ثقلها في حسابات القوى الكبرى.

السودان، ليبيا، والهجرة: بصمة مصرية صامتة

في العمق الإفريقي، أوضح العميد أن مصر تدير ملفات معقدة بهدوء، فقد قدمت دعمًا لوجستيًا للجيش السوداني دون كلفة مالية مباشرة، وأسهمت في إحباط مخطط تهجير مليون فلسطيني إلى ليبيا. أما ملف الهجرة غير الشرعية، فتم التعامل معه بهدوء، حيث خرج أكثر من 1.6 مليون مقيم أجنبي من مصر خلال عام، ضمن خطة محكمة، دون فوضى أو تفكك مجتمعي.

رسالة للداخل: لا تُدار الدولة بالشعارات

اختتم العميد تصريحه برسالة حاسمة: “الأمن القومي لا يُدار بانفعالات أو على مواقع التواصل. الدولة المصرية تعرف ما تفعل، وتخوض معاركها بعقل استراتيجي لا بصخب شعارات. الثقة في مؤسسات الدولة هي خط الدفاع الأول”.