بعد واقعة الانتحار في الإسماعيلية.. خبير يشرح أسباب الانتحار المرتبطة بالإدمان

شهدت منطقة جمعية العاشر من رمضان بمحافظة الإسماعيلية واقعة مأساوية جديدة تسلط الضوء على ظاهرة مؤلمة تتكرر في مصر والعالم، وهي حالات الانتحار بسبب الإدمان.
فقد أقدم شاب يُدعى محمد أمين بسيوني، البالغ من العمر 27 عامًا والمقيم بمحافظة كفر الشيخ، على إنهاء حياته بإلقاء نفسه من الطابق الثاني داخل مصحة غير مرخصة لعلاج الإدمان.
الواقعة التي أثارت الجدل جاءت بعد رفض الشاب استكمال مراحل العلاج، وهو ما دفعه إلى اتخاذ قراره المأساوي على الفور، انتقلت قوات الشرطة إلى المكان وفرضت كردونًا أمنيًا لحين انتهاء التحقيقات، فيما باشرت جهات الصحة إجراءاتها لإغلاق وتشميع المصحة غير المرخصة.
الأسباب النفسية في حالات الانتحار بسبب الإدمان
في هذا السياق، أوضح الدكتور جمال فرويز، استشاري الطب النفسي في جامعة القاهرة، أن العلاقة بين الإدمان والانتحار علاقة وثيقة ومعقدة.
وقال في تصريح خاص لموقع “الحرية” أن الإدمان لا يُدمّر الجسد فقط، بل يفتك بالعقل والنفس، المدمن يعيش في دائرة من العزلة والذنب والاكتئاب، ومع غياب الدعم النفسي الصحيح قد يرى الانتحار مخرجًا من الألم النفسي والجسدي.
وبعض المدمنين يفقدون قدرتهم على التحكم في انفعالاتهم بسبب اضطراب كيمياء المخ الناتج عن التعاطي، مما يزيد من احتمالية الإقدام على الانتحار.
وأشار الخبير إلى أن من أبرز الأسباب العلمية التي قد تدفع مدمنًا للانتحار:
الاكتئاب الحاد الناتج عن توقف المفاجئ عن التعاطي أو خلال فترة الانسحاب.
فقدان الدافعية وعدم القدرة على رؤية مستقبل إيجابي بعيدًا عن المخدرات.
الإحساس بالعار والوصمة الاجتماعية، ما يعمّق شعور العجز.
الاضطرابات العقلية المصاحبة مثل القلق والذهان واضطراب ثنائي القطب.

أبعاد الأزمة في مصر
لا يخفى أن حالات الانتحار بسبب الإدمان ليست مجرد حوادث فردية، بل تعكس أزمة اجتماعية وصحية، ورغم تراجع نسب التعاطي في مصر، فإن التحديات ما زالت قائمة.
وفقًا للمسح القومي الشامل للتعاطي والإدمان لعام 2020:
انخفضت نسبة التعاطي من 10% عام 2015 إلى 5.9%.
تراجعت نسبة الإدمان من 3.3% إلى 2.4%.
ورغم هذا التراجع، فإن مئات الأسر المصرية تعيش معاناة يومية بسبب إدمان أحد أفرادها، وما ينتج عنه من اضطرابات نفسية قد تنتهي بالانتحار.
اقرأ أيضًا.. وائل عباس يكتب لموقع الحرية: المخدرات والإدمان في مصر البطلمية والرومانية.. ظواهر جديدة وتبلور لشكل الإدمان
جهود الدولة لمكافحة الإدمان
تعمل الدولة المصرية على عدة محاور للتصدي للأزمة:
الخط الساخن 16023: يقدمه صندوق مكافحة وعلاج الإدمان على مدار الساعة لتقديم العلاج المجاني والسرّي.
القانون رقم 73 لسنة 2021: يفرض الكشف الدوري عن تعاطي المخدرات بين موظفي الجهاز الإداري للدولة.
برامج علاج متخصصة: تشمل العلاج الدوائي والسلوكي، إضافة إلى إعادة التأهيل النفسي والاجتماعي.
المؤسسات العلاجية المتاحة
تتوزع في مصر عدة مستشفيات متخصصة في علاج الإدمان، أبرزها:
مستشفى العباسية للصحة النفسية.
مستشفى مصر الجديدة للصحة النفسية.
مستشفى الحسين الجامعي.
مركز الطب النفسي بالدمرداش.
قسم علاج الإدمان بالقصر العيني.
كما توجد مراكز خاصة معتمدة من وزارة الصحة، إضافة إلى مستشفيات مثل حلوان للصحة النفسية التي تقدم خدمات علاجية شاملة.

المساعدة الذاتية والمجتمع المدني
لا يقتصر العلاج على المؤسسات الطبية، إذ تلعب زمالة المدمنين المجهولين (NA) دورًا مهمًا عبر برامج الدعم الجماعي التي تساعد المتعافين على البقاء بعيدًا عن المخدرات.
نرشح لك: وائل عباس يكتب لموقع الحرية: المخدرات والإدمان في مصر القديمة