وائل عباس يكتب: بوب مارلي.. الحقيقة الكامنة وراء اعتباره رمزًا لثقافة المخدرات

وائل عباس يكتب: بوب مارلي.. الحقيقة الكامنة وراء اعتباره رمزًا لثقافة المخدرات

المرات اللي رحت فيها امستردام او اي مدينة بتسمح بتدخين المخدرات او حتى في لندن وخصوصا سوق كامدن تاون كنت بالاحظ في المحلات اللي بتبيع ادوات التدخين خصوصا الماريجوانا والحشيش، كنت بالاحظ صور كتير لبوب مارلي، في بوسترات وعلى الحيطان وعلى المنتجات نفسها، بل فيه منتجات على شكله هو شخصيا، الموضوع ده كان محير جدا بالنسبالي، لأني باسمع ريجي وعارف المزيكا بتتكلم عن إيه، وان بوب مارلي والويلرز ما غنوش عن المخدرات بوضوح وكثافة زي فرق روك زي دورز ورولينج ستونز وفيلفيت اندرجراوند اللي عملوا اغنية عن الهيروين وجريتفول ديد وحتى البيتلز، ومعظمهم من البيض.

بوب مارلي، الاسم ده مش بس رمز لموسيقى الريجي، ده رمز لثورة ونضال وحلم بعالم أحسن. لكن للأسف، كتير من الناس عرفوه بس كواحد “بيشرب حشيش” بسبب صورته اللي ارتبطت بالماريجوانا، واصبحت مزيكته بتتسمع في قعدات الكيف او في احسن الاحوال على البحر في المصيف بينما هي تستحق افضل من ذلك. في المقال ده، هنحكي بالعامية المصرية عن حقيقة بوب مارلي، رسالته الحقيقية، وإزاي صورة المخدرات غطت على الرسالة دي وازاي ممكن السياسة واجهزة المخابرات ممكن تكون لعبت دور. وبنفكركم ان المقال ده جزء من الملف الهام التعافي من الإدمان حق من حقوق الإنسان.

مين هو بوب مارلي؟

بوب مارلي، أو نيستا مارلي، أو روبرت مارلي، ولد سنة 1945 في جامايكا، في قرية صغيرة اسمها ناين مايل. نشأ في حي فقير اسمه ترينشتاون في كينجستون عاصمة جزيرة جامايكا واكبر مدنها، وعاش حياة صعبة مليانة فقر وتمييز. لكن الموسيقى كانت ملجأه. من خلال أغانيه، قدر يوصّل صوته للعالم كله، ويبقى أيقونة للنضال والحرية. مات سنة 1981 بسبب سرطان جلدي نادر، لكن لحد دلوقتي، اسمه لسه عايش.

رسالة بوب مارلي: ثورة وأمل

بوب مارلي مكنش مجرد مغني، كان فيلسوف ومناضل. رسالته كانت واضحة ومليانة معاني عميقة زي الحرية والكرامة، مارلي كان بيحلم بعالم من غير ظلم. في أغنية زي “Redemption Song”، قال كلام زي: “حرروا نفسكم من العبودية العقلية، محدش غيرنا يقدر يحرر عقولنا”. كان بيتكلم عن تحرير السود من إرث العبودية، بس كمان عن تحرير أي حد بيعاني من الظلم في أي حتة في العالم.

خلال السبعينيات، كانت جامايكا تعيش حالة من الاستقطاب السياسي الحاد بين حزب الشعب الوطني (PNP)، بقيادة مايكل مانلي الذي تبنى سياسات اشتراكية، وحزب العمال الجامايكي (JLP)، الذي كان أكثر ميلاً للسياسات الرأسمالية وارتبط بالمصالح الأمريكية. مانلي، الذي تولى رئاسة الوزراء عام 1972، دعا إلى إصلاحات اجتماعية واقتصادية جذرية، وقرب جامايكا من دول مثل كوبا، مما أثار قلق الولايات المتحدة التي كانت تخشى انتشار النفوذ الشيوعي في منطقة الكاريبي خلال الحرب الباردة. مارلي، على الرغم من عدم انتمائه لحزب معين، كان يُنظر إليه على أنه مؤيد ضمني لمانلي بسبب دعوته للعدالة الاجتماعية ومعارضته للهيمنة الغربية، مما جعله هدفًا محتملاً في نظر الجهات التي تدعم الاستقرار الموالي للغرب.

مارلي حاول يهدّي النفوس. في حفلة “One Love Peace Concert” سنة 1978، خلّى الزعيمين السياسيين يتصافحوا على المسرح، وده كان رمز للوحدة. أغنيته “One Love” بتقول: “حب واحد، قلب واحد، خلينا نتحد ونبقى كويسين.”

مارلي كان بينتقد الفقر والطبقية. في أغنية “Get Up, Stand Up”، قال: “قوم، قاوم، دافع عن حقوقك”. كان بيحكي عن الناس اللي عايشين في العشوائيات زيه، وبيشجعهم يطالبوا بحياة أحسن. مقاومة النظام: مارلي كان بينتقد الرأسمالية والإمبريالية الغربية، اللي سماها “بابل” في أغانيه. في “Babylon System”، وصف النظام ده إنه “مصاص دماء” بيستغل الفقرا.

مارلي كان من أتباع الرستفارية، دين بيؤمن إن الإمبراطور هيلا سيلاسي وهو امبراطور الحبشة في ذلك الوقت هو تجسيد إلهي، وإن إفريقيا هي الأرض المقدسة. دعا للوحدة الإفريقية في أغنية زي “Africa Unite”، وشاف الماريجوانا (اللي بيسموها “جانجا”) كجزء من الطقوس الروحية للتأمل. وموضوع هيلا سيلاسي موضوع كبير لانه كان بيزعم انه من نسل سليمان وانا اتكلمت عن علاقة سيدنا سليمان بالحبشة في حلقات اسرائيل بره المنهج وفي كتابي عن اسرائيل ويهوذا، المهم لسبب ما وبسبب نبوءة لماركوس جارفي زعيم حركة توحيد الافارقة، اللي تنبأ بأن افريقيا يكون لها ملك أسود يوحدها، الراستافاريان شافوا ان سيلاسي هو التجسد الثاني للمسيح، اصل مش معقول يبقى المسيح اشقر بعيون زرقا بينما البيض هم اللي بيضطهدوهم، والمسيح جاء من اليهود المضهدين، وعلشان كده ها نلاقي في اغاني مارلي كلام كتير عن الخروج وعن صهيون وكلها اشياء مذكورة في العهد القديم. بالمناسبة مارلي ابوه كان رجل أبيض لكنه هجرهم.

لكن بعيدا عن المعتقدات الدينية والطقوس، رسالة مارلي كانت أمل وثورة، وكانت بتوصل للناس في إفريقيا، أوروبا، وحتى الشرق الأوسط. كان بيغني عن الحلم بمستقبل من غير ظلم، زي ما قال في: “Three Little Birds” “ماتقلقش من حاجة، كل حاجة هتبقى تمام.”

إزاي الماريجوانا غطت على رسالته؟

للأسف، صورة بوب مارلي ارتبطت بالماريجوانا بشكل كبير، وده غطى على رسالته عند ناس كتير. بس ليه حصل كده؟ مارلي كان بيستخدم الماريجوانا كجزء من طقوس الرستفارية، لأنها عندهم عشبة مقدسة بتساعد على التأمل. هو مكنش بيخبي ده، بالعكس، كان بيدافع عنها في أغاني زي “Kaya” لكن الإعلام الغربي ركز على الموضوع ده أكتر من اللازم، وخلّى صورته عند البعض إنه بس “مدخن حشيش.” في السبعينيات، أمريكا كانت في وسط حملة “الحرب على المخدرات”، والماريجوانا كانت رمز للتمرد. الإعلام الغربي، سواء عن قصد أو غير قصد، صوّر مارلي كواحد خارج عن القانون، وده قلل من جدية رسالته السياسية عند ناس كتير. بعد ما مات، الشركات الرأسمالية استغلت صورته في بيع تيشرتات وملصقات عليها صورته وهو بيدخن، وده خلّى الناس تركز على الماريجوانا أكتر من أفكاره. يعني بدل ما يبقى رمز للثورة، بقى عند البعض رمز لثقافة الحشيش.

هل أمريكا شوهت صورته؟

فيه نظريات مؤامرة بتقول إن أمريكا، وبالذات الـ CIA، حاولت تشوه صورة مارلي عشان كان خطر عليهم. ليه؟ علشان كان بيغني ضد النظام الغربي وبيأثر في الشباب في جامايكا وخارجها. كانوا شايفينه تهديد لأنه بيوحد الناس وبيحركهم ضد الظلم. فيه ناس بتقول إن الإعلام الغربي ركز على الماريجوانا عشان يخلوه يبان راجل هلس، بس مافيش دليل قاطع على إن ده كان مخطط منظم.

نظريات المؤامرة عن وفاته

حسب الرواية اللي نُشرت في موقع Your News Wire (اللي دلوقتي اسمه News Punch) سنة 2018، بيل أوكسلي كان عميل سابق في الـ CIA، عمره 79 سنة، وكان بيموت في مستشفى ميرسي في ولاية مين بأمريكا. زعموا إنه اعترف إنه قتل بوب مارلي سنة 1981 عن طريق إنه حقنه بمادة تسببت له بسرطان الجلد النادر (acral melanoma). القصة بتقول إن أوكسلي نفّذ 17 اغتيال بين 1974 و1985 لصالح الحكومة الأمريكية، وإن مارلي كان واحد منهم لأنه كان يُعتبر تهديد بسبب تأثيره السياسي والثقافي. أوكسلي، حسب المقال، زار بوب مارلي في بيته في جامايكا، وقدّم نفسه كمصور من نيويورك تايمز. أده لمارلي جزمة كونفيرس مقاس 10، وكان فيها دبوس ملوث بـ”فيروسات وبكتيريا” تسببت بالسرطان. لما مارلي لبس الجزمة، صرخ من الألم، وده كان بداية النهاية. أوكسلي زعم كمان إنه كان بيتابع مارلي في السنين الأخيرة من حياته، وبيضمن إن العلاج اللي بياخده في باريس ولندن وأمريكا يكون بيسرّع موته بدل ما يعالجه.

القصة دي انتشرت، بس مافيش أي دليل يثبتها، والكتير شايفينها مجرد كلام فاضي. الرواية الرسمية إن مارلي مات بسبب سرطان جلدي نادر اكتشفوه سنة 1977، وهو رفض يتعالج بشكل كامل عشان معتقداته الدينية.

كمان، سنة 1976، مارلي اتعرض لمحاولة اغتيال في بيته في كينجستون، وده خلّى ناس كتير يشكوا إن فيه قوى خارجية، زي الـ CIA، كانت عايزاه يسكت. بس برضو، مافيش دليل قوي يربط أمريكا مباشرة بالموضوع ده.

رغم كل ده، بوب مارلي لسه عايش في قلوب ملايين الناس. موسيقاه بتلهم الناس في إفريقيا، أمريكا، وحتى عندنا في الشرق الأوسط. أغانيه زي “No Woman, No Cry” و”Buffalo Soldier” لسه بتدي أمل للناس اللي بتعاني. الراجل ده قدر يخلّي صوته يوصل لكل حتة في العالم، ويخلّي الناس تحلم بحياة من غير ظلم.

بوب مارلي مكنش مجرد مغني بيدخن حشيش. كان راجل حلم بعالم أحسن، وقاوم الظلم بموسيقاه. رسالته كانت عن الحرية، السلام، والعدالة، بس صورته مع الماريجوانا، اللي جزء منها بسبب اختياراته وجزء بسبب الإعلام، غطت على الرسالة دي عند ناس كتير. نظريات المؤامرة عن أمريكا وتشويه صورته أو حتى قتله لسه بدون دليل قوي، بس اللي مؤكد إن مارلي كان تهديد لأي نظام بيحب الظلم. لو عايز تعرف عنه أكتر، اسمع أغانيه، مش بس عشان المزيكا، لكن عشان الكلام اللي فيها، لأنه فعلاً كان صوت الحق.