محمد دياب writes: أين كنتم عندما كانت غزة تتعرض للحريق؟

في غزة، الاحتلال يسرق الأرض ويهدم البيوت ويطعن الإنسانية في قلبها. أطفال يُنتشلون أشلاءً من تحت الركام وأمهات يودّعن أبناءهن على ضوء القصف وشوارع تتحول إلى مقابر مفتوحة.. بينما العواصم الكبرى تُشيح بوجهها كأن الدم الفلسطيني مجرد مشهد عابر في نشرة الأخبار.
أي عالم هذا الذي يُغتال فيه الحق أمام الكاميرات ثم يخرج من يزعمون قيادة “النظام الدولي” ليتحدثوا عن القيم والحرية؟ أي نظام هذا الذي يمنح القاتل السلاح والحماية ويترك الضحية تواجه مصيرها وحيدة؟
واشنطن التي تدّعي الدفاع عن الديمقراطية تموّل آلة القتل وتغطي جرائمها بفيتو مُخزٍ لتثبت أن شعاراتها مجرد واجهة زائفة. وعواصم أوروبية تتشدق بحقوق الإنسان لكنها تخرس حين يكون القاتل إسرائيلياً والمقتول عربياً
أما الموقف العربي فحدّث ولا حرج.. بيانات شجب لا تسمن ولا تغني وقمم طارئة تنتهي قبل أن تبدأ وعلاقات دبلوماسية وتجارية مع المحتل كأن شيئاً لم يحدث. هناك من يمد يد العون لغزة في العلن ويمد أنابيب الأكسجين للاحتلال في الخفاء
أين الـ50 دولة عربية وإسلامية من جريمة العصر؟ أين الضغط الاقتصادي؟ أين المقاطعة السياسية؟ أين سلاح الطاقة والغذاء؟ أم أن مصالح الكراسي باتت أغلى من دماء الأطفال؟
لقد صار الاحتلال أكثر توحشاً لأنه وجد عالماً بلا ذاكرة وأمة بلا قرار. وصار الضمير الإنساني في غرفة الإنعاش بينما القتلة يسرحون ويمرحون بغطاء من صمتنا
غزة اليوم جغرافيا محاصرة وميزان تُوزن به إنسانية العالم ومن ترجح كفته نحو الخذلان يسقط من سجل الشرف إلى الأبد
وغداً حين تهدأ أصوات المدافع سيبقى سؤال واحد يطارد الجميع: أين كنتم؟.