نبض الحياة يتألم… «النقل العام» في القاهرة: إيجابيات مفقودة وسط بحر من التحديات

كتبت: سمر أبو الدهب
تُعد شبكة النقل العام في القاهرة الكبرى شريانًا حيويًا لملايين المواطنين، وتشمل وسائل متعددة مثل مترو الأنفاق، والأتوبيسات التابعة لهيئة النقل العام، والميكروباصات، والترام، وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتطوير هذه المنظومة، إلا أنها لا تزال تواجه تحديات كبيرة تؤثر على تجربة المواطنين اليومية.
إيجابيات النقل العام من وجهة نظر المواطنين
• مترو الأنفاق: يعتبره الكثيرون أفضل وسيلة نقل عام، ويشيد المواطنون بـ سرعته ودقته في المواعيد، مما يساعدهم على تجنب الزحام المروري الكثيف، كما أن تغطية شبكته لأحياء رئيسية في القاهرة والجيزة يُعد ميزة كبيرة.
وتُعبر “مريم”، موظفة في الثلاثينيات، عن رأيها قائلة: “عربة السيدات توفر لي مساحة من الأمان والراحة، خاصة في أوقات الذروة، وتجنبني الازدحام غير المريح مع الرجال”.
• هيئة النقل العام (الأتوبيسات): يرى البعض أن هذه الأتوبيسات توفر وسيلة نقل مُريحة نسبيًا ومُكيفة على بعض الخطوط الجديدة، كما أنها تتميز بـ تكلفتها المنخفضة مقارنة بوسائل أخرى.
هنا تبرز أهم التحديات التي يواجهها الركاب، والتي تُشكل محور شكواهم:
– الاكتظاظ الشديد: هذه هي الشكوى الأكثر شيوعًا، خاصة في أوقات الذروة، فيقول “مروان”، طالب جامعي: “أحيانًا لا أستطيع أن أجد مكانًا لأقف فيه داخل المترو، وهذا يؤخرني عن محاضراتي”.
– نقص الصيانة: يشتكي كثيرون من أن بعض الأتوبيسات والميكروباصات القديمة لا تخضع للصيانة الدورية، مما يؤدي إلى تعطلها في الطريق وتأخير الركاب، بالإضافة إلى عدم وجود مكيفات في أغلبها.
– عدم الالتزام بالمواعيد: على الرغم من دقة مترو الأنفاق، يرى العديد من المواطنين أن أتوبيسات هيئة النقل العام غالبًا ما تتأخر أو لا تأتي في مواعيد منتظمة، مما يجعلهم ينتظرون لفترات طويلة في المحطات.
“يقول الشاب “عبد الله”: “كنت أدرس بإحدى الأكاديميات الخاصة بمنطقة المقطم، ورغم مرور وقت طويل إلا أنني لم أنسى حتى الآن هذا الموقف، حيث ظللتُ أنتظر الأتوبيس لوقتٍ طويلٍ، وأنا في طريقي إلى امتحان نهاية العام، وكدتُ أتأخر، ولولا أنني وصلتُ في الوقت المناسب، لضاعت عليّ المادة”.
– سلوك بعض السائقين والجودة: يلاحظ بعض المواطنين أن سائقي الميكروباصات لا يلتزمون بقواعد المرور، وهذا يشكل خطرًا على سلامتهم.
– التحرش والازدحام: تُعد هذه القضية هي الأبرز، ففي الميكروباصات، والأتوبيسات المزدحمة، وبعض عربات المترو المكتظة في أوقات الذروة، تتعرض بعض النساء للمضايقات والتحرش اللفظي أو الجسدي، فتقول “أمل”، ربة منزل: “أضطر أحيانًا للتوقف عن استخدام الميكروباص بسبب المضايقات، وهذا يجعلني أدفع أكثر لوسائل نقل أخرى”.
أما ريهام، طالبة الدراسات العليا، فتحكي عن واقع مؤلم، قائلة: “كنت أذهب إلى جامعتي ثلاثة أيام في الأسبوع، وأستقل الأتوبيس بسبب طول المسافة، وفي إحدى المرات، جلس بجانبي شاب بدأ يهمس لي بعبارات نابية، مما أصابني بشلل من الخوف، ولم أستطع الحراك، هذا الموقف دفعني للنزول من الأتوبيس، ومنذ ذلك الحين أصبحت أجلس بحذر على طرف المقعد في المواصلات، في محاولة لحماية نفسي”.
مقترحات المواطنين للتطوير
• توسيع شبكة مترو الأنفاق: يرى الكثيرون أن هذا هو الحل الأفضل لتخفيف الضغط على وسائل النقل الأخرى.
• زيادة عدد الأتوبيسات وتطويرها: يطالب المواطنون بزيادة أعداد الأتوبيسات الجديدة المُكيفة على الخطوط المزدحمة.
• تفعيل تطبيقات المتابعة: يقترح البعض إطلاق تطبيقات ذكية تتيح للركاب معرفة مواقع الأتوبيسات ومواعيد وصولها بدقة.
• الرقابة على سلوك السائقين: يرى المواطنون أن تطبيق رقابة صارمة على سلوك السائقين، خاصة سائقي الميكروباصات، سيحسن من مستوى الخدمة، حيث قالت ماجدة نجم، ربة منزل، إنه “يجب أن تكون هناك نقطة تواجد ثابتة لشرطي مرور أو دورية شرطة على مسافات قريبة من بعضها، هذا الإجراء ضروري لضبط الحركة المرورية ومنع التكدس، بالإضافة إلى ردع سلوك السائقين المخالفين وحثهم على الالتزام بالقواعد”.
وفي ذات السياق، أوضح العميد سامح عز العرب، الخبير الأمني، في تصريحات سابقة، أن السبب الأساسي لتعدد المشكلات والانتهاكات القانونية من قبل سائقي وسائل النقل، يكمن في عدم الدقة في اختيار السائقين.
شكاوى المصريين خلال النصف الأول من عام 2025
هذا، وتلقى الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، تقريرًا مفصلًا من الدكتور طارق الرفاعي، مدير منظومة الشكاوى الحكومية المُوحدة، يستعرض حصاد جهود المنظومة والجهات الحكومية المتعاونة معها خلال النصف الأول من عام 2025، حيث تعاملت وزارة النقل مع 4,578 شكوى وطلبًا وبلاغًا من مواطنين يستخدمون خدمات الوزارة، والتي تشمل السكك الحديدية، ومترو الأنفاق، والطرق والكباري، وقد نجحت الوزارة في حل 3,971 شكوى وبلاغ، مما يمثل نسبة إنجاز قدرها 87% من إجمالي الشكاوى خلال هذه الفترة، ويعكس ثقة المواطنين بالمنظومة.
على الرغم من الإيجابيات الواضحة لبعض وسائل النقل العام في القاهرة الكبرى، إلا أن التحديات القائمة تؤثر سلبًا على جودة الحياة اليومية لملايين المواطنين، ويأمل الركاب في رؤية مزيد من الاستثمار في البنية التحتية، وتحسين الصيانة، وتطبيق حلول تقنية لتطوير هذه المنظومة الحيوية.