نهاية عصر الرقم 10 التقليدي وبروز الهجناء.. كرة القدم تعيد تشكيل معالم الإبداع في الدوري الإيطالي

في زمن مضى، كان الرقم 10 رمزًا لحرية الإبداع في كرة القدم، وخاصة الدوري الإيطالي، اللاعب الذي يتحرك بلا قيود بين خطي الوسط والهجوم، يصنع الفارق بلمسة واحدة. كان مركزًا لا يُلمس، يحكمه الخيال، وتُقدَّس فيه الموهبة. روبيرتو باجيو، زيدان، ريكيلمي وغيرهم، كانوا آلهة في هذا الموقع.
لكن اليوم، اختفى الرقم 10 الكلاسيكي من معظم التشكيلات الكبرى. لم تعد كرة القدم الحديثة تسمح بترف التمركز الحر، فالضغط، والتنظيم، والمساحات، عوامل أعادت صياغة المفهوم.
اقرأ أيضا: نجوم الهدافين غي الدوري الإيطالي أخر 28 موسم
كينان يلديز: الرقم 10 المُقيد
لو كنا في الثمانينيات، لكان كينان يلديز يلعب خلف المهاجمين، صانعًا للألعاب كما ينبغي أن يكون. لكنه اليوم، رغم ارتدائه الرقم 10، يُستخدم كجناح أيسر في خطة تيودور بـيوفنتوس. يُطلب منه الحفاظ على التوازن التكتيكي بدلًا من الإبداع المطلق.
يشبه البعض يلديز بـلامين يامال في برشلونة، والذي يبدأ من الطرف الأيمن وينزلق إلى العمق. التحولات من الجناحين إلى الوسط باتت طريقة لخلق الفراغات التي كان يشغلها الرقم 10 قديمًا.
ميلان: تعدد الأدوار بدلًا من مَلك المركز
في ميلان، لا يوجد رقم 10 صريح. لياو يرتدي الرقم، لكنه ليس صانع لعب كلاسيكي. بوليسيتش، لاعب هجين يتحرك بين الأطراف والعمق، ومودريتش، رغم تقدمه في السن، لا يزال يمتلك القدرة على الظهور في المنطقة بين الخطوط.
تتعدد خيارات المدرب ما بين 3-5-2 و4-3-3، وفي الحالتين، لا يتوقف اللاعبون عن التحرك. مودريتش يصعد من العمق، بوليسيتش يدخل من الجناح، ولياو يتنقل بين الأطراف والمركز. لم تعد الأرقام تعكس أدوارًا، بل توجّهًا تكتيكيًا لحظيًا.

دي بروين ونابولي: صانع اللعب الشامل
في نابولي، تولى كيفن دي بروين مهمة إعادة تشكيل وسط الملعب. اللاعب البلجيكي ليس رقم 10 بالمفهوم الكلاسيكي، لكنه يجمع كل صفات صانع اللعب المبدع، مع قدرة بدنية هائلة على تغطية المساحات.
في خطة كونتي المحتملة 3-4-2-1، يشكّل دي بروين مع سكوت ماكتوميناي خطًا ثانيًا هجوميًا وراء لوكاكو. ماكتوميناي – الذي سجل 12 هدفًا الموسم الماضي – ليس مجرد لاعب وسط دفاعي، بل ماكينة اختراق من العمق. الثنائية مع دي بروين قد تصنع الفارق.

تشالهانوغلو وتشيفو: إعادة تدوير صانع اللعب
في إنتر، يفكر المدرب كريستيان تشيفو في منح هاكان تشالهانوغلو فرصة التحرك خلف المهاجمين، في خطوة تعيد له جزءًا من حريته القديمة. اللاعب التركي لطالما امتلك قدرات صناعة اللعب، لكنه تحوّل في ميلان وإنتر لاحقًا إلى محور تكتيكي بمهام دفاعية.
الهدف من تحريكه إلى الأمام هو كسر التوقعات النمطية لدى الخصوم وإضافة عنصر المفاجأة، وهو أمر بات نادرًا في كرة القدم المنظمة اليوم.

لويس هنريكي: الرقم 10 المفاجئ؟
من بين الأسماء الصاعدة، يبدو لويس هنريكي خيارًا غير متوقع لدور صانع اللعب الحديث. في المباريات الودية، أظهر قدرة لافتة على المراوغة، التحرك بين الخطوط، والتسديد من العمق، رغم بدايته كجناح أو ظهير.
قد لا يكون صانع لعب خالصًا، لكنه يمتلك صفات لاعب “تحت المهاجم” في النظام الهجومي، دون الحاجة إلى اللعب بحرية تامة.
ديبالا وروما: الموهبة تحت الضغط
رغم الإصابات، يظل باولو ديبالا أبرز موهبة هجومية في روما. يعتمد المدرب غاسبريني على نظام 2-1 في الهجوم، ويأمل أن يكون ديبالا هو المحرك خلف المهاجمين. لكن الضغوط البدنية قد تفرض الاعتماد على لاعبين مثل بالدانزي وسوليه أو حتى التفاوض على ضم إيتشيفيري من مانشستر سيتي.
في هذه الحالة، المستقبل لا يتعلّق بالاسم، بل بالقدرة على لعب دور هجومي متكامل بين الخطوط، يجمع بين صناعة اللعب، الضغط، وتسجيل الأهداف.

الرقم 10 لم يمت… لكنه تغيّر
لم تعد كرة القدم تسمح باللاعب “الحر”، لكنها لا تزال بحاجة للاعب المختلف. الذين كانوا صناع لعب في الأمس، أصبحوا اليوم مهاجمين هُجناء، يتحركون بعقلية المدرب داخل الميدان. الرقم 10 تغيّر… لكنه لم يختفِ.