في الذكرى العاشرة لافتتاحها: قناة السويس بين التحديات الحالية وآفاق المستقبل

مرت الذكرى العاشرة لافتتاح قناة السويس الجديدة، أمس، ذلك المشروع القومي الذي شكّل لحظة فارقة في تاريخ مصر الحديث، وعكس إرادة المصريين في التحدي والبناء، بعد ما أُنجز في عام واحد فقط، وافتُتح رسميًا في 6 أغسطس 2015، في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي.
وفي تصريح خاص لـ”الحرية”، أكد الخبير الاقتصادي خالد فواز، أن المشروع جسّد طموح المصريين نحو التنمية والنهضة الاقتصادية، مشيرًا إلى أن قناة السويس الجديدة – التي امتدت بطول 35 كيلو مترًا مع توسعات بأعماق بلغت 37 كيلو مترًا – كان لها أثر مباشر في زيادة إيرادات القناة التي تضاعفت من نحو 5 مليارات دولار إلى ما يقارب 11 مليار دولار في عام 2023.
وأشار فواز، إلى أن هذه الطفرة واجهت تحديات قاسية خلال عام 2024، مع تصاعد الصراعات الجيوسياسية في المنطقة، وعلى رأسها الحرب الدائرة في غزة، مما أدى إلى تراجع إيرادات القناة إلى 4 مليارات دولار فقط، بانخفاض بلغ 60%، إلى جانب انخفاض عدد السفن اليومية من 72 إلى 27 سفينة، وهو ما أثر بوضوح على حركة التجارة العالمية.
ورغم هذه التحديات، شدد فواز، على أن قناة السويس لا تزال ركيزة أساسية للاقتصاد المصري، إذ تسهم بنسبة تتراوح بين 5 إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي، وتأتي في المرتبة الثالثة ضمن مصادر النقد الأجنبي، بعد تحويلات العاملين بالخارج وقطاع السياحة، لافتًا إلى أن المنطقة الاقتصادية للقناة كانت قد حققت نموًا ملحوظًا بنسبة 32% قبل الحرب، ما يعكس قوة المشروع ومرونته.
وأوضح أن الدولة اتخذت خطوات فعلية لتعزيز مرونة القناة أمام الأزمات، من بينها توسعة المجرى الملاحي بطول 10 كيلومترات إضافية، بما يسمح بمرور 6 إلى 8 سفن إضافية يوميًا، وهو ما يُنتظر أن يسهم في تعويض جزء من التراجع الحالي في الإيرادات.
وعن التوقعات المستقبلية، أشار فواز، إلى تقارير صندوق النقد الدولي التي تتنبأ بعودة تدريجية للنمو، إذ من المتوقع أن ترتفع الإيرادات إلى 6.3 مليار دولار خلال العام المالي 2025/2026، لتصل إلى نحو 11.9 مليار دولار في 2029/2030، ما يمثل نموًا بنسبة 89% خلال أربع سنوات.
3 مقترحات لتعظيم العائد من القناة
وأكد فواز، أنه لتعزيز الدور الاقتصادي لقناة السويس، ينبغي تبنّي عدد من المبادرات العملية، أبرزها:
تقديم خدمات متكاملة للسفن، مثل التزود بالوقود، التموين الغذائي، الصيانة، وتبديل الأطقم داخل المجرى الملاحي، لجعل القناة محطة خدمة متكاملة.
جذب استثمارات بحرية في مجالات مثل صناعة السفن الصغيرة، الحاويات، وقطع الغيار البحرية، بما يحوّل القناة من مجرد ممر عبور إلى مركز صناعي وتجاري.
إطلاق منصة رقمية ذكية لإدارة حركة الملاحة والخدمات اللوجستية، تشمل التتبع اللحظي، الدفع الإلكتروني، التأمين، ومعلومات الطقس، بما يجعل القناة أكثر تنافسية عالميًا.
واختتم فواز تصريحه مؤكدًا أن “قناة السويس ليست مجرد ممر ملاحي أو مائي، بل هي شريان اقتصادي وأحد أعمدة الأمن القومي للدولة، وبوابة مصر إلى المستقبل والعالم”.