مع اقتراب بدء العام الدراسي: الأهل يعانون من ضغوط النفقات وارتفاع تكاليف الدروس الخصوصية

مع اقتراب بدء العام الدراسي: الأهل يعانون من ضغوط النفقات وارتفاع تكاليف الدروس الخصوصية

“نشتري الكتب مستعملة من النت، ونعتمد على الملخصات القديمة.. المهم نعدّي السنة”، بهذه العبارة اختصرت منى محمود، ربة منزل وأم لثلاثة طلاب، حال آلاف الأسر المصرية قبيل انطلاق العام الدراسي الجديد، وسط ارتفاع جنوني في أسعار الكتب والدروس الخصوصية، وتراجع القدرة الشرائية لشريحة واسعة من المواطنين.

ومع اقتراب موعد دخول المدارس، تتحول فرحة العودة إلى الصفوف الدراسية إلى عبء اقتصادي ضاغط على كاهل الأسر، خصوصًا مع طرح الكتب الخارجية بأسعار باهظة، وبلوغ سعر الحصة الواحدة في بعض المناطق إلى 250 جنيهًا، ما يدفع كثيرين إلى البحث عن بدائل لا تخلو من الصعوبة.

«الكتب الخارجية».. عبء يبدأ من أول رف في المكتبة

فور بدء طرح الكتب الخارجية في الأسواق، شهدت المكتبات إقبالًا حذرًا من أولياء الأمور، بسبب ارتفاع أسعارها بنحو 30 إلى 50% مقارنة بالعام الماضي، إذ وصل سعر الكتاب الواحد في بعض المواد إلى 180 أو 200 جنيه، فضلًا عن الحاجة لشراء نسخ متعددة في كل مادة (شرح – تدريبات – امتحانات).

تقول رحاب جابر، موظفة وأم لطالبة في الصف الثالث الإعدادي: “المكتبة طالبة مني 1200 جنيه لمجموعة كتب بنتي، دا غير الأدوات والمصاريف التانية، إحنا بنشتري كتاب واحد ونصوره على مراحل”.

الدروس الخصوصية.. تعليم مقابل فاتورة شهرية تفوق المرتبات

وتُعَدّ الدروس الخصوصية واحدة من أثقل الأعباء على ميزانية الأسرة، وخصوصًا في مراحل التعليم الإعدادي والثانوي، وتؤكد مصادر من مراكز دروس في القاهرة الجديدة والشيخ زايد، أن سعر الحصة الواحدة لمادة مثل الرياضيات أو الفيزياء وصل إلى 250 جنيهًا للطالب، داخل مجموعات لا تتجاوز 10 طلاب.

وفي المناطق الشعبية، وإن كانت الأسعار أقل، فإن العدد الكبير للمواد وتكرار الحصص أسبوعيًا يجعل تكلفة الدروس تصل إلى آلاف الجنيهات شهريًا.

تقول فاطمة السيد، ربة منزل من شبرا: “المدرس بييجي البيت ياخد 200 جنيه في الحصة، ولو فيه 3 حصص في الأسبوع لمادتين بس، بندفع أكتر من دخل زوجي كله، بنستلف أو نستغنى عن أشياء تانية”.

اللجوء للكتب المستعملة.. حل اضطراري للناجين من نار الأسعار

مع ارتفاع الأسعار، انتشرت مجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي لبيع وشراء الكتب الخارجية المستعملة، سواء ورقيًا أو بصيغة PDF، لتخفيف الأعباء، فتقول دعاء عبد العزيز، إحدى الأمهات اللاتي يديرن مجموعة على “فيسبوك” لتبادل الكتب: “بنوفر على بعض، في ناس بتتبادل الكتب مجانًا، وفيه اللي بيبيع الكتاب المستعمل بـ30 أو 40 جنيه بدل ما هو بـ200”.

ويؤكد أولياء أمور أن هذه المبادرات المجتمعية أصبحت شريان حياة وسط منظومة تعليمية تعتمد بشكل متزايد على المصادر غير الرسمية، في ظل تأخر وصول كتب الوزارة أو عدم كفايتها في بعض المدارس.

التعليم المجاني.. حلم بعيد المنال

رغم تأكيد الدولة على دعم مجانية التعليم، يرى الكثير من أولياء الأمور أن الواقع مختلف تمامًا، فتكاليف المرحلة الدراسية الواحدة، من ملابس وحقائب وأدوات وكتب ودروس، تصل في بعض الحالات إلى 10 آلاف جنيه وأكثر لكل طالب، ما يجعل الحديث عن “تعليم مجاني” أقرب إلى الشعار.

يقول أحمد ربيع، والد لطالب في الثانوية العامة: “بندفع دم قلبنا، ومش ضامنين النتيجة، والمدارس الحكومية بقت بلا شرح، والكل بيروح للمراكز”.

وتدخل الأسر العام الدراسي الجديد محمّلة بالديون والقلق، تبحث عن حلول إبداعية لتعليم أبنائها في ظل واقع اقتصادي لا يرحم. وبينما يفتح التعليم أبوابه كل عام، تُغلق أبواب الأمل في وجوه البعض الذين لا يملكون ترف الحصة ولا رفاهية الكتاب الجديد.