بعد موافقة الرئيس على قانون الإيجار القديم.. ملاك العقارات يشعرون بالاطمئنان ومستأجرون يواجهون مخاوف من مستقبل غير معلوم

أثار تصديق الرئيس عبد الفتاح السيسي على قانون الإيجار القديم، الذي يحمل رقم 164 لسنة 2025، تباينًا كبيرًا في ردود الأفعال بين الملاك والمستأجرين، حيث عبّر الملاك عن ارتياحهم لما وصفوه بـ”انتصار العدالة المؤجلة”، فيما أعرب العديد من المستأجرين عن قلق بالغ من التداعيات الاجتماعية والمعيشية للقانون الجديد.
ونشرت الجريدة الرسمية نص القانون، على أن يدخل حيز التنفيذ بدءًا من 5 أغسطس 2025، لتنطلق مرحلة جديدة من إعادة تنظيم العلاقة بين المؤجّر والمستأجر، بعد عقود طويلة من الجمود التشريعي.
ردود أفعال المواطنين بعد التصديق على قانون الإيجار القديم
وفي تصريحات خاصة لـ«الحرية»، قال الحاج رمضان عبد الغفار، أحد الملاك القدامى في حي الظاهر بالقاهرة: “أخيرًا الدولة أنصفتنا.. كنا بندفع من جيبنا علشان نصون البيوت، والإيجار اللي بناخده مش بيكفي مواصلات.. القانون ده خطوة في طريق العدالة”.
في المقابل، أعربت الحاجة أم ياسر، مستأجرة منذ أكثر من 35 عامًا في شقة بحدائق القبة، عن خوفها من المجهول، قائلة: “أنا أرملة وبربي حفيدي، ومش معايا أرجع أدور على سكن جديد، حتى الـ 250 جنيه اللي هادفعهم مؤقتًا، خايفة ما تبقاش مؤقتة”.
250 جنيهًا “تحت الحساب”.. ولجان حصر لمدة 3 أشهر
وبحسب تفاصيل القانون التي نشرتها الإعلامية لميس الحديدي عبر صفحتها الشخصية بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، فإن أولى خطوات التطبيق تبدأ من خلال تشكيل لجان حصر للعقارات السكنية لتصنيفها إلى “متميزة، متوسطة، واقتصادية”، وذلك خلال 3 أشهر قابلة للتمديد إلى 6 أشهر.
وخلال تلك الفترة، تُلزم جميع الوحدات السكنية بتسديد إيجار مؤقت قدره 250 جنيهًا شهريًا تحت الحساب، لحين انتهاء عمل اللجان وتحديد القيمة العادلة.
تفاصيل الإيجار الجديد
مع نهاية فترة الحصر، يُعاد تحديد قيمة الإيجار وفق تصنيف الوحدة:
20 ضعفًا من القيمة الحالية للمناطق المتميزة (بحد أدنى 1000 جنيه).
10 أضعاف للمناطق المتوسطة والاقتصادية (بحد أدنى 400 و250 جنيهًا على التوالي).
فروق القيمة تُسدد لاحقًا مع خصم ما دُفع تحت الحساب.
أما الوحدات غير السكنية (مثل العيادات والمكاتب والصيدليات)، فتبدأ فورًا في دفع 5 أضعاف الإيجار الحالي، مع زيادة سنوية بنسبة 15%.
الإخلاء الفوري للشقق المغلقة
ينص القانون على إخلاء أي وحدة مغلقة لمدة عام دون مبرر قانوني، وكذلك في حالة امتلاك المستأجر لوحدة بديلة، وذلك بناءً على أمر قضائي. وتُنتظر اللائحة التنفيذية لتوضيح هذه النقاط، خاصة في ما يخص المسافرين أو المقيمين بالخارج.
اقتصاديون يؤكدون: ضرورة حماية الفئات الضعيفة
الخبير الاقتصادي هاني توفيق، علّق على القانون، قائلًا في منشور له: “رغم أهمية القانون، إلا أن هناك فئات هشة ستتأثر بشدة، مثل كبار السن ومحدودي الدخل، ويجب أن تتحرك الدولة سريعًا لتوفير بدائل أو دعم مباشر لهذه الشريحة”.
وأضاف توفيق: “لا يجوز أن ننتقل من ظلم طرف إلى سحق الطرف الآخر.. الإصلاح لا بد أن يكون متوازنًا ويضع البعد الاجتماعي في الحسبان”.
الحكومة: منصة إلكترونية للحصول على وحدات بديلة
بحسب ما نص عليه القانون، ستطلق الحكومة منصة إلكترونية لمن يرغب من المستأجرين المتضررين في التقديم للحصول على وحدة بديلة من مشروعات الإسكان، كأحد أدوات الدعم الاجتماعي الموازي لتطبيق القانون.
اللائحة التنفيذية.. مفتاح التطبيق الفعلي
ما زالت اللائحة التنفيذية المنتظرة هي محور الاهتمام الأكبر، إذ ينتظر الجميع تفسيرًا واضحًا لبنود القانون، خصوصًا المتعلقة بالإخلاء، معايير التصنيف، وشروط الاستثناءات.
بين التفاؤل بتحقيق العدالة للملاك، ومخاوف المستأجرين من فقدان الأمان السكني، يقف قانون الإيجار القديم في مفترق طرق اجتماعي واقتصادي كبير. وفي انتظار تفعيل اللجان واللائحة، يظل السؤال الأهم: هل تنجح الدولة في تنفيذ القانون دون أن تترك أحدًا خلفها؟