أحمد الحميلي يكتب: النائب في السينما “محتال ومنافق.. يتلاعب بالأوراق والشعب يردد له يا وكيلنا”

أحمد الحميلي يكتب: النائب في السينما “محتال ومنافق.. يتلاعب بالأوراق والشعب يردد له يا وكيلنا”

لم تكن السينما المصرية يومًا بعيدة عن نبض الشارع، فقد ظلّت على مدار عقود مرآة صادقة تعكس واقع المجتمع، ترصد همومه اليومية، وتنتقد مظاهر الفساد، وتكشف المستور من كواليس السلطة والنفوذ، وفي خضم هذا التفاعل الإبداعي بين الفن والواقع، برزت شخصية “نائب مجلس الشعب” كأحد أبرز الرموز التي جسدتها الشاشة، لتصبح تمثيلًا صارخًا ومركبًا للعلاقة المعقدة بين المواطن والدولة.

فما بين نائب يسعى لخدمة الناس وآخر يغرق في وحل المصالح الخاصة، استطاعت السينما أن تعكس المفارقات الحادة في دور الممثلين عن الشعب، كاشفةً عن فجوة الثقة التي تتسع أحيانًا بين من يفترض أنهم صوت الناس، وبين الواقع الذي يفرضه النفوذ والصفقات.

تفاوتت صورة النائب في السينما المصرية، ما بين المثالي النادر، والمرتشي، والمنافق، والمتلون، و”أداة السلطة”، ولم تسلم أي حقبة زمنية من تسليط الضوء على هذه الشخصية التي يفترض أنها تمثل الشعب، لكنها في كثير من الأحيان ظهرت كـ”خادم للمصالح”، ولم تظهر شخصية النائب الصادق أو الثوري إلا نادرًا، مثلًا في بعض المسلسلات وليس الأفلام.

 

هناك شبه إجماع سينمائي سواء من الكتاب او المخرجين على أن البرلمان مجرد واجهة، بينما السلطة الحقيقية في يد “الكبار”، وجاء النائب من وجهة نظرهم كاريكاتير لواقع مأزوم ، ومنذ منتصف القرن العشرين وحتى اليوم، لم تفوّت السينما المصرية فرصة لعرض النائب كشخصية درامية هزلية، تثير الضحك وتُبكي في آنٍ واحد، وقد اتخذ المخرجون والمؤلفون من هذه الشخصية مدخلًا لانتقاد البيروقراطية والسلطة والنفاق السياسى، ورغم تغير السياقات السياسية، إلا أن الصورة السينمائية للنائب لم تتغير كثيرًا لا تزال ترتبط غالبًا بالوعود الكاذبة وبالتحالف مع رجال أعمال أو عصابات و بالفساد والتزييف والرشوة ،و في أحسن الأحوال، بـ”المسكين الغلبان” الذي يستغله الكبار.

في كل موسم انتخابي، يُعاد المشهد نفسه، مرشحون يتحولون إلى نسخ مثالية من المواطن الحريص، لا تفوتهم عزومة ولا عزاء، ولا يعتذرون عن حضور فرح في حارة أو واجب عزاء في زاوية، تَراهم يجلسون على الأرصفة، يتجولون في الأسواق، يوزعون الابتسامات والوعود، ويصافحون الكبير قبل الصغير، وكأن الطريق إلى البرلمان يمر عبر القلوب قبل صناديق الاقتراع، لكن ما إن تُعلن النتيجة وتُرفَع صور “معالي النائب”، حتى تبدأ مرحلة الاختفاء التدريجي، الهواتف تُغلق، العناوين تتبدل، والمواطنون – الذين كانوا بالأمس رصيدًا انتخابيًا – يتحولون إلى عبء يُفضل تجنّبه.

يتحول النائب من شخصية “شعبية” قريبة من الناس، إلى شخصية “محجوزة دائمًا” خلف اجتماعات أو سفر أو حصانة يصعب اختراقها، وكأن الكرسي الذي سعى إليه طويلاً لم يكن أداة للتواصل، بل وسيلة للعزل.

فهل البرلمان حقًا ساحة لخدمة الناس، أم أنه موسم تمثيلي مؤقت ينتهي بانتهاء الفرز؟

سؤال يتجدد مع كل دورة، والإجابة غالبًا ما تبقى معلقة بين وعود الحملة وصمت القبة.

السينما لا تكذب… ولكنها تُحرج

إن صورة النائب في السينما المصرية ليست فقط انعكاسًا فنيًا، بل توصيفًا لواقعٍ عرفه المصريون جيدًا، هي صرخة ساخرة، ومرآة مُحرجة، وتذكير دائم بأن تمثيل الشعب مسؤولية، لا سلعة تُباع في موسم الانتخابات.

جسّدت السينما المصرية شخصية “نائب مجلس الشعب” في العديد من الأفلام، نظرًا لما تمثّله هذه الشخصية من مساحة خصبة للنقد الاجتماعي والسياسي، فقد شكّلت على مدار العقود مادة درامية غنية، عكست من خلالها السينما صورة النائب بين الجدّ والسخرية، وبين مَن يمثل الناس بصدق، ومن يستخدم المنصب كوسيلة لتحقيق مصالحه الخاصة.

 

“مرجان أحمد مرجان”.. حين تتحوّل قبة البرلمان إلى مسرح ساخر للواقع المصري

في واحد من أكثر المشاهد تلميحًا وسخرية في السينما المصرية، قدّم الزعيم عادل إمام من خلال شخصية “مرجان أحمد مرجان” نموذجًا بالغ الذكاء في تجسيد نائب مجلس شعب وصل إلى البرلمان عبر بوابة التزوير وشراء الأصوات بالمال والرشاوى، ليجلس تحت القبة ممثلًا ساخرًا للواقع، لا ممثلًا عن الشعب ، في مشهد لا يتجاوز ثلاث دقائق ونصف، ألقى “مرجان” كلمة برلمانية تحوّلت إلى عرض كوميدي لاذع، تناول فيه الأوضاع الخدمية والمعيشية بمبالغة مفتعلة، ليكشف التناقض الفج بين ما يُقال تحت القبة وما يعيشه المواطن في الشارع ، يبدأ “النائب” كلمته بالإشادة بقطار انطلق من الجيزة إلى العياط ووصل “سالمًا”، في مشهد تهكمي يُظهر المفارقة بين هذا “الإنجاز”، وبين حوادث القطارات اليومية، مرددًا بسخرية “الحياة حلوة للي يركبها”، وكأن مجرد وصول القطار بسلام أصبح حدثًا استثنائيًا.

ويتابع “مرجان” حديثه عن رغيف الخبز البلدي الذي اشتراه بخمسة قروش، مشيدًا بحجمه وطعمه الذي يُشبه “البسكويت”، لينفي وجود أي مسامير أو زجاج فيه، في مشهد يُحاكي بسخرية أزمة رغيف العيش التي كانت حديث الناس آنذاك.

أما قضية خلط مياه الشرب بالصرف الصحي، فيحوّلها “النائب” إلى “ميزة مناعية”، معتبرًا أن الشعب المصري بات أكثر قوة بسبب هذه “الخلطة”، بل ويفسر المقولة الشهيرة “اللي يشرب من مياه النيل لازم يرجع لها” بأنهم يعودون لأخذ جرعة مناعة جديدة، لأن “الصرف جاي من الشعب ورايح للشعب”.

ولا يتوقف المشهد عند ذلك، بل يطول أيضًا انتهاكات أقسام الشرطة، حين يسخر “مرجان” من الحديث عن التعذيب، مؤكدًا أن أحد العمال التابعين له قضى يومين داخل القسم، ليجده بعدها محاطًا بالضباط يحتفلون بعيد ميلاده!.

كما لم ينجُ الإعلام من السخرية، حيث يمدحه “معالي النائب” على “الطفرة” التي حققها، قائلًا إن التلفزيون المصري بات ينقل الأخبار “قبل وقوعها بأربعة أيام”، في إشارة واضحة إلى انفصاله عن الواقع وركونه إلى التوجيه المسبق.

ويُختتم المشهد بإفيه طريف أثناء مباراة كرة قدم، حين يسأل “مرجان” مساعده عن سبب اصطدام الكرة بالعارضة، فيجيبه الأخير “أنا صعب أرشي العارضة”، في تعليق ساخر على منطق الرشوة الذي اعتاده النائب.

هذا المشهد المليء بالمفارقات الكوميدية والمغازي السياسية، يُعد من أذكى ما قدّمه عادل إمام في تجسيد شخصية نائب البرلمان، ويكشف كيف تحوّلت بعض مقاعد السلطة من منصة للمحاسبة إلى منبر للتهليل والتجميل، ولو على حساب الحقيقة.

 

“عمارة يعقوبيان: عندما يصبح البرلمان مكافأة للولاء وتجارة النفوذ”

يُعد فيلم عمارة يعقوبيان الذى انتج (2006) واحدًا من أبرز الأعمال السينمائية التي تناولت شخصية نائب مجلس الشعب بشكل مباشر وواضح، بل ويُعتبر من أهم النماذج التي رصدت بجرأة فساد بعض نواب البرلمان في مصر، وتواطؤ السلطة معهم في مقابل الولاء والصفقات السياسية.

في هذا الفيلم، قدّم الفنان الكبير نور الشريف شخصية “عزام”، الرجل الذي بدأ حياته كماسح أحذية، ثم تحوّل تدريجيًا إلى واحد من أكبر رجال الأعمال في قلب القاهرة، ومالك لنصف محلات وسط البلد، عزام، الذي بنى ثروته من تجارة المخدرات، لم يتردد في دفع رشوة ضخمة لأحد كبار المسؤولين بالدولة مقابل الحصول على مقعد في البرلمان، في محاولة لتبييض صورته الاجتماعية وتحصين نفوذه.

وهنا يظهر دور الفنان الراحل خالد صالح، الذي جسّد شخصية “كمال الفولي”، القيادي النافذ في الحزب الوطني الحاكم، وصاحب السلطة الفعلية في هندسة الانتخابات واختيار المرشحين ، ولعل من أكثر الجمل تعبيرًا عن منطق السلطة في التعامل مع منصب النائب، ما ورد على لسان شخصية “كمال الفولي” في عمارة يعقوبيان، حين قال بلهجة حاسمة:

“الموضوع مش كفاءة يا زكي بيه.. الموضوع ولاء، هو معانا؟ ولا لأ؟”.

جملة تختصر ببساطة معايير الاختيار داخل منظومة سياسية يغيب عنها الاعتبار الحقيقي للكفاءة أو تمثيل الشعب، وتكشف كيف بات الولاء وهو العملة الأقوى لدخول البرلمان، لا الرؤية ولا المبدأ، هذه العبارة لم تكن مجرد حوار في فيلم، بل تشريح دقيق لعقود من التزكية السياسية المغلقة، حيث يُمنح المقعد النيابي كمكافأة، لا كتكليف.

 

كمال الفولي لا يمثل فقط نائبًا، بل هو صاحب القرار الخفي، الذي يدير الأمور من وراء الستار، ويمنح التزكية لمن يدفع “الثمن السياسي”، سواء بالمال أو بالولاء التام.

يعكس الفيلم، من خلال هاتين الشخصيتين، شبكة العلاقات المعقّدة بين رأس المال الفاسد والسلطة السياسية، ويكشف كيف يتم توظيف البرلمان أحيانًا كوسيلة لحماية المصالح، لا كمنصة لخدمة الشعب، فـ”عزام” لم يكن مهتمًا بقضايا الناس، بقدر ما كان يسعى إلى الحصانة، و”كمال الفولي” لم يكن ينتمي إلى فكرة التمثيل الشعبي، بقدر ما كان يمارس دور الوسيط بين رجال المال والدولة العميقة.

بهذا الطرح الجريء، شكّل عمارة يعقوبيان علامة فارقة في تناول شخصية النائب البرلماني، ليس فقط كشخص، بل كرمز لانحرافات أوسع داخل منظومة الحكم، ما جعله فيلمًا يُناقش في قاعات السينما كما يُناقش في دهاليز السياسة.

“بخيت وعديلة – الجردل والكنكة”.. كوميديا الانتخابات وفضيحة السلطة

في عام 1996، قدّم الكاتب الكبير لينين الرملي والمخرج نادر جلال واحدًا من أجرأ الأعمال الكوميدية السياسية في تاريخ السينما المصرية من خلال فيلم “بخيت وعديلة – الجردل والكنكة”، الذي جاء اسمه كعنوان ساخر مُستلهم من رموز الدعاية الانتخابية الشعبية، ليُصبح تعبيرًا لاذعًا عن ابتذال وفراغ المشهد السياسي في التسعينيات.

يتناول الفيلم – بأسلوب ساخر وحاد – قصة “بخيت” الذي يجسده الزعيم عادل إمام، شاب بسيط يسعى للحصول على شقة كي يتمكن من الزواج من “عديلة”، فيجد أن طريقه الأسرع لتحقيق هذا الحلم هو الترشح لعضوية مجلس الشعب، ومن هنا ينخرط في لعبة السياسة الملوّثة، حيث يرصد الفيلم مراحل العملية الانتخابية بدقة وسخرية، من قرار الترشح، إلى الحملات الدعائية، ثم السمسرة وشراء الأصوات، واللعب بالمال السياسي، وكل ذلك بهدف خطف المقعد البرلماني لا لخدمة الناس، بل لتحقيق أهداف شخصية بحتة.

في ظل أجواء عبثية، ينكشف عالم الانتخابات كفضاء مليء بالمؤامرات والدجّالين و”دعاة الصلاح” المزيّفين، حيث يصبح المقعد البرلماني سلعة تُباع وتُشترى، ويتحوّل الناخب إلى هدف للمساومة، لا مصدرًا للشرعية.

الفيلم لم يكتفِ بالسخرية من المرشحين فقط، بل يفضح أيضًا منظومة السلطة نفسها، ويصل إلى ذروة المفارقة حين يكتشف “بخيت” ورفاقه أن رئيس مجلس الشعب الجديد، الذي يُفترض أن يمثل قمة التشريع والرقابة، ليس إلا نفس الرجل الذي كان قد اشترى منهم المخدرات في وقت سابق، في إشارة فاضحة إلى مدى تغلغل الفساد داخل المؤسسات الرسمية.

“الجردل والكنكة” لم يكن مجرد فيلم كوميدي، بل شهادة سينمائية على مرحلة سياسية كاملة، استخدم فيها لينين الرملي أدوات الضحك لكشف واقع مبكٍ، حيث تتحول الديمقراطية إلى مسرحية هزلية، وأحلام البسطاء إلى أوراق تُحرق في صناديق لا تنتج تمثيلًا حقيقيًا.

 

“طيور الظلام”.. حين يتحوّل البرلمان إلى سوق للمساومات

وفي عام 1995، قدّم فيلم “طيور الظلام” مساحة لافتة لشخصية الوزير رشدي الخيال، التي جسدها ببراعة الفنان جميل راتب، حيث يسعى الوزير إلى الفوز في الانتخابات بعد أن وقع في فخ سياسي دبّره له خصومه، وفي خضم الأزمة، يجد طوق النجاة في المحامي فتحي نوفل، الذي يصبح ذراعه اليمنى.

ورغم أن الفيلم لم يُصرّح بفساد رشدي الخيال بشكل مباشر، كما حدث مع شخصية فتحي نوفل، إلا أن ملامح فساده كانت حاضرة بين السطور، تتجلى أحيانًا في مشاهد عابرة أو تصرفات لا تليق بمن يفترض أنه وزير نزيه يتحلى بعفة اليد.

كما قدّم الفنان رياض الخولي شخصية “علي الزناتي”، المحامي الذي يبدأ طريقه السياسي تحت لافتة الإسلام السياسي، ويخوض الانتخابات البرلمانية مستندًا إلى خطاب ديني تعبوي، يوهم به الجماهير أنه يمثل الحق والفضيلة ، لكن سرعان ما ينكشف الوجه الحقيقي للنائب، حين يتحالف مع النظام نفسه الذي كان يهاجمه، ويُبرم صفقات تُبدّد شعاراته السابقة، يتحوّل “علي الزناتي” من معارض باسم الدين إلى جزء من السلطة، مستخدمًا موقعه في البرلمان لخدمة مصالحه الشخصية، لا المبادئ التي جاء بها، كما

يجسّد “الزناتي” صورة النائب الانتهازي المتقلّب، الذي لا يتردد في بيع قناعاته من أجل النفوذ، وهو نموذج رصده الفيلم بدقة، ليُحذّر من خطر تديين السياسة وتسييس الدين، حين يتحوّل البرلمان إلى منصة للمساومات، لا منبرًا لمحاسبة السلطة.

ومن اهم مقوله قالها الزناتى “أنا نائب عن الشعب، بس الشعب ميعرفش حاجة.. الشعب نايم وأنا بصحاله” .

ومن أبرز المشاهد التي كشفت واقع الفساد بشكل ساخر وموجع، ذلك المشهد أثناء عزاء والد النائب فتحي نوفل، حين دخل أحد المواطنين لتقديم واجب العزاء، ثم استغل اللحظة ليطالبه باسترداد أموال كان قد دفعها لوالده في وقت سابق، فجاء رد نوفل الصادم ساخرًا وجارحًا في آنٍ واحد”روح خُدهم منه”، في إشارة واضحة إلى أن الفساد لا يموت بموت صاحبه، بل يظل حيًّا في آثاره، وأن الضمير قد دُفن قبل الجثمان.

لم تكن شخصية “نائب مجلس الشعب” في السينما المصرية مجرد دور عابر، بل كانت دائمًا مرآة ساخرة وحادة تعكس علاقة السلطة بالشعب، وتُعيد طرح السؤال القديم: هل تمثل الشاشة النائب كما هو، أم تُبالغ في تشويهه؟

بينما تطرح بعض الأصوات أن السينما قد ظلمت النائب، يرى نقاد كبار أن العكس هو الصحيح، فالسينما – بحسبهم – لم تُختلق الفساد بل وثّقته، وكانت أكثر صدقًا من كثير من التقارير الرسمية أو محاضر الجلسات، خاصة في الفترات التي خضع فيها البرلمان لسطوة الحزب الواحد، وأصبح مقعده مرهونًا بالولاء لا بالكفاءة.

في هذا السياق، تتعدد شهادات النقاد الذين قرأوا هذه الصورة السينمائية باعتبارها وثيقة سياسية واجتماعية، تكشف كيف تحوّل البرلمان من منبر للمحاسبة إلى ديكور يجمّل الواجهة.

يرى الناقد السينمائي طارق الشناوي أن السينما المصرية لم تظلم نائب البرلمان، بل رصدت واقعه بدقة، خاصة في العقود التي شهدت تحكم الحزب الواحد، حيث أصبح الوصول للبرلمان مرهونًا بالولاء لا بالكفاءة ، ويقول في أحد حواراته “السينما لا تختلق فساد النائب، بل ترصده، والدراما دائمًا أصدق من محاضر الجلسات”.

أما الناقد أمير العمري، فيرى أن الأفلام مثل “عمارة يعقوبيان” و”طيور الظلام” قدّمت ما لم تجرؤ الصحافة على قوله، وأضاف “شخصية النائب في السينما كانت تنذر مبكرًا بأن البرلمان فقد معناه.. وتحول إلى ديكور للسلطة” .

وتضيف الناقدة ماجدة خير الله في دراسة لها حول “السلطة في السينما المصرية” أن النائب دائمًا ما يظهر ككائن انتهازي.. لا يهمه المواطن بل ما يجنيه من الجلسات والصفقات، وهي صورة لم تأتِ من فراغ.

وهكذا، تبقى صورة النائب في السينما انعكاسًا لواقع مُخزٍ، لا بطلًا شعبيًا بل تاجر نفوذ، لا مدافعًا عن الناس بل ساعيًا وراء مكاسب شخصية، ويبدو ان السينما ستستمر في هذا التوصيف، فربما لأنها لم تجد في الواقع ما يستحق أن يُجسَّد كنائبٍ عن الشعب، بل عن نفسه فقط.”