هل تعتبر «الأموال الساخنة» فرصة أم تهديد للاقتصاد المصري؟… تحليل خبير

تقرير: سمر أبو الدهب
الأموال الساخنة أو الـ”Hot Money” هي مصطلح يُطلق على رؤوس الأموال الأجنبية التي تتدفق إلى دولة ما بهدف تحقيق أرباح سريعة من خلال الاستثمار قصير الأجل، مثل شراء أذون الخزانة الحكومية والسندات، وتتميز هذه الأموال بسرعة حركتها وتقلبها، حيث تنجذب إلى الدول التي تقدم أسعار فائدة مرتفعة أو فرصًا استثمارية سريعة، على الرغم من أنها قد توفر فوائد قصيرة الأجل مثل دعم الاحتياطي النقدي وتنشيط البورصة، إلا أن خروجها المفاجئ يشكل خطرًا كبيرًا على الاستقرار الاقتصادي، مما يجعلها سلاحًا ذا حدين.
مصر والأموال الساخنة تاريخ من الجذب والتقلبات
وفي هذا السياق، قال الدكتور أحمد سمير، عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، في تصريح خاص لـ«الحرية»، إن مصر تعتبر من أبرز الدول التي اعتمدت على الأموال الساخنة في السنوات الأخيرة كأداة لتمويل احتياجاتها من العملة الصعبة، بعد تحرير سعر الصرف في عام 2016، حيث رفعت الحكومة المصرية أسعار الفائدة بشكل كبير لجذب المستثمرين الأجانب لشراء أدوات الدين المحلية، مما أدى إلى تدفق مليارات الدولارات إلى البلاد، هذه السياسة التي كانت تهدف إلى تعزيز الاحتياطي النقدي الأجنبي وتوفير سيولة دولارية ضرورية لدعم الاقتصاد.
المخاطر الرئيسية للأموال الساخنة على الاقتصاد المصري
وأضاف «سمير»، على الرغم من الفوائد المؤقتة، فقد أظهرت تجربة مصر مع الأموال الساخنة مخاطرها الكبيرة، حيث أنه في أوقات الأزمات العالمية مثل جائحة كورونا والحرب الروسية الأوكرانية، خرجت هذه الأموال من مصر بشكل جماعي وسريع، مما تسبب في ضغوط هائلة على سعر صرف الجنيه المصري، علمًا بأن خروج الأموال الساخنة يؤدي إلى نقص في المعروض من الدولار، مما يضع ضغطًا تصاعديًا على سعر الصرف ويزيد من تكلفة الواردات، ويزيد من معدلات التضخم.
وتابع أنه قد تساهم الأموال الساخنة في خلق فقاعة في أسعار الأصول، حيث ترتفع أسعارها بشكل غير مستدام، وعند خروجها، تنفجر الفقاعة وتنهار الأسعار، مما يؤدي إلى خسائر فادحة، ولجذب هذه الأموال، تضطر الحكومة إلى دفع فوائد مرتفعة، مما يزيد من أعباء الدين العام على المدى الطويل.
هل الأموال الساخنة مفيدة لمصر؟
ولفت «سمير»، إلى أنه يمكن القول إن الأموال الساخنة لم تعد استراتيجية مستدامة ومفيدة لمصر على المدى الطويل، بينما ساعدت في حل بعض المشاكل المالية الطارئة، إلا أن اعتماد مصر عليها كحل أساسي قد أثبت فشله في تحقيق الاستقرار، وإن الخروج المفاجئ لهذه الأموال يعيد الاقتصاد إلى نقطة الصفر، ويقوض أي مكاسب قد تحققت، كما أن تكلفتها المتمثلة في دفع فوائد مرتفعة تزيد من الأعباء المالية على الدولة.
وأكد أنه يجب على مصر التوجه نحو استراتيجيات أكثر استدامة، مثل: جذب الاستثمار الأجنبي المباشر الذي يركز على إنشاء مصانع ومشاريع إنتاجية طويلة الأجل، مما يخلق فرص عمل ويساهم في زيادة الصادرات وتوفير العملة الصعبة بشكل مستقر، ودعم قطاعات مثل الصناعة والزراعة والتكنولوجيا لزيادة الإنتاج المحلي وتقليل الاعتماد على الواردات، والاعتماد على مصادر مستقرة مثل عائدات قناة السويس، السياحة، وتحويلات المصريين بالخارج، والعمل على زيادتها.
وأشار إلى أن الأموال الساخنة تشبه المسكن المؤقت الذي قد يخفف الألم لفترة، لكنه لا يعالج المرض الأساسي، وأنه لمستقبل اقتصادي مستقر ومزدهر، تحتاج مصر إلى استثمارات حقيقية طويلة الأجل بدلاً من الاعتماد على تدفقات مالية سريعة ومتطايرة.