ذكرى ميلاد مديحة كامل: رمز الجمال في تاريخ السينما الذي غادرنا مبكرًا

تحل اليوم ذكرى ميلاد مديحة كامل، الفنانة الراحلة التي وُلدت في 3 أغسطس عام 1948، وارتبط اسمها بمجموعة من أهم الأعمال في تاريخ السينما المصرية، بعدما تركت بصمة مميزة رغم رحيلها المبكر وقرارها المفاجئ بالاعتزال في قمة شهرتها.
ذكرى ميلاد مديحة كامل.. قصة بداية هادئة ونهاية مفاجئة
في مثل هذا اليوم من عام 1948، وُلدت مديحة كامل في مدينة الإسكندرية، وبدأت حياتها بشكل طبيعي بعيدًا عن الفن، انتقلت إلى القاهرة عام 1962 مع أسرتها، وهناك التحقت بكلية الآداب بجامعة عين شمس عام 1965، في تلك المرحلة لم تكن تخطط لأن تكون ممثلة، لكنها دخلت المجال صدفة عبر عروض الأزياء، لتبدأ من هناك أول خطوة نحو السينما.
عام 1964 ظهرت مديحة في أدوار صغيرة بعدد من الأفلام والمسرحيات، ولفتت الأنظار بجمالها المختلف وحضورها الهادئ، وكانت أول بطولة لها أمام الفنان فريد شوقي في فيلم “30 يوم في السجن”، وهو ما شكّل نقطة التحول الأولى في حياتها الفنية.
البطولة المطلقة
رغم ظهورها كبطلة إلى جانب فريد شوقي، غابت مديحة كامل عن الساحة لفترة تقارب العامين، ثم عادت إلى العمل مرة أخرى، وشاركت في أفلام داخل مصر ولبنان، لكنها في البداية لم تحصل على أدوار بارزة، وكان حضورها يقتصر على الأدوار الثانوية أو الجمالية.
نقطة الانطلاق الحقيقية جاءت في أواخر السبعينيات عندما شاركت في فيلم “الصعود إلى الهاوية” مع المخرج كمال الشيخ، وبطولة محمود ياسين.
في هذا الفيلم قدمت مديحة دورًا مركبًا ونجحت فيه باقتدار، واعتبره كثيرون أهم أدوارها على الإطلاق، إذ جسدت شخصية جاسوسة مصرية يتم استدراجها من قبل جهات أجنبية، في قصة مستوحاة من أحداث حقيقية.
أعمال مديحة كامل: تنوّع في الأدوار وتميّز في الأداء
قدمت مديحة كامل أكثر من 94 فيلمًا، إلى جانب 9 مسلسلات تليفزيونية و5 مسرحيات، استطاعت أن تتنقل بين أنواع متعددة من الشخصيات، من الفتاة الرومانسية، إلى السيدة القوية، إلى الأم، وحتى المرأة الغامضة.

من أبرز أفلامها:
“العفاريت” (1990) مع عمرو دياب، حيث جسدت شخصية أم يتم اختطاف ابنتها من قبل عصابة، في عمل يُعد من أشهر أفلام تلك الفترة.
“شاهد إثبات”، “القطار”، “احترس من الخط”، وغيرها من الأعمال التي لاقت نجاحًا واسعًا.
قدمت أيضًا أدوارًا اجتماعية وإنسانية في عدد من المسلسلات مثل “البشاير” و**”الأفعى”**.
وصفها النقاد بأنها “أجمل وجه مر على شاشة السينما”، ولم يكن هذا الوصف مبالغًا فيه، فقد امتلكت ملامح هادئة وصوتًا ناعمًا ساعداها في تجسيد الشخصيات بأسلوب مميز.
قرار الاعتزال.. لحظة لم يتوقعها أحد
في منتصف التسعينيات، وبينما كانت لا تزال في قمة شهرتها، قررت مديحة كامل أن تعتزل التمثيل بشكل مفاجئ، ارتدت الحجاب، وابتعدت عن الكاميرات تمامًا، ورفضت الظهور الإعلامي أو التراجع عن قرارها، كان آخر أعمالها فيلم “بوابة إبليس”، لكنها لم تكمله بالكامل، وتمت الاستعانة بدوبليرة لاستكمال بعض المشاهد بعد إعلان اعتزالها.
ابتعدت مديحة عن الأضواء تمامًا، واختارت أن تقضي ما تبقى من حياتها في هدوء، ملتزمة بتفرغها للعبادة والأسرة، رافضة جميع العروض التي جاءت لها للعودة إلى التمثيل.

رحيل صادم رغم غياب طويل
رغم أن الجمهور اعتاد على غيابها بعد الاعتزال، إلا أن خبر وفاتها في 13 يناير عام 1997 كان صادمًا، توفيت مديحة كامل بهدوء في منزلها بالقاهرة، بعد معاناة قصيرة مع المرض، تاركة وراءها إرثًا فنيًا كبيرًا.
كانت تبلغ من العمر آنذاك 48 عامًا فقط، وهو عمر صغير نسبيًا، خاصة لفنانة لا تزال قادرة على العطاء، لكن يبدو أن اختيارها للابتعاد عن الأضواء جاء أيضًا تمهيدًا لرحيلها بهدوء، كما عاشت السنوات الأخيرة من حياتها.
مديحة كامل في عيون الجمهور
حتى بعد مرور سنوات طويلة على وفاتها، لا تزال مديحة كامل حاضرة في ذاكرة الجمهور، مقاطع من أفلامها تنتشر على منصات التواصل، وصورها تُستخدم في مقارنات الجمال الطبيعي، وأعمالها تعرض باستمرار على القنوات الفضائية.
اللافت في مسيرة مديحة كامل أنها لم تعتمد على الإثارة أو الأساليب المفتعلة للشهرة، بل كانت خطواتها الفنية محسوبة، وأدوارها متزنة، وكانت تميل إلى الأدوار التي تمزج بين الرقة والقوة، وهو ما جعلها قريبة من القلوب، خاصة في أدوارها كأم أو امرأة تواجه مأساة.
نرشح لك: ارتدت الحجاب واستعانوا بدوبليرة بعد اعتزالها.. محطات في ذكرى وفاة مديحة كامل
في ذكرى وفاة أحمد زويل.. رحلة عالم مصري بدأ من دمنهور ورفع اسم مصر إلى نوبل