البقاء في منزل العمر: المستأجرون يتحدى خطر الإخلاء بعد تشريع الإيجارات الجديد: “خُذلنا وأصبح مصيرنا الشارع”

البقاء في منزل العمر: المستأجرون يتحدى خطر الإخلاء بعد تشريع الإيجارات الجديد: “خُذلنا وأصبح مصيرنا الشارع”

كتبت: سمر أبو الدهب

أثار القانون الذي ينظم العلاقة بين المالك والمستأجر في عقود “الإيجار القديم” جدلًا واسعًا، خاصة بعد تعديلاته الأخيرة التي تهدف إلى إنهاء هذه العلاقة الإيجارية بعد فترة محددة.

من وجهة نظر المستأجرين، فإن هذا القانون لا يراعي أبعادًا إنسانية واجتماعية، ويشكل تهديدًا مباشرًا لاستقرارهم وأمنهم السكني، وفي هذا التقرير نلقي الضوء على أوجه الضرر الرئيسية من وجهة نظر المستأجرين.

التهديد بفقدان السكن

يعيش الكثير من المستأجرين، وخاصة كبار السن، حالة من الخوف والقلق من فقدان مسكنهم الذي عاشوا فيه لعقود، حيث أصبحوا أمام خيارين كلاهما صعب، إما إخلاء المنزل بعد انتهاء الفترة المحددة في القانون، أو التفاوض مع المالك على قيمة إيجارية جديدة قد تكون خيالية.

ويقول أحد المستأجرين المُسنين: “عشت في هذا المنزل أكثر من 50 عامًا، الآن، ومع معاشي البسيط، كيف سأجد مسكنًا جديدًا؟ و كيف أحتمل عناء الانتقال الى منزل جديد، القانون يرمي بي إلى الشارع بعد أن أفنيت عمري في هذا المكان”.

ويرى المستأجرون أن القانون أعطى المالك الحق في طلب زيادة “غير عادلة” في الإيجار، مستغلًا عدم وجود سقف يحدد هذه الزيادة، مما يضع المستأجر في موقف ضعف، حيث يُجبر على الموافقة على شروط المالك مهما كانت مجحفة، لتجنب الإخلاء.

وقالت سيدة متضررة، “المالك يُلمح بمطالبتي بـ 20 ضعف الإيجار القديم وإلا! ، هذا المبلغ يعادل راتب ابني الوحيد بالكامل”، مضيفة: “القانون لم يراعِ أننا لسنا ملاكًا، بل مستأجرون بسطاء لا نستطيع تحمل هذه الأسعار الجنونية”.

فقدان حقوق مكتسبة

يشعر المستأجرون أن هذا القانون سلب منهم حقًا مكتسبًا كان يضمن لهم استقرارًا طويل الأمد، فقد بنوا حياتهم وأسرهم على أساس أن هذا المسكن آمن ومستقر، وفجأة، أصبح هذا الأمان مهددًا.

قال “رشاد عبد المعز” طيار متقاعد، لقد استثمرنا في هذا المسكن، أصلحناه ورعيناه كأنه ملكنا، الآن يأتي القانون ليخبرنا أن كل ذلك لم يعد له قيمة، هذا ليس فقط ضررًا ماديًا، بل هو شعور بالغدر والخذلان، لقد عشت عمري بأكمله في هذا المكان ولم أتخيل أن أتركه يومًا”.

الآثار الاجتماعية والنفسية السلبية

تؤدي حالة عدم اليقين المستمرة إلى توتر وضغط نفسي كبير على الأسر، ففكرة الانتقال القسري، والبحث عن سكن جديد بأسعار مرتفعة، تشكل عبئًا نفسيًا ثقيلًا، خاصة على كبار السن والمرضى.

وأشارت دراسات اجتماعية إلى أن حالات الاكتئاب والقلق ازدادت بين هذه الفئة من المستأجرين، بعد ما تحول شعورهم بالأمان إلى تهديد دائم.

 آراء من واقع الحياة

السيدة فايقة “70 عامًا”، تقول هي الأخرى: “أعيش في هذه الشقة منذ أن كنت عروسًا، كل ركن فيها له ذكرى، ليس لدي القدرة على الانتقال أو التأقلم مع مكان جديد، ولم أعتاد العيش في مكان أقل في المستوى الاجتماعي من ما أعيش به الآن، والقانون لم يراعِ إنسانيتنا”.

أما أحمد عبد المولى، “65 عامًا”، فيقول: “كنت أدفع إيجارًا رمزيًا لعقود، وهذا كان يسمح لي بتوفير نفقات علاجي بعد أن داهمتني الأمراض، الآن المالك يطالب بزيادة كبيرة، أو الإخلاء، وأنا أمام خيارين، إما أن أتنازل عن علاجي، أو أتشرد، القانون وضعني في مأزق لا حل له”.

ويرى المستأجرون المتضررون أن هذا القانون، وإن كان يهدف إلى تنظيم العلاقة الإيجارية، إلا أنه لم يضع في اعتباره البعد الإنساني والاجتماعي، مطالبين بإيجاد حلول أكثر عدالة، مثل توفير بدائل سكنية بأسعار معقولة، أو وضع سقف للزيادة في الإيجارات، بما يحقق التوازن بين حقوق الملاك وحماية حقوق المستأجرين، خاصة الفئات الأكثر ضعفًا.