محمد حسين الجداوي يكتب لـ«الحرية»: الأكاديمية المتقدمة لخدمات التوصيل

لا أخفيكم سرًا أنني من عشاق البيتزا بقطع السجق البلدي، وعند طلبي للأوردر اعتاد على توصية الكول سنتر بإضافة كيسين كاتشب من عنده على خلفية ارتفاع معدل طلباتي للبيتزا خاصةً “اللي عليها العرض عرضين”.
وبينما أنتظر رنة جرس هاتفي لاستقبال أسئلة واستفسارات الدليفري قُبيل وصوله إلى عنواني المعروف مسبقًا عند جنابه، إلا أنه جرّت العادة أن يتعامل معك صاحب الدراجة النارية أو العجلة الهوائية “البسكلتة يعني”، على أنك في كوكب آخر لا عنوان واضح لمنزلك أو أن الـ GPS واخد على خاطره منك ومش هيوصله.
غالبًا عند وصول الدليفري في ساعة متأخرة من تاريخه، وأنا أتضور جوعًا وأعض يدي ولا أعض رغيفي، لأن التلاجة مفهاش عيش، أترجاه أن يتنازل ويستقل أسانسير العمارة التي أقطن بها وبالطبع سأراضيه، لكنه يساومني مع سماع عصافير بطني بتصوصو، بعبارة زي اللبانة الدكر: “يا بشوية المكنة هتتسرق لو طلعتلك”، فاضطر منزعجًا أن أغادر كنبتي -اللي اشتكت مني-، وارتدي عبايتي المغربي، وشبشبي الزنوبة -لا مؤاخذة-، وأبحث عن مفاتيح الشقة وريموت الأسانسير ومفتاح فتح باب العمارة “توماتيكي توماتيكي”، وأقطع بنات أفكاري مع حلم تناول البيتزا مع بناتي بدون أفكاري، ليقابلني عامل الدليفري بشيء من العبوث في وجهي لأنني تأخرت عليه بضع دقائق والباشا مستعجل علشان عنده أوردارات تانية.
أجرّ في قدمي مهرولاً ناحية باب الأسانسير الذي سحبه أحد السكان للدور السابع، وأنا أقف في حيرة من أمري: يا ترى مين اللي نازل أنا لابس عباية وشكلي مبهدل وكمان هيدي البيتزا عين وهيجيلي نزلة معوية أو خناقة زوجية.
القصة التي ذكرتها مداعبًا بها القلّة من عمال الدليفري أخواتنا وأصدقائنا وشركائنا في المجتمع بكل تأكيد، هي من باب الودّ وتسجيل ملاحظة لا أكثر، مش كل الزباين زي بعضها، ومش كل أوردر لازم أنزلك الشارع، لإما هضطر أبلغ عنكم “المعهد العالي للدليفري”، والدراسة هناك إلزامية لمدة 800 أوردر علشان تتعلم “إتيكيت الدليفري” على أصوله، وشهادة التخرج موثقة بصيغة “عامل دليفري معتمد”.. وريني الكارنيه!!