صوم السيدة العذراء: روحانية فريدة وعادات راسخة في دير درنكة

يُعد صوم السيدة العذراء من أبرز الأصوام المحببة لدى ملايين الأقباط، لما يحمله من روحانية خاصة، حيث تبدأ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية صوم العذراء في السابع من أغسطس ويستمر لمدة 15 يومًا، حتى يوم 22 من الشهر نفسه، وهو عيد انتقال جسد السيدة العذراء إلى السماء.

هذا الصوم لا يُعد من الأصوام المفروضة بل هو “صوم حب”، فرضه الشعب وتم اعتماده لاحقًا من قبل الكنيسة، لما فيه من تقوى وتكريس للنفس والصلاة.

 صوم السيدة العذراء..  الجذور والتاريخ

يرتبط هذا الصوم بقصة رواها التقليد الكنسي عن صوم تلاميذ المسيح بعد انتقال السيدة العذراء، وخاصة صوم القديس توما الرسول الذي وصل بعد رحيلها، وشهد صعود جسدها بنفسه.

ومن هنا، أصبح هذا الصوم مرتبطًا بالتكريم والاقتداء بحياة السيدة العذراء التي اتسمت بالطهارة والتواضع والصمت المقدس.

خلال هذه الفترة، تُقام نهضات روحية في معظم الكنائس، تتضمن ترانيم، تأملات، صلوات مسائية، وصيام صارم في بعض الأحيان يُعرف بـ “صوم الماء والملح”.

 صوم العدرا..  طعام بلا دسم

يتُبع خلال صوم العدرا نظامًا غذائيًا نباتيًا، وفي بعض الحالات يتم الامتناع عن الزيوت تمامًا، خاصة في الأيام الأولى.

من أشهر الأطعمة المرتبطة بهذا الصوم : الدقة، الشلولو، والبقوليات، وهي أطعمة بسيطة تُعبر عن الزهد والرجوع إلى الله.

 دير العذراء بدرنكة..  محج روحي

يُعد دير السيدة العذراء بجبل درنكة بأسيوط من أهم المعالم الروحية خلال هذا الصوم، ويستقبل مئات الآلاف من الزائرين سنويًا خلال فترة صوم العدرا.

يعود تاريخ الدير إلى أقدم العصور، ويُعتقد أن العائلة المقدسة مرت به أثناء هروبها إلى مصر.

تُقام في الدير نهضة كبرى كل عام تمتد طوال فترة الصوم، وتشمل صلوات قداسات، ترانيم، تأملات، ومظاهر احتفال شعبية، ما يجعله مزارًا روحانيًا هامًا في صوم العذراء.

 دير درنكة.. وجهة للسلام 

الدير على سفح جبل أسيوط، ويُطل على منظر طبيعي خلاب يجذب الزوار من مختلف المحافظات وحتى من الخارج.

يُعتبر دير درنكة أيقونة للسلام النفسي والسكينة، وهو الوجهة الأولى للكثيرين في فترة الصوم، بحثًا عن البركة والراحة الروحية.

روحانية صوم العذراء

ما يميز هذا الصوم أنه ليس فقط فترة زهد جسدي، بل هو موسم للتأمل والتوبة والصلاة والاقتراب من الله، على مثال السيدة العذراء التي عاشت حياة مكرسة بالكامل لله.

في الختام، صوم السيدة العذراء هو رحلة روحية متميزة ينتظرها الأقباط كل عام، يجمع بين الزهد والفرح الروحي، بين الصلاة والنهضات الكنسية، وبين الذكرى المباركة لسيدة الطهر والقداسة، العذراء مريم.