محمد سعد عبد اللطيف يكتب: مصر في قبضة التحديات والضباب.. ما بين صمت القضايا واستفهام المستقبل!

محمد سعد عبد اللطيف يكتب: مصر في قبضة التحديات والضباب.. ما بين صمت القضايا واستفهام المستقبل!

 

قال أحدهم يومًا، في لحظة ضيق وغضب: “تعبوني العرب”. لم تكن مجرد زلة لسان، بل صرخة رجل أنهكته العواصف من الداخل قبل الخارج.

تلك العبارة القديمة تعود الآن إلى الذاكرة، لا بوصفها مرارة تاريخية، بل كأنها مرآة للحاضر، حيث تتراكم على الطاولة ذاتها ملفات لا تحصى، ويجلس في المقعد ذاته رجل تلتف من حوله دوائر النار والغموض، يحاول أن يبقى صامدًا في قلب الإعصار.

كل ملف في مصر ليس مجرد ورقة على مكتب، بل بركان صغير نائم على طاولة مشتعلة. لا يكاد المرء يفتح أحدها حتى تهب عليه رياح الصداع القومي، وتتراءى له تشققات الجدار العام، من السطح حتى الجذور. نحن أمام دولة عظيمة بثقلها وتاريخها، لكنها تمرّ بلحظة هشّة، تتأرجح فوق حبل مشدود، بين ماضٍ يضغط، وحاضر يضج، ومستقبل مموّه الملامح.

الرئيس بين الملفات والظلال

في القصر، يجلس الرئيس عبد الفتاح السيسي، لا كزعيم فرد، بل كحامل لإرث مثقل، وواقع شائك، ومستقبل محاصر بالاحتمالات.

ملف تلو الآخر يتكدس أمامه:

ـ انتقال السلطة؛ حديث لا يُقال علنًا، لكنه يهمس في الغرف الخلفية ويطل من نوافذ القلق الوطني.

ـ ملف السجناء السياسيين؛ جرح مفتوح لا يندمل بالعفو، ولا يهدأ بالتصريحات.

ـ الغلاء، البطالة، الأجور، والمعاشات؛ مرآة يومية لتعب المواطن، وصمته، وانكساراته.

ـ التعليم والصحة؛ مؤسسات تنهض بها الأمم، لكنها في مصر تتأرجح على حافة الإهمال، تنتظر من ينتشلها من وهن السنين.

ـ علاقات متشابكة مع القوى الإقليمية والدولية؛ رقعة شطرنج تُلعب على أرض تميد، من إثيوبيا إلى الولايات المتحدة، ومن الخليج إلى الضفة الأخرى من النيل، حيث الأشقاء الذين لا يُعرف لهم وجه واحد.

السؤال الذي لا يُقال

هل سيتكرر مشهد السادات حين مشى إلى القدس لأنه شعر بالخذلان؟

هل يشعر الرئيس اليوم بما شعر به سلفه، لا تجاه الخارج فقط، بل تجاه الداخل الصامت الذي لم يعد يملك حتى رفاهية الاعتراض…؟

لقد تحوّلت المعركة من حرب مدافع إلى حرب لقمة.

من الدفاع عن الأرض إلى الدفاع عن حق الحياة.

المنطقة: عاصفة لا تهدأ

مصر ليست جزيرة معزولة، بل قلب في محيط مضطرب.

من ليبيا إلى السودان، ومن غزة إلى إثيوبيا، ومن الخليج إلى البحر الأحمر، العواصف لا تهدأ.

كل جار يحمل خنجرًا وكلمة ودّ، وكل حليف مؤقت يحمل أجندة لا تُقال، وشروطًا لا تُكتب.

الجامعة العربية بلا نبض، تنتظر أمينًا عامًا جديدًا، ربما بلا جديد، فيما الكلمة الحاسمة تصاغ خارج أسوارها.

بين الحكمة والصبر… وطوق النجاة

في وسط هذا الركام، تبرز معادلة صعبة: كيف تُدار دولة بهذا الثقل وسط هذا الكم من الأزمات دون أن تنفجر أو تتآكل؟

الصبر مطلوب، نعم. والحكمة ضرورة. لكن إلى متى…؟ وأين طوق النجاة…؟

هل يكون في مشروع وطني شامل يعيد ترتيب الأولويات…؟

هل تبدأ الدولة بسؤال الشعب عن أوجاعه لا عبر لجان، بل عبر مصارحة تاريخية نادرة…؟

أم أن الزمن سيستمر في الدوران، حتى ينفد الأمل.

؟ الغد المجهول…!

ما يحدث في مصر الآن ليس فصلًا من كتاب، بل كتاب يُعاد تأليفه كل يوم.

الملفات الشائكة والساخنة ليست أوراقًا على طاولة، بل أرواح تنتظر الخلاص، وبلد يبحث عن معجزة، لا من الخارج، بل من أعماقه.

ويبقى السؤال معلقًا في سماء القاهرة:

هل من مخرج قبل أن ينطفئ الضوء…..؟