عقد من المعاناة الاقتصادية: كيف تحولت اللحوم في مصر من عنصر أساسي إلى حلم صعب المنال

عقد من المعاناة الاقتصادية: كيف تحولت اللحوم في مصر من عنصر أساسي إلى حلم صعب المنال

كتبت: سمر أبو الدهب

شهدت أسعار اللحوم في السوق المصري قفزات هائلة على مدار العقد الماضي، بدءًا من عام 2015 وحتى العام الحالي 2025، لم يكن هذا الارتفاع تدريجيًا دائمًا، بل تخللته فترات من التسارع الشديد، خاصة بعد القرارات الاقتصادية الكبرى التي اتخذتها الدولة.

في بداية هذه الفترة، وتحديدًا في عام 2015، كانت أسعار اللحوم في متناول شريحة أكبر من المواطنين، حيث تراوح متوسط سعر كيلو اللحم الكندوز أو الضأن البلدي بين 60 و 75 جنيهًا مصريًا. كانت هذه الفترة تمثل نقطة بداية لرحلة صعود مستمرة في الأسعار.

بحلول عام 2016، بدأت الأسعار في التزايد بشكل ملحوظ، لتقفز أسعار الكيلو إلى ما بين 90 و 100 جنيهًا، هذا الارتفاع، الذي وصل إلى حوالي 30% – 40% عن العام الذي يسبقه، كان مؤشرًا على التغيرات الاقتصادية القادمة، أما عن القفزة الأكبر فقد جاءت في نهاية هذا العام ومع بداية 2017، حيث أثر قرار تعويم الجنيه المصري بشكل مباشر على تكلفة استيراد الأعلاف والماشية، في عام 2017، لامست الأسعار مستويات تتراوح بين 120 و 150 جنيهًا للكيلو، مسجلة ارتفاعًا تراوح بين 35% و 45% عن عام 2016، وهو ما شكل صدمة للمستهلكين.

موجة من الاستقرار النسبي في أسعار اللحوم 

في عام 2018، استمرت الأسعار في الارتفاع لتصل إلى ما بين 130 و 160 جنيهًا، بزيادة معقولة نسبيًا تتراوح بين 10% و 20%، ثم شهدت الأعوام التالية، 2019 و 2020، فترة من الاستقرار النسبي أو ارتفاعات طفيفة، حيث تراوحت الأسعار بين 110 و 140 جنيهًا للكيلو، هذا الاستقرار، وإن كان على مستوى أسعار أعلى مما كانت عليه قبل التعويم، أعطى بعض الهدوء في السوق.

مع بداية عام 2021، عادت أسعار اللحوم للارتفاع، لتتراوح بين 130 و170 جنيهًا للكيلو، بزيادة تقدر بـ 10% إلى 20%، هذا الارتفاع استمر بوتيرة أسرع في عام 2022، حيث وصل متوسط سعر الكيلو إلى ما بين 180 و200 جنيهًا، مسجلًا ارتفاعًا يتراوح بين 20% و30%.

كانت الصدمة الأكبر في عام 2023، والذي شهد أعلى نسبة ارتفاع سنوية في أسعار اللحوم منذ بداية هذه الفترة، حيث قفزت الأسعار بشكل جنوني لتبلغ ما بين 300 و380 جنيهًا للكيلو، وهو ما يمثل زيادة مذهلة تتراوح بين 60% و90% عن أسعار عام 2022، هذا الارتفاع القياسي كان نتيجة لتراكم الضغوط الاقتصادية وتأثير تذبذبات سعر الصرف وارتفاع تكاليف الإنتاج بشكل غير مسبوق،

وفي النصف الأول من عام 2024، استمرت الأسعار في الارتفاع، لتتخطى حاجز الـ 400 جنيهًا في العديد من الأنواع والمناطق، ووصلت في بعض الأحيان إلى 450 أو حتى 500 جنيهًا للكيلو، بمتوسط ارتفاع يتراوح بين 20% و30% عن أسعار عام 2023، هذا الارتفاع، وإن كان بوتيرة أبطأ نسبيًا من عام 2023، إلا أنه يمثل استمرارًا للضغط على ميزانية الأسر المصرية.

أما بالنسبة للعام الحالي 2025، فيتوقع بعض المحللين أن يشهد الربع الأخير منها نوعًا من الاستقرار أو حتى تراجعًا طفيفًا للأسعار مقارنة بقمة 2024.

تأتي هذه التوقعات مدفوعة بجهود الحكومة لزيادة المعروض من اللحوم المحلية والمستوردة، بالإضافة إلى محاولات ضبط الأسواق وتثبيت سعر الصرف، ومع ذلك، من غير المرجح أن تعود الأسعار إلى مستوياتها المنخفضة التي كانت عليها قبل موجات التضخم الأخيرة.

وعليه، يمكن وصف العقد الماضي بأنه فترة تحول جذري في سوق اللحوم المصري، حيث ارتفعت الأسعار بشكل غير مسبوق، مما جعل اللحوم سلعة فاخرة للكثيرين، وتغيرت معها عادات الاستهلاك لدى قطاع عريض من المواطنين.