صرخة قلبية: «اللحمة البلدي» مخصصة للأغنياء فقط والفقراء خارج اللعبة: «أصبحت محرّمة على أسرنا»

صرخة قلبية: «اللحمة البلدي» مخصصة للأغنياء فقط والفقراء خارج اللعبة: «أصبحت محرّمة على أسرنا»

كتبت: سمر أبو الدهب

في صمت مطبق، تتلقى الأسر المصرية صدمة تلو الأخرى مع كل تحديث لأسعار السلع الأساسية، ويبقى سعر اللحمة البلدي، الذي يتراوح اليوم ما بين 330 و420 جنيهًا، هو الطعنة الأشد في قلوب الكثيرين، إذ لم تعد اللحوم سلعة يمكن شراؤها بسهولة، بل أصبحت رفاهية لا يقوى عليها إلا القليل.

هذا ليس مجرد رقم على قائمة أسعار؛ إنه انعكاس لمعاناة يومية تعيشها آلاف الأسر، فكيف لأب أن يشاهد أطفاله يشتهون قطعة لحم لا يستطيع توفيرها؟ وكيف لأم أن تشعر بالعجز وهي تعلم أن أطفالها لا يحصلون على البروتين اللازم لنموهم السليم؟

“ولادنا مش بياكلوا لحمة” تلك العبارة التي تتردد على ألسنة العديد من المواطنين، ليست مجرد شكوى عابرة، بل هي صرخة ألم تخرج من أعماق قلوب أنهكها القلق على مستقبل الأبناء وصحتهم، البروتين، الذي يُعد حجر الزاوية في بناء الأجسام السليمة والعقول النامية، أصبح بعيد المنال عن موائد الكثيرين.

هذه الأزمة لا تؤثر فقط على الجانب المادي، بل تمس الجانب الإنساني والنفسي بعمق، إنها تضع الآباء والأمهات في مواجهة شعور قاسٍ بالعجز، وتحرم الأطفال من حقهم في التغذية السليمة، مما قد يؤثر على صحتهم ونموهم على المدى الطويل، إنها دعوة للتفكير في هذه الأسر التي تكافح بصمت، وتأمل في أن يأتي اليوم الذي تعود فيه اللحمة البلدي إلى موائد الجميع، ليس كرفاهية، بل كحق أصيل في حياة كريمة وصحية.

من صدى الشارع المصري

قالت فاطمة مختار، ربة منزل: “أنا بقالي شهور ما دخلتش بيتي لحمة، عيالي بيسألوني عليها كل شوية، وقلبي بيوجعني إني مش عارفة أوفرلهم حقهم في الأكل زي بقية الناس”.

وقال أحمد المغربي، موظف حكومي: “زمان كنا بنجيب كيلو اللحمة ده زي أي حاجة تانية، دلوقتي عشان أجيب ربع كيلو لازم أعمل له ألف حساب، حاسس إن ولادي محرومين، ومفيش حاجة في إيدي أعملها”.

وأضافت الحاجة أم محمد بأسى، مستذكرة أيامًا مضت: “كنا زمان بنعمل الفتة وبنغطي وش الصينية باللحمة، دلوقتي بتعملها من غير لحمة أو بربع لحمة مستوردة”.

من جانبه قال علي إمام، صاحب محل جزارة: “أنا فاتح محل جزارة بقالي سنين، عمري ما شفت الحال كده، الحركة قليلة جدًا، والناس بتسأل على اللحمة المجمدة أو المستوردة أكتر، حتى اللي بيشتري، بياخد ربع كيلو بالعافية، الموضوع ده بيضرنا كلنا، مش بس المستهلك”.

تلك الشهادات المختلفة تظهر كيف تتغلغل أزمة اللحوم البلدية في كل جانب من جوانب الحياة، من المائدة إلى الصحة وحتى النشاط التجاري، مما يعكس تحديًا حقيقيًا يواجهه المجتمع المصري.

وفي تصريح سابق، قال هيثم عبد الباسط، رئيس شعبة القصابين بالغرفة التجارية، خلال مداخلة هاتفية ببرنامج “كلمة حرة” مع الإعلامي نوح غالي، المذاع على قناة “الشمس”، إن الإنتاج المحلي من اللحوم في مصر يغطي 40% فقط من احتياجات السوق، مما يستدعي استيراد 60% من الخارج، خصوصًا من دول مثل البرازيل وكولومبيا والسودان وجيبوتي.

وأشار عبد الباسط، إلى جهود الدولة لزيادة الإنتاج المحلي، ومنها تخصيص 350 ألف فدان على طريق مصر-الإسكندرية الصحراوي لإنشاء مزارع أعلاف ومحطات تصنيع، بالإضافة إلى استيراد مليون رأس ماشية لتربيتها، وعزا الارتفاع الأخير في أسعار اللحوم إلى زيادة تكلفة الأعلاف المستوردة التي تمثل 70% من سوق الأعلاف.