في ذكرى رحيل يوسف شاهين.. 16 عاماً على فقدان مخرج أحرز مكانة مصر على الساحة العالمية

في ذكرى رحيل يوسف شاهين.. 16 عاماً على فقدان مخرج أحرز مكانة مصر على الساحة العالمية

تحل اليوم، 27 يوليو، الذكرى الـ16 لوفاة المخرج المصري العالمي يوسف شاهين، الذي رحل عن عالمنا في مثل هذا اليوم من عام 2008، بعد أن قدّم مسيرة سينمائية استثنائية امتدت لأكثر من خمسين عامًا.

ترك شاهين خلفه إرثًا فنيًا كبيرًا، لا يزال محل تقدير في مصر والعالم العربي، وتُعرض أفلامه حتى اليوم في كبرى المهرجانات ودور العرض السينمائي حول العالم.

ذكرى وفاة يوسف شاهين تفتح ملف مشواره العالمي والمحلي

عند الحديث عن ذكرى وفاة يوسف شاهين، لا يمكن تجاهل حجم تأثيره على السينما المصرية والعربية.

وُلد شاهين في 25 يناير عام 1926 بمدينة الإسكندرية، وسط أسرة تنتمي للطبقة المتوسطة، متعددة الثقافات.

كان يتحدث أكثر من لغة، ودرس في كلية فيكتوريا بالإسكندرية، قبل أن يسافر إلى الولايات المتحدة، حيث التحق بمعهد “باسادينا” للفنون المسرحية في كاليفورنيا لدراسة الإخراج والتمثيل.

بعد عودته إلى مصر، بدأ مشواره السينمائي بفيلم “بابا أمين” عام 1950، ثم لمع اسمه سريعًا مع فيلم “ابن النيل” عام 1951، الذي تم اختياره للمشاركة في مهرجان “كان” السينمائي، ليكون أول خطواته نحو العالمية، وهو ما استمر طوال مسيرته الفنية.

يوسف شاهين

أفلام لا تُنسى وأسلوب مختلف عن السائد

من أبرز أفلام يوسف شاهين:

باب الحديد (1958)

الناصر صلاح الدين (1963)

العصفور (1972)

عودة الابن الضال (1976)

حدوتة مصرية (1982)

إسكندرية ليه؟ (1978)

إسكندرية كمان وكمان (1990)

المصير (1997)

الآخر (1999)

إسكندرية نيويورك (2004)

كانت أفلامه تعكس قضايا سياسية، وصراعات نفسية، وأسئلة وجودية، لم تكن مجرد أعمال للترفيه، بل أدوات فكرية وفنية، تُعبّر عن الإنسان في مختلف حالاته، وتطرح رؤى فلسفية حول الحياة والمجتمع والحرية.

تكريم عالمي ومسيرة مختلفة

نال يوسف شاهين عددًا كبيرًا من الجوائز الدولية، وكان أبرزها جائزة اليوبيل الذهبي من مهرجان كان عام 1997، عن مجمل أعماله.

هذا التكريم جعله أول مخرج عربي يحصل على مثل هذا التقدير من واحد من أعرق المهرجانات السينمائية في العالم.

كما عرضت أفلامه في مهرجانات في برلين، وموسكو، وقرطاج، والقاهرة، وغيرهم، وتم تدريس بعض أعماله في معاهد السينما داخل مصر وخارجها، تقديرًا لما فيها من رسائل فنية وفكرية عميقة.

 يوسف شاهين
يوسف شاهين

يوسف شاهين.. المخرج الذي لم يعرف الصمت

لم يكن يوسف شاهين مخرجًا عاديًا، بل كان شخصًا صاحب رأي، وموقف، كثيرًا ما دخل في صدامات مع الرقابة، وواجه انتقادات من بعض التيارات السياسية والدينية، لكنه لم يتراجع عن مواقفه، وظل يدافع عن حرية السينما، وضرورة أن تكون أداة للتعبير عن الواقع بكل جرأة وصدق.

كان يُعرف بعبارته الشهيرة: “أنا لا أصنع أفلامًا لكي تُرضي الجميع، بل لأقول ما أراه”، وكانت هذه العبارة تلخص كثيرًا من أسلوبه الحياتي والفني.

اكتشاف النجوم وصناعة الأجيال

واحدة من أهم بصمات يوسف شاهين في السينما، كانت قدرته على اكتشاف المواهب الجديدة، ومنهم من أصبح من كبار النجوم.

على رأس هؤلاء كان الفنان عمر الشريف، الذي ظهر لأول مرة معه في فيلم “صراع في الوادي”، وفتحت له هذه التجربة أبواب السينما العالمية.

كما قدّم نور الشريف وهالة صدقي وهاني سلامة في أدوار مهمة، وكان حريصًا على تعليمهم الفن من منظور إنساني وفلسفي، لا مجرد الأداء التمثيلي.

أيامه الأخيرة ورحيله المؤلم

في منتصف عام 2008، تدهورت الحالة الصحية ليوسف شاهين، بعد إصابته بنزيف في المخ، نُقل إلى أحد مستشفيات القاهرة، ثم سافر للعلاج في باريس، وعاد بعدها إلى مصر وهو في غيبوبة، ظل في هذه الحالة حتى توفي صباح 27 يوليو 2008، عن عمر ناهز 82 عامًا.

وشيّعت جنازته من الكاتدرائية المرقسية بالعباسية، بحضور عدد كبير من الفنانين والمثقفين والسياسيين، في مشهد وداع يليق بمكانته الكبيرة في قلوب محبيه.

يوسف شاهين
يوسف شاهين

أفلامه لا تزال تُعرض.. ورسائله لا تزال تُقرأ

حتى اليوم، وبعد مرور 16 عامًا على وفاته، لا تزال أعمال يوسف شاهين تُعرض على القنوات التلفزيونية، ويتم عرضها في المهرجانات، وتُناقش في الندوات الثقافية، ويدرسها طلاب الإخراج والسينما في الجامعات.

لم يكن مجرد مخرج، بل كان مؤلفًا ومفكرًا ومثقفًا صاحب مدرسة خاصة، لا يمكن تقليدها أو تكرارها بسهولة، أفلامه تحمل توقيعه الواضح، وتُعبّر عن عالمه الخاص، وقضاياه الوجودية والفكرية والسياسية.

في ذكرى وفاة يوسف شاهين.. دروس لم تنتهِ

ذكرى وفاة يوسف شاهين ليست فقط مناسبة للحديث عن أفلامه، بل للتوقف أمام أفكاره وجرأته في طرح القضايا، كان يرى في السينما أداة تغيير، ووسيلة لنقل الواقع، لا مجرد وسيلة للهروب منه.

علّم الأجيال أن الفن لا يُقاس بعدد التذاكر، بل بعمق الرسالة، وأثبت أن المخرج لا يجب أن يكون تابعًا للسائد، بل صانعًا له، وأن الصدق في التعبير هو أساس البقاء.

نرشح لك: اختيرت 7 من أفلامه ضمن قائمة أهم 100 فيلم مصري، مقتطفات في ذكرى ميلاد يوسف شاهين
الذكرى الـ16 لرحيل المخرج العالمي يوسف شاهين
في ذكرى وفاة رشدي أباظة.. دنجوان الشاشة الذي هزمه السرطان ورحل في صمت