السعودية تبرم 47 اتفاقية مع سوريا بقيمة 6.4 مليار دولار لدعم التعاون الاقتصادي.

السعودية تبرم 47 اتفاقية مع سوريا بقيمة 6.4 مليار دولار لدعم التعاون الاقتصادي.

في خطوة تُعدّ الأضخم منذ التحول السياسي في سوريا، أعلن وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، خلال زيارته إلى دمشق، عن توقيع 47 اتفاقية ومذكرة تفاهم بين المملكة العربية السعودية وسوريا، بقيمة إجمالية تبلغ نحو 24 مليار ريال سعودي (ما يعادل 6.4 مليار دولار)، في قطاعات استراتيجية تشمل الاتصالات، والعقارات، والبنية التحتية، والطاقة، والصناعة، وغيرها.

الزيارة، التي وصفت بـ”التاريخية”، تأتي بعد استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وتأتي في وقت تتطلع فيه دمشق إلى تسريع وتيرة التعافي الاقتصادي بعد سنوات من الحرب التي استمرت 14 عامًا، وانتهت بتولي حكومة انتقالية جديدة بقيادة الرئيس أحمد الشرع، في ديسمبر الماضي.

منتدى الاستثمار السوري السعودي 2025

شارك الفالح في “منتدى الاستثمار السوري السعودي 2025” المنعقد في العاصمة السورية، على رأس وفد كبير يضم أكثر من 150 شخصية من ممثلي القطاعين العام والخاص في السعودية، في مؤشر واضح على الرغبة السعودية في دخول السوق السوري بقوة.

وصرّح الوزير الفالح بأن الاتفاقيات الموقعة تشمل مشاريع تنموية كبرى، أبرزها:

استثمارات في قطاع الاتصالات تقترب من 4 مليارات ريال.
مشاريع في مجال التنمية العقارية تتجاوز 11 مليار ريال، من بينها مشروع ضخم تنفذه شركة بيت الإباء في مدينة حمص.
شراكة بين سوق تداول السعودية وسوق دمشق للأوراق المالية لدراسة إمكانية الإدراج المشترك بين السوقين.

إطلاق مشاريع صناعية وبُنى تحتية

وأفادت وكالة الأنباء السورية (سانا) بأن برنامج الزيارة تضمن إطلاق مشروع مصنع فيحاء للإسمنت الأبيض في مدينة عدرا الصناعية بريف دمشق، ضمن حزمة من المشاريع الصناعية المخططة لتعزيز الاكتفاء الذاتي وتشغيل اليد العاملة السورية.

وفي بيان سابق، أكدت وزارة الاستثمار السعودية أن الحزمة الاستثمارية تغطي قطاعات حيوية تشمل:

العقارات، الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، الصناعة، الطاقة، النقل والخدمات اللوجستية، السياحة، الرعاية الصحية، الموارد البشرية، والخدمات المالية.

التحول السياسي ودعم سعودي معلن

وتُعد السعودية من الداعمين الرئيسيين للحكومة السورية الجديدة، التي تولت السلطة في أعقاب الإطاحة بحكم بشار الأسد في ديسمبر الماضي. وكانت الرياض وجهة أول زيارة خارجية للرئيس الانتقالي أحمد الشرع في فبراير 2025، حيث التقى خلالها مسؤولين سعوديين في إطار تدشين مرحلة جديدة من العلاقات.

وخلال زيارة رسمية إلى الرياض في مايو الماضي، جمع الملك سلمان الرئيس الشرع بالرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي أعلن لاحقًا رفع العقوبات الأمريكية عن سوريا في 30 يونيو 2025، ما فتح الباب أمام انفتاح اقتصادي دولي على البلاد.

كما أكد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، خلال زيارته إلى دمشق في مايو، أن المملكة ستكون في طليعة الدول الداعمة لجهود إعادة الإعمار في سوريا، مشددًا على أن الفرص الاستثمارية الهائلة التي تتيحها سوريا اليوم “تستحق الالتفات الجاد من قبل المستثمرين العرب والدوليين”.

تحليل: بداية مرحلة جديدة من التداخل الاستثماري الإقليمي

تشير التقديرات إلى أن هذه الاتفاقيات تمهد الطريق أمام إعادة تشكيل المشهد الاقتصادي السوري، وإعادة دمج سوريا في محيطها العربي، بعد سنوات من العزلة. كما تعكس التحركات السعودية رغبة في قيادة ملف إعادة الإعمار، بما يعزز نفوذها السياسي والاقتصادي في مرحلة ما بعد الحرب.

وتبقى الأسئلة مطروحة حول مدى قدرة الحكومة السورية الجديدة على تنفيذ هذه المشاريع فعليًا، خاصة في ظل الحاجة إلى إصلاحات هيكلية، وبنية تحتية منهكة، ومناخ استثماري يحتاج إلى كثير من الاستقرار والثقة