عز الدين الهواري: الصهاينة اليهود.. الحقيقة الواضحة: البقرة والأمم المتحدة

تاريخ طويل من التضليل والمراوغة، وتحريف للحقائق، أصرّ اليهود الصهاينة على عرضه وإخفاء أبعاده الحقيقية عبر الزمان، إن التاريخ يروي لنا مواقف عديدة، بعضها ورد في القرآن الكريم وبعضها في الكتب المقدسة الأخرى، تكشف عن ملامح من شخصيتهم ومنهجهم في التعامل مع الحقائق. وفي هذا السياق، تأتي قصة “البقرة” في القرآن الكريم لتلخص الجوهر الحقيقي لطبيعة التصرفات الصهيونية.
في تلك القصة، طلب الله من بني إسرائيل أن يذبحوا بقرة لتساعدهم في كشف جريمة قتل، وكان الهدف واضحًا: تحقيق العدالة والكشف عن القاتل. لكن بدلاً من الالتزام بما هو أخلاقي وقانوني، دخلوا في مفاوضات عقيمة حول تفاصيل البقرة: “ما لونها؟ ما شكلها؟ ما حجمها؟” فشغلهم المماطلة والتسويف عن الهدف الأساسي، حتى ضاع منهم الحق، وابتعدوا عن الطريق الصحيح.
هذه القصة ليست مجرد حكاية تاريخية أو دينية، بل هي مؤشر على العقلية التفاوضية التي طالما ميزت سلوك الصهاينة. على مر العصور، كانت المراوغة والتضليل أسلوبًا متكررًا في تعاملهم مع الأحداث، وكانوا يرفعون راية “المساومة” على حساب العدالة الإنسانية.
واليوم، بعد آلاف السنين… تُكرر الرواية، لكن ليس مع بقرة، بل مع شعب محاصر في غزة،
يموت جوعًا وبردًا وقهرًا. تخرج إسرائيل بكل بجاحة لتقول نحن لا نمنع دخول المساعدات، الأمم المتحدة هي من تعرقل!”
هل رأيتم كذبًا أوضح من هذا؟ من يحاصر؟ من يقصف؟ من يمنع الوقود والدواء والغذاء؟ ثم يضع اللوم على من يحاول إدخال المساعدات؟! الشيء الوحيد الذي يوزّعه الكيان الصهيوني بسخاء هو الموت، الإبادة، الكذب، والادّعاء البراءة. إنها “بقرة” جديدة، لكن هذه المرة، الضحية هو طفل جائع، وعجوز محاصر، وأم تنتظر حليبًا لا يصل.
لقد كشف العالم الآن من هم هؤلاء: الصهاينة، لا غيرهم، لا يوجد في فلسطين اليوم إلا آلة صهيونية تعمل بلا قلب ولا ضمير وقد أدرك العالم الآن – بما لا يدع مجالًا للشك – أن اليهود الصهاينة هم من احتلوا فلسطين، وأنهم لا يمثلون كل اليهود. هناك يهود مؤمنون بالله والعدل، وهناك يهود وقفوا بشجاعة ضد المشروع الصهيوني واعتبروه انحرافًا أخلاقيًا وتاريخيًا. لكن اليوم، الجيل الجديد في العالم كلّه – من نيويورك إلى جوهانسبرغ، ومن طوكيو إلى القاهرة – بدأ يعي حقيقة كبرى:
أن مظلومية الهولوكوست التي استُخدمت لعقود لبناء تعاطف عالمي، تحولت إلى أداة للإبادة والقتل والتوسع، بل واستُغلت لابتزاز العالم سياسيًا واقتصاديًا وأخلاقيًا، وتم تحويلها من مأساة إنسانية إلى غطاء لارتكاب جرائم إنسانية مستمرة. الاحتلال لم يعد مجرد اعتداء على الأرض، بل أصبح نظامًا استعماريًا مبرمجًا على الإبادة، وتخدير الضمير العالمي بخطاب الضحية، بينما هو يرتكب الفعل نفسه.
إن الحقيقة اليوم أوضح من أي وقت مضى:اليهود الصهاينة هم من قتلوا فكرة التعايش، واحتكروا الألم، وبرّروا التوسّع بالمعاناة، وشرعنوا الإبادة باسم النجاة.إن العالم لم يعد مغيبًا كما في السابق، وصوت الحق يعلو رغم التشويه،
وغزة أصبحت ميزان الأخلاق، والقضية الفلسطينية لم تعد قضية حدود فقط، بل قضية إنسانية وكونية في وجه الكذب والادّعاء الصهيوني. لقد آن أوان المواجهة الأخلاقية مع هذا الكيان،
ومع كل من يبرّر له، ومع كل نظام دولي صامت، ومع كل مؤسسات ترفع راية “الإنسانية” بينما تغضّ الطرف عن الإبادة أمام الكاميرا وبدم بارد.
الصهاينة.. دواعش الديانة اليهودية
وإذا كان العالم الإسلامي قد ابتُلي بمن ينتسبون إلى الإسلام زورًا وبهتانًا، ورفعوا راية الدين ليمارسوا القتل والتكفير والإبادة تحت اسم “داعش”، فإن العالم اليوم يرى النسخة اليهودية من هذا التطرف. نعم، الصهاينة هم دواعش الديانة اليهودية، يرتكبون المجازر باسم وعد إلهي مزعوم،
ويستبيحون الدماء ويبررون كل جريمة بإيمانهم المختل بأنهم “شعب الله المختار”، في حين أنهم اختاروا أنفسهم أداة للقتل والإبادة والتوسع. فكما لفظ المسلمون داعش، ووقف العلماء والمفكرون المسلمون في وجهه، وجب على العالم – واليهود أولًا – أن يلفظوا هذا الكيان الصهيوني الإرهابي، الذي لا يقلّ تطرفًا ولا وحشية، بل يفوقها تنظيمًا ودعمًا وسفكًا للدماء.
فالصهيونية اليوم ليست مجرد حركة سياسية، بل أيديولوجيا عنصرية دموية تستتر بالدين، وتستخدمه كسلاح للاستعمار والعدوان. زإذا كانت داعش قد شوهت صورة الإسلام،
فإن الصهيونية شوهت الديانة اليهودية، وسرقت منها جوهرها الأخلاقي، وغطت به جرائم لا تُغتفر.