الصراع الاقتصادي بين الاشتراكية والرأسمالية: تقييم لتراث ثورة يوليو

قال الخبير الاقتصادي سمير رؤوف لـ«الحرية» إن مبدأي “القضاء على الإقطاع” و”القضاء على سيطرة رأس المال على الحكم”، واللذين كانا من أبرز أهداف ثورة 23 يوليو، مثّلا توجهًا اقتصاديًا واجتماعيًا واضحًا لإعادة توزيع الثروة وتحقيق العدالة الاجتماعية، وقد تحققا جزئيًا على أرض الواقع، وإن كانت لهما آثار إيجابية وسلبية امتدت لسنوات لاحقة.
وأوضح رؤوف أن الدولة نجحت في الحد من سيطرة فئة قليلة على مساحات شاسعة من الأراضي الزراعية، من خلال قوانين الإصلاح الزراعي التي أدت إلى توزيع الأراضي على الفلاحين. لكن التطبيق العملي كشف عن تحديات؛ إذ لم تكن هناك استعدادات كافية للفلاحين الذين تسلموا الأرض، لا من حيث الخبرة الفنية ولا المعدات الزراعية الملائمة، وهو ما أضعف الإنتاجية وأدى لاحقًا إلى أزمة غذائية دفعت الدولة للتوسع في استصلاح الأراضي الصحراوية.
وأشار إلى أن الثورة أحدثت تغييرًا جذريًا في البنية الطبقية للمجتمع المصري، حيث أفرزت طبقة وسطى جديدة كانت محرومة سابقًا من دخول قطاعات اقتصادية معينة مثل التجارة والصناعة والبورصة، وهي قطاعات كانت حكرًا على الطبقة العليا المقربة من القصر. ونتيجة لذلك، تحوّل الاقتصاد من كونه اقتصادًا زراعيًا بحتًا إلى اقتصاد صناعي ناشئ، وشهدت تلك المرحلة بروز كيانات إنتاجية وصناعية جديدة، مثل مصنع النصر للسيارات، الذي كان ينتج سيارات مصرية بالكامل قبل أن يتراجع لاحقًا إلى مرحلة التجميع فقط.
وأكد رؤوف أن السياسات الاشتراكية التي اتبعتها الدولة، بما في ذلك تأميم قناة السويس والبنوك والعديد من الشركات الكبرى، ساهمت في كسر احتكار رأس المال لاقتصاد البلاد، وأعادت توزيع الثروة على نطاق أوسع. لكنه لفت إلى أن سيطرة الدولة الكاملة على مفاصل الاقتصاد، وتحولها إلى ما يشبه “الأب والأم” في كل شيء، أدى إلى ترهل بعض القطاعات الحكومية وغياب الكفاءة في إدارة المشروعات العامة.
وفي ختام حديثه، شدد على أن ثورة يوليو خلقت توازنًا جديدًا في المجتمع، وأعادت تشكيل العلاقات الاقتصادية والاجتماعية، رغم ما صاحب تلك التغييرات من اختلالات في بعض القطاعات، نتيجة التحولات الحادة في بنية الاقتصاد الوطني.