محمد عبد المجيد خليل يكتب لـ«الحرية»: الأشخاص الأوفياء في عصرنا

محمد عبد المجيد خليل يكتب لـ«الحرية»: الأشخاص الأوفياء في عصرنا

هل حقًا الطيبون في ورطة؟
في زمن تتسارع فيه الخطى بفعل تسونامي التكنولوجيا، وطفرات هائلة من الذكاء الاصطناعي، وتغيرات في خصائص الأجيال (واي، Z، ألفا، بيتا)، ولكل جيل ما يميزه عن غيره، وبخاصة ألفا وبيتا، وهما يتسمان بالاستغراق الكامل في الذكاء الاصطناعي، ومع هذا الاستغراق لا تزال تجد ثُلَّةً من الطيبين على العهد وافين، بالقيم الإنسانية متمسكين، في أكواخهم الحالمة قابعين، وكأنهم فارّون من المدينة الفاضلة.

هؤلاء تمقتهم الأعين، وتقف الأنفس أمامهم مذهولة، وتتمتم الشفاه: “الدنيا لسه بخير”.

هؤلاء ليسوا قليلي الحيلة، بل نياتهم سليمة، يجدون لكل عوار أخلاقي متَّسعًا من الحلم، ووابلًا من حسن الظن، ومن هنا يتهمهم البعض بكونهم “مغفلين”، مما حذا بالمشرع القانوني إلى صياغة المبدأ: “القانون لا يحمي المغفلين”.

وبمفهوم المخالفة، هل ينبغي أن يكون الكل “واعي، ومدقِّق، وفهلوي” بالتعبير الدارج؟ فإن لم يحْمِ القانونُ المغفلين، فمن يحمي إذن؟

الطيبون سلالة مهددة بالانقراض، وكأن الدنيا تقول لهم بملء فيها: “لا مقام لكم، فارجعوا”، ولعل هذا ما جاء في بعض الأحاديث: “إنما يُعجَّل بخياركم”.

فهم حقًا عملة نادرة، والندرة – في عُرف التجار – سبب في الاستغلال، ولعل هذا ما يوضح استغلال الناس للطيبين.

أما وإن كان الأمر كذلك، فيجد الطيبون أنفسهم في ورطة، وحالة من الصراع الداخلي: أَيستمرون على ديدنهم وحالهم من الطيبة، أم ينسلخون من جلدهم، متحوّلين إلى أناسٍ آخرين؟

وترى من حولهم مستنكرًا عليهم، مرددًا: “أنت اتغيرت”.