عبد الغني الحايس يكتب: سلوك وطننا

عبد الغني الحايس يكتب: سلوك وطننا

المادة ٦٥ من الدستور المصري تكفل حرية الرأي والتعبير حيث نصت علي أن (حرية الفكر والرأي مكفولة، ولكل انسان حق التعبير عن رأيه بالقول أو بالكتابة، أو بالتصوير أو غير ذلك من وسائل التعبير والنشر).

انتهت نص المادة بالتأكيد أن لكل مواطن الحق في التعبير عن رأيه بكل الصور الممكنة، طبعا أكيد بدون تجاوز، أو استخدام هذا الحق في نشر الشائعات والأكاذيب، ونشر الرسائل المضللة، وغيرها من الأمور التي تمس الأمن القومي للبلاد، وتهدد السلم والأمن العام.

واستنادا الى هذا الحق الذى كفله لى الدستور أستطيع ان أقول ما أشاء بدون تجاوز او اعتداء على حرية الأخرين، لكن عندما كتبت اننى احب أداء سعيد صالح وانه ملك الكوميديا وان عادل امام يأتى بعده حدث هجوم عنيف وكأنني تعديت على الثوابت المصرية.

كأب لديه أبناء في الدراسة اعلنت ان وزير التربية والتعليم والحكومة لا يمتلكون رؤيه او استيراتيجية لتطوير التعليم، ويمارسون تجاربهم المستمرة منذ عقود دون الوصول الى رؤيه ثابته، وانهم سبب من اسباب تخلف الوطن، فالتعليم هو قاطرة أى دولة للتنمية والتطوير والرقي، ولكنهم جعلوا من الوطن حقلا لتجارب دائم، فيأتى ووزير ويرحل اخر وكل التجارب فاشلة، وهم لا يعترفون بالفشل ومازالوا مستمرين وما زلنا نعيش في مستنقع فشلهم.

بعد أيام تاتي ذكرى 23 يوليو يعتبرها البعض حركة مباركة وثورة دعمها الشعب، وانا من غير المؤيدين لها لما ابتلينا به من أثار سلبية مازلنا تحت تبعياتها لتلك اللحظة.

البعض يضع الرئيس جمال عبدالناصر على رأسه حبا له ولانجازاته، وانا اختلف معهم رغم تقديرى له لكونه رئيسا لمصر، ولكنه ليس فوق المسائلة فاخفاقاته تخطت اي انجاز فهل هذا يضيرنى انني انتقد الرئيس عبدالناصر، و أحمله مسؤوليه النكسه وغلق المجال السياسي والكبت المجتمعى ووئد الحريات وموت الديمقراطية.

كذلك الرئيس السادات الداهية السياسية التى انسته غمرة النصر انه يحكم بلد مثل مصر وظنها ميت ابو الكوم، ومبارك الذى بدأ صحيحا وانتهي به من طول المقام عليلا.

التضادات في حياتنا كثيرة، واختلاف الاراء لا يفسد للود قضية، لكن المنطق كل احتلاف في وجهات النظر هو نزاع وخلاف دائم يصل الى خصومة بلهاء، كعادة المعارضة السياسية المصرية ينتقدون ويمارسون النقد بدون رؤية وهدف، المهم ان ينتقدوا ولا يقبلون بانتقادهم، لديهم دائما مبررات الانتقاد، لكنهم غفلوا عن الحلول المنطقية.

عندما وجدت المعارضة الإصلاحية هاجمتها قوى المعارضة واشتبكوا معها في خصومة دائمة، وعاشوا في ثوب المظلومية، يصبون جام غضبهم على من معهم في الخندق بسبب أنهم اصلاحيون يشيدون بكل فعل حميد، وينتقدون كل ما يضير المواطن والوطن، يضعون حلول منطقية قابلة للتحقيق، لكنهم ارادوهم ان يرتدوا ثيابهم يتباكون عن غياب الفرص، وانهم في حالة اقصاء متعمد، ورغم كل ذلك لا يطورون من خطابهم ولا يعدلون في سياستهم، مع ان السياسة فن المرونة والموائمة.

في الرياضة العداء مستحكم، والتعصب اعمى، والانتماء يدهس كل القيم والاخلاقيات، مع اننا مجرد مشجعين، لسنا لاعبين في الفريق، ولا مدربين نضع الخطط، ولا في مجلس الادارة نصنع الصفقات، لكننا نجحنا بإمتياز ان نختلف وننجرف الى خصومة بلهاء، ونتشاحن بالبغضاء، ونتطاول علي بعضنا البعض.

وأصبح البعض يخفي انتمائة الرياضي، ويحجب عن الملأ فريقة الذي يشجعه، برغم ان من حقي أن أعلن بأنني زملكاوي حتي النخاع وبدون تعصب، أحب الزمالك وكفي، ولا يضيرني أن أقول أنني لا أشجع النادي الأهلي واحترمه كقيمه كبيرة في الرياضة المصرية.

لكن ذلك الإعلان يغضب مني الأصدقاء من متعصبي النادي الأهلي فهم يرونه أفضل نادي في الكون ولديهم أسباب كثيرة تدعم موقفهم، وأنا اري ان نادي الزمالك الذي أحبة يقدم كرة ممتعه، وان قدري ان أكون زملكاوي، فلم يختار هؤلاء ان يكونوا من مشجعي المنافس، والدليل علي ذلك أن هناك نشئ كثر يزحفون الي الأستاذ لتشجيع نادي الزمالك، وكان من المهم لهم ان يساندوا ويشجعوا نادي يحصد بصفة مستمرة البطولات في كل الألعاب الرياضية، ورغم ذلك ولد انتمائهم للزمالك، مع انهم لم يشاهدوا معه بطولات كثيرة فهل نحجر على اختياراتهم ونصفهم باوصاف غير لائقة كما يحدث .

تلك نقطة مهمة يجب ان يفهمها الجميع حتى ننزع رداء التعصب الردىء، فهم لم يختاروا انما دفعتهم غريزتهم الي هذا الانتماء وألبستهم ثياب الغرام مع نادي يحبونه، ويرونه الافضل.

فكيف يكون الوضع لو أصبح جميع سكان مصر مثلا يشجعون النادي الأهلي؟

هل تكون لدينا منافسة حقيقية؟ او تتقدم الرياضة ونستطيع ان ننافس على البطولات العالمية والمحلية والقارية؟

خلق الله الناس شعوبا وقبائل، الونا واجناس مختلفة ليتعارفوا، ويتحدثون لهجات عديدة ولغات مختلفة ورغم ذلك يجدون طريقة للتفاهم، الانسانية هي الطابع العام الذى يجمع الجميع، فالكل يعيش على نفس الكوكب رغم الاختلافات، لكن يبقي اعتزاهم وانتمائهم لموطنهم ولهجاتهم ولغتهم وعاداتهم وثقافاتهم وارثهم الحضاري وهويتهم كل تلك ثوابت يحافظون عليها، لكل قومية او شعب الحق في ان يعلن انتمائه لثقافته ويعتز بها، بدون ان نزايد على بعضنا البعض، او نتناحر ونتهمهم بالخرافة، او السخرية من عاداتهم.