القصة الكاملة لمأساة «قرية دلجا» في المنيا: «فرحة» تنضم إلى أشقائها الستة وسط الغموض والتحقيقات المستمرة لكشف الحقائق.

تعيش قرية دلجا التابعة لمركز ديرمواس بمحافظة المنيا، على وقع صدمة كبيرة بعد وفاة 6 أطفــال أشقاء من أسرة واحدة، في واقعة مأساوية وغامضة لا تزال التحقيقات جارية لكشف ملابساتها.
البداية كانت بوفاة أربعة أطفال دفعة واحدة يوم السبت 20 يوليو الجاري، بعد إصابتهم بحالة إعياء حادة، وارتفاع شديد في درجات الحرارة، وتشنجات عصبية ولفظوا أنفاسهم الأخيرة، ولحق بهم شقيقهم الخامس في أثناء محاولات إسعافه بعد ساعات قليلة من دفنهم، فيما جرى نقل شقيقتين إلى المستشفى، قبل أن تفارق إحداهما الحياة لاحقًا.
اقرأ أيضا.. أسعد هيكل لـ”الحرية”: لا بد من توضيح للرأي العام السبب الغامض لوفاة أطفال دلجا
بداية الواقعة
البداية كانت بتلقي اللواء مجدي سالم، مدير أمن المنيا، بلاغ رسمي من مستشفى ديرمواس المركزي، يفيد بوصول 6 أطفال أشقاء من أسرة واحدة، 3 منهم متوفين في البداية، و3 حالات خطيرة.
والأطفال هم: محمد.ن.م (11 عامًا)، وريم (10 سنوات)، وعمر (7 سنوات)، وأحمد (5 سنوات) تُوفي خلال محاولة إنقاذه بالمستشفى، ورحمة (12 سنة)، وفرحة (15 سنة).
جرى نقل الطفلتين المصابتين إلى قسم السموم بمستشفى المنيا ثم أسيوط، حيث لفظت إحداهما أنفاسها الأخيرة ولحقت بها اليوم الطفلة السادسة “رحمة”، فيما لا يزال والدهم يتلقى العلاج في العناية المركزة بمستشفى أسيوط الجامعي بعد تدهور حالته الصحية.
تضارب الروايات: التهاب سحائي أم تسمم أم شبهة جنائية؟
عقب انتشار الخبر، تضاربت المعلومات حول أسباب وفاة الأطفال، وتداول الأهالي أنباء عن احتمالية الإصابة بـ التهاب سحائي حاد، بينما رجح آخرون أن الأمر يتعلق بحالة تسمم غامض داخل منزل الجد، كما لم تُستبعد الشبهة الجنائية، الأمر الذي زاد من حيرة الأهالي وأثار موجة من الغضب الشعبي والمطالبة بالحقيقة.
لجنة من وزارة الصحة تحقق في الواقعة
على الفور، شكّلت وزارة الصحة والسكان لجنة تقصي عاجلة، حيث كلف الدكتور نادي مكرم، وكيل وزارة الصحة بالمنيا، فريقًا طبيًا متخصصًا لفحص العينات ومتابعة حالتي الطفلتين المصابتين قبل وفاتهما.
اللجنة قامت بأخذ عينات من الطعام، ومياه الشرب، ودم المصابين، بالإضافة إلى فحص بيئي لمنزل الأسرة، كما أُجريت التحاليل المبدئية للكشف عن أسباب التسمم أو العدوى المحتملة.
قرار هام للنيابة العامة
وفي تطور لاحق، كشف مصدر طبي أن النيابة العامة أصدرت قرارًا باستخراج جثامين 3 من الأشقاء المتوفين، بعد الكشف عن أن بعض الجثامين تم دفنها دون عرضها على الطب الشرعي، بناءً على تصريح دفن صدر من أحد مسؤولي الصحة بمستشفى ديرمواس.
تم فتح تحقيق رسمي مع المسؤول الصحي المذكور، وسط اتهامات بالتقصير والتلاعب في الإجراءات، وهو ما اعتبره كثيرون محاولة لطمس الحقيقة.
الأجهزة الأمنية: لا نستبعد أي فرضية
من جهتها، تواصل إدارة البحث الجنائي بمديرية أمن المنيا إجراء تحريات موسعة تشمل فحص جميع الملابسات، واستجواب عدد من الشهود من جيران الأسرة وأقاربهم، وتحليل الأدلة المادية المتوفرة.
وأكدت مصادر أمنية، أن جميع الفرضيات لا تزال مطروحة، بما في ذلك وجود شبهة جنائية، أو حدوث تسمم غذائي، أو التعرض لمادة سامة مجهولة.
حالة من الحزن تخيم على القرية
حالة من الحزن والذهول خيمت على قرية دلجا، التي ودعت الأطفال المتوفين في جنازات مؤلمة، حيث سادت حالة من الغضب بين الأهالي بسبب بطء التحقيقات وعدم وضوح الحقيقة حتى الآن، بحسب قولهم.
وزارة الصحة: ننتظر نتائج التحاليل النهائية
من جانبه قال مسؤول بوزارة الصحة، إن نتائج العينات والتحاليل المعملية التي تم جمعها من المنزل ومن أجساد الضحايا والمصابين، ستُعلن فور الانتهاء منها، مشيرًا إلى أنه لا يمكن الجزم بسبب الوفاة قبل ظهور النتائج النهائية من معامل وزارة الصحة والطب الشرعي.
لماذا أثارت واقعة أطفال دلجا جدلًا واسعًا؟
عدد الضحايا من نفس الأسرة وفي وقت واحد.
تضارب المعلومات الطبية وعدم إعلان تشخيص نهائي حتى الآن.
إصدار تصاريح دفن لبعضهم دون تشريح رسمي.
وفاة المصابين رغم تلقي العلاج في المستشفيات الحكومية.
وفي النهاية، تبقى مأساة دلجا واحدة من أكثر الوقائع الأليمة التي شهدتها محافظة المنيا في السنوات الأخيرة، وسط مطالب جماهيرية وشعبية بكشف الحقيقة كاملة، ومعاقبة كل من يتورط في إهمال أو إخفاء الحقيقة.
وينتظر الجميع ما تُسفر عنه التحقيقات الجنائية والتقارير الطبية الرسمية التي من شأنها أن تفك لغز وفاة الأطفال الستة، تلك الواقعة التي لا تُنسى من ذاكرة قرية دلجا.