خبير لـ«الحرية»: تقرير صندوق النقد الدولي لشهر يوليو 2025 يتضمن انتقادات صارمة وتحذيرات لمصر

خبير لـ«الحرية»: تقرير صندوق النقد الدولي لشهر يوليو 2025 يتضمن انتقادات صارمة وتحذيرات لمصر

تقرير: سمر أبو الدهب

قال ماجد فهمي الرئيس السابق لبنك التنمية الصناعية، في تصريح خاص لـ”الحرية”، إن صندوق النقد الدولي أصدر في يوليو 2025 تقريرًا ينتقد فيه بشدة الوضع الاقتصادي المصري، على الرغم من إقراره بتحقيق تقدم نسبي في الاستقرار المالي، وسلط التقرير الضوء على العديد من التحديات الهيكلية التي تعيق النمو المستدام والشامل.

الاقتصاد الكلي: تراجع النمو وتفاقم التضخم

وأضاف “فهمي”، أن التقرير أشار إلى أن النشاط الاقتصادي المصري “ضعيف”، مع تراجع ملحوظ في الاستثمار الخاص وزيادة الاعتماد على الاستثمارات الحكومية غير الفعالة، وهذا النموذج، بحسب الصندوق، يقوّض قدرة الاقتصاد على توليد فرص عمل حقيقية، كما لا يزال التضخم مرتفعًا، مما يؤثر سلبًا على القوة الشرائية للمواطنين، رغم بعض التراجعات النسبية التي شهدها.

السياسة النقدية وسعر الصرف.. قيود على المرونة وغياب الشفافية

وأكد “فهمي”، أنه على الرغم من توحيد سعر الصرف في مارس 2024، انتقد الصندوق النطاق المحدود لتداول الجنيه المصري، مما يثير الشكوك حول مصداقية مرونة سعر الصرف، كما أشار التقرير إلى غياب تدخل حقيقي من البنك المركزي لضبط التقلبات إلا لغرض زيادة الاحتياطي، مؤكدًا أن الأهم من ذلك، طرح الصندوق تساؤلات حول مدى حرية عمل السوق، مشيرًا إلى احتمالية وجود قيود غير رسمية تفرضها البنوك.

دور الدولة في الاقتصاد.. هيمنة تعيق القطاع الخاص

ولفت إلى أن  تأخر برنامج الطروحات وخصخصة الشركات يعد أحد أبرز الانتقادات، حيث لم تُسجل أي عمليات بيع مملوكة للدولة منذ أكتوبر 2022، كما انتقد الصندوق الوجود المفرط للقطاع العام والجيش في قطاعات تنافسية، معتبرًا ذلك عائقًا رئيسيًا أمام دخول القطاع الخاص وتطوير المنافسة، ووصف التقرير النموذج الاقتصادي الحالي بأنه “يقيد قدرة الاقتصاد على توليد فرص العمل ويضعف مرونته تجاه الصدمات”.

السياسة المالية وإدارة الدين.. أعباء متزايدة ومخاطر مرتفعة

ولفت الخبير المصرفي، إلى أن التقرير كشف عن ارتفاع كبير في خدمة الدين، حيث استهلكت الفوائد 78% من الإيرادات في العام المالي 2023/2024، حيث يعتمد الاقتصاد المصري بشكل مفرط على أدوات الدين قصيرة الأجل، مما يعرض المالية العامة لمخاطر إعادة التمويل، كما أشار الصندوق إلى ضعف تعبئة الإيرادات الضريبية رغم الإصلاحات، حيث لا تزال مصر من أدنى الدول في الحصيلة الضريبية كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي.

الحوكمة والشفافية.. نقص حاد في الرقابة والمعلومات

وتابع أنه بحسب التقرير تعاني مصر من ضعف الشفافية والرقابة على المؤسسات خارج الموازنة مثل الهيئة العامة للبترول وهيئة المجتمعات العمرانية، كما أن هناك أيضًا تأخر في إصدار تقارير رقابية دورية عن الشركات المملوكة للدولة، ونقص كبير في الشفافية حول المعاملات المالية لبعض الهيئات، وغياب رقابة موحدة وفعالة.

الإصلاحات المناخية.. طموحات بلا تنفيذ

و أشار إلى أن الصندوق أقر بأن مصر لديها خطط مناخية طموحة لكنها تفتقر إلى التنفيذ الفعلي، وشدد على الحاجة إلى إلغاء دعم الوقود الأحفوري تدريجيًا، مع تحويل العائدات إلى استثمارات في الطاقة النظيفة، لتحقيق الأهداف المناخية وتعزيز الاستدامة.

مخاطر هيكلية واجتماعية.. بطالة الشباب وتحديات الإنتاجية

كما أشار إلى أن الاقتصاد المصري ما زال لا يُولّد فرص عمل كافية، وخاصة للشباب، حيث تصل بطالتهم إلى ثلاثة أضعاف المعدل العام، كما يعاني الاقتصاد من ضعف الإنتاجية والابتكار، كنتيجة لهيمنة الدولة وضعف بيئة الأعمال، وحذّر التقرير من أن تأخير إصلاحات الدعم والطاقة قد يؤدي إلى ضغط اجتماعي كبير إذا لم يصاحبه دعم مباشر للفئات الهشة.

 ضرورة التحول نحو اقتصاد يقوده القطاع الخاص

و اختتم “فهمي”،  حديثه بأن التقرير خلص إلى أن النموذج الحالي القائم على “الدولة تقود كل شيء” لم يعد قابلًا للاستمرار، ودعا صندوق النقد الدولي مصر إلى التحول بشكل عاجل نحو نموذج اقتصادي يقوم على تمكين القطاع الخاص، وتعزيز الشفافية، وتشجيع الاستثمار الإنتاجي، وخلق مناخ أعمال حر وتنافسي، هذا التحول، بحسب الصندوق، هو المفتاح لتحقيق النمو المستدام والشامل وخلق فرص عمل كافية للمواطنين.