خطبة الجمعة بتاريخ 18 يوليو 2025: “الاتحاد قوة” ورسائل هامة ضد التفكك والعنف الأسري

يشهد موضوع خطبة الجمعة اليوم، الموافق 18 يوليو 2025 ميلاديًا، 23 من شهر المحرم 1447 هجريًا، توجيهًا دعويًا ورسالة توعوية مهمة للمجتمع، حملت عنوانًا بليغًا: «الاتحاد قوة»، وهو العنوان الذي اختارته وزارة الأوقاف المصرية ليكون موضوعًا موحدًا على منابر الجمهورية.
وتأتي الخطبة مركزة، مؤثرة، شاملة لقضايا اجتماعية وعقدية وأخلاقية، أبرزها الدعوة إلى الوحدة ونبذ الفرقة، والتحذير من العنف الأسري، باعتباره خطرًا داهمًا على تماسك الأسر والمجتمع.
خطبة الجمعة اليوم.. الأوقاف والالتزام بالموضوع نصًا أو مضمونًا
وأكدت وزارة الأوقاف، في بيانها الرسمي الصادر مساء أمس الخميس، على جميع الأئمة والخطباء، ضرورة الالتزام بموضوع خطبة الجمعة اليوم، سواء بنصها المقرر أو مضمونها العام، مع تحديد مدة الخطبتين الأولى والثانية بألا تتجاوز مجتمعتين خمس عشرة دقيقة، تحقيقًا للتوازن بين أداء الشعيرة وعدم الإطالة التي تُنفّر المصلين.
وتأتي هذه الخطبة في سياق سلسلة من المواضيع التي أعدتها الوزارة مسبقًا، ضمن خطتها الدعوية الموحدة، لتعزيز الوعي الديني، وتفعيل دور المساجد كمراكز إشعاع معرفي وأخلاقي، خاصة في ظل التحديات التي تمر بها المجتمعات.
مضمون الخطبة.. صور بليغة عن وحدة الأمة
ويستهل الخطباء خطبة الجمعة اليوم بحمد الله الذي ألّف بين قلوب المؤمنين، وأصبحوا بنعمته إخوانًا، مستشهدين بآيات قرآنية وأحاديث نبوية تؤصل لقيمة الاتحاد، وتُحذر من الفرقة والتنازع.
وتستدل الخطبة بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى”.
وهو حديث جامع يصف العلاقة التكاملية التي ينبغي أن تسود بين المسلمين، تمامًا كأعضاء الجسد الواحد، لا تنفصل، ولا تتنازع، بل تتماسك وتتراحم.
وتشبه الخطبة الأمة بالـ«بنيان المرصوص»، الذي لا يقوم إلا بتكاتف اللبنات وتناسق الأعمدة، فكل فرد له دور في حفظ هذا الصرح العظيم، ولا مجال للاستغناء عن أحد، فالوحدة ليست خيارًا ثانويًا، بل فريضة شرعية.

الوحدة الوطنية والدعوة للتماسك المجتمعي
وتركز خطبة الجمعة اليوم على ضرورة تجاوز الخلافات الشخصية والمذهبية والعرقية، وتشدد على أن قوة المجتمعات لا تُبنى إلا بتجاوز الجزئيات الصغيرة والانصهار في كليات عليا، كالوطن، والدين، والمصير المشترك.
وتستشهد بقول الله تعالى:
{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 103]، مؤكدين أن هذه الآية تعد دستورًا إلهيًا للوحدة، وتحمل أمرًا واضحًا بالاعتصام والبعد عن كل ما يؤدي إلى التفكك والتشرذم.
وتستعرض الخطبة نماذج من سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في التوفيق بين المتخاصمين، وسعيه الدائم لوأد الفتن في مهدها، معتبرة أن المدينة المنورة كانت نموذجًا حيًا للوحدة والانسجام بين المهاجرين والأنصار، والعرب وغير العرب.
الشق الثاني من الخطبة: رسالة قوية ضد العنف الأسري
ولا تخلو خطبة الجمعة اليوم من معالجة واحدة من أخطر الظواهر الاجتماعية، وهي العنف الأسري، حيث أفرد الخطباء وقتًا لعرض أسبابه، وأشكاله، وآثاره، وبيان موقف الإسلام الواضح منه.
فالعنف الأسري – كما ورد في الخطبة – ليس فقط الضرب والإيذاء البدني، بل يشمل أيضًا السب، والإهمال، والتهديد، والتضييق الاقتصادي، والتحقير النفسي، وكلها تصرفات تؤدي إلى تحطم الثقة داخل البيت، وزرع الرعب في قلوب الأطفال، وتكوين جيل مهتز، قد يعيد إنتاج العنف بشكل أكثر ضراوة في المستقبل.
ويستشهد الخطباء بقوله تعالى:
{وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21]، مؤكدين أن المودة والرحمة هما الأساس في العلاقات الزوجية، وأن أي خلل في هذا التوازن يؤدي إلى فساد كبير في الأسرة والمجتمع.
قدوة النبي في التعامل مع الأسرة
وتشير الخطبة إلى أن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان خير مثال في حسن المعاملة، فقد قال: “خيركم خيركم لأهله، وأنا خيركم لأهلي”، وهو حديث يُلزم كل مسلم بأن يكون مصدر رحمة لأسرته، لا أداة قهر وتعنيف.

خطبة الجمعة اليوم.. دعوة متكاملة للتماسك الأسري والمجتمعي
وبهذا تكون خطبة الجمعة اليوم قد جمعت بين تحصين الأمة من الخارج بالدعوة إلى الاتحاد، وتحصينها من الداخل بالدعوة إلى نبذ العنف الأسري، وهي رسالة مزدوجة تحمل في طياتها فهمًا دقيقًا لواقعنا، واحتياجاتنا، والتحديات التي تحيط بنا.
ففي ظل عالم يموج بالصراعات السياسية والمجتمعية، تأتي مثل هذه الخطب لتؤكد على أن الدين ليس مجرد عبادات، بل منظومة قيمية أخلاقية متكاملة، تنعكس على حياة الناس في تعاملاتهم اليومية، وفي أسرهم، وفي مؤسساتهم.
ماذا بعد الخطبة؟
إن الاستجابة لـ خطبة الجمعة اليوم لا ينبغي أن تتوقف عند حدود سماعها أو الإعجاب بها، بل يجب أن تتحول إلى سلوك عملي.
فالاتحاد ليس شعارًا، بل مسؤولية؛ والعنف الأسري ليس مجرد سلوك خاطئ، بل جريمة اجتماعية وإنسانية وأخلاقية.
والمسلم الحقيقي هو من يجعل من خطبة الجمعة منارة يهتدي بها في كل أسبوع.
وبين هذا وذاك، تظل وزارة الأوقاف على نهجها في اختيار مواضيع معبرة، وتقديمها بأسلوب علمي وشرعي يجمع بين جمال البلاغة وقوة التأثير.