وفاة ميمي عبد الرازق.. الكرة المصرية تفتقد أحد الأعلام التدريبية بعد مسيرة حافلة بالإنجازات

في حادثة محزنة هزت الوسط الرياضي المصري، رحل عن عالمنا مساء اليوم الأربعاء ميمي عبد الرازق، المدير الفني السابق للنادي المصري، إثر أزمة قلبية مفاجئة، عن عمر يناهز 65 عامًا، تاركًا خلفه إرثًا تدريبيًا ومسيرة حافلة بالتفاني في خدمة الكرة المصرية، خاصة على مستوى الأندية الجماهيرية.
ويمثل رحيل ميمي عبد الرازق خسارة كبيرة للوسط الكروي المصري، فقد كان الرجل من القلائل الذين جمعوا بين الأداء الفني الراقي والانضباط الأخلاقي في الملاعب وخارجها.
وشهدت رحلته حضورًا مميزًا في أندية عدة، حيث صنع اسمه باجتهاده بعيدًا عن الأضواء، حتى صار أحد أبرز المدربين المحليين الذين تركوا بصمة واضحة على الكرة المصرية.
ميمي عبد الرازق.. مسيرة بدأت من بورسعيد
بدأ ميمي عبد الرازق مشواره الكروي لاعبًا في صفوف نادي بورفؤاد الرياضي، حيث ترعرع في محافظة بورسعيد التي ظلت محورًا في مسيرته الرياضية والفنية.
لم يكن مجرد مدرب يتنقل بين الأندية، بل كان رجلًا ينتمي إلى مشروع رياضي متكامل يسعى لبناء فرق تنافسية بأقل الإمكانيات وأكبر قدر من الإخلاص.
بعد اعتزاله اللعب، اتجه عبد الرازق إلى التدريب، وسرعان ما أثبت كفاءته الفنية من خلال قيادته لعدة أندية منها المصري البورسعيدي، نادي المريخ، كفر الزيات، سموحة، نادي السويس، وأخيرًا الداخلية.
ورغم أنه لم يحظَ يومًا بالأضواء الإعلامية الكثيفة، فإن سيرته واحترامه من قبل اللاعبين والمسؤولين والجماهير جعله أحد الأسماء التي تُذكر دومًا عند الحديث عن القيم والأداء في التدريب الرياضي.
آخر محطاته مع المصري.. نتائج وإنجازات رغم قصر المدة
تولى ميمي عبد الرازق تدريب النادي المصري البورسعيدي مؤخرًا، خلفًا للتونسي أنيس بوجلبان، وذلك في وقت كانت فيه الجماهير تطالب بعودة الروح القتالية والهوية الفنية للنادي العريق.
رغم قصر المدة، استطاع عبد الرازق أن يحقق نتائج إيجابية في مباراتين فقط خاضهما، حيث فاز على البنك الأهلي بنتيجة 1-0، ثم على حرس الحدود بنتيجة 2-0، ليُعيد الثقة إلى صفوف الفريق في توقيت صعب.
تحت قيادته، أنهى الفريق الموسم في المركز الرابع بجدول ترتيب الدوري المصري الممتاز برصيد 42 نقطة، وهو ما أهله للمشاركة في بطولة الكونفدرالية الإفريقية في نسختها المقبلة، ليُسجَّل هذا الإنجاز الأخير باسمه في صفحات تاريخ النادي.

مهمة مؤجلة.. لجنة التخطيط التي لم تكتمل
في خطوة تؤكد ثقة الإدارة في رؤيته الفنية وخبرته الطويلة، كان مجلس إدارة نادي المصري قد كلف ميمي عبد الرازق برئاسة لجنة التخطيط بالنادي، بهدف تطوير القطاع الفني ووضع تصور شامل للفريق الأول وفرق الناشئين.
إلا أن القدر لم يُمهله لتحقيق تلك المهمة، إذ وافته المنية قبل تنفيذ هذا المشروع الذي كان يعول عليه الكثيرون في إعادة بناء الفريق على أسس علمية وفنية متينة.
الحزن يخيّم على بورسعيد
مدينة بورسعيد، التي أنجبت ميمي عبد الرازق، ودّعت اليوم أحد أبنائها المخلصين.
وأُعلن عن تنظيم جنازة شعبية مهيبة بمشاركة عدد كبير من أهالي المدينة، وسط مشاعر حزن سيطرت على الشارع البورسعيدي، لا سيما جماهير النادي المصري التي طالما اعتبرت عبد الرازق أحد رموزها المخلصين.
كرة القدم تودع رجل المبادئ
على مدار سنوات طويلة، اشتهر ميمي عبد الرازق بأسلوبه الهادئ والمبني على الحوار والاحترام داخل غرفة الملابس.
لم يكن من أصحاب التصريحات النارية، بل من الذين يفضلون الرد في الملعب والعمل بصمت.
ولهذا، كثيرًا ما ترك أثرًا طيبًا في نفوس من عملوا معه، سواء لاعبين أو إداريين.
سؤال مفتوح: من يخلف عبد الرازق في مهمته؟
بعد وفاة ميمي عبد الرازق، تثار تساؤلات حول من سيكون الأنسب لقيادة لجنة التخطيط بالنادي المصري، ومن سيواصل المشروع الذي بدأه الفقيد.
ورغم أن الحديث لا يزال مبكرًا في ظل الحزن العام، فإن إدارة النادي أكدت أنها ستعمل على تخليد ذكراه من خلال مشروع رياضي يحمل اسمه، مع إمكانية تخصيص جائزة سنوية لأفضل مدرب شاب تحمل اسمه، تقديرًا لعطائه.
وبرحيل ميمي عبد الرازق، تفقد الكرة المصرية أحد أعمدتها الصامتة، التي قدمت الكثير دون ضجيج، وعلّمت الأجيال أن القيم لا تقل أهمية عن التكتيك، وأن الإخلاص قد يصنع مجدًا يدوم حتى بعد الرحيل.
ويبقى اسم ميمي عبد الرازق محفورًا في الذاكرة الكروية كأحد رموز التدريب المصري، ممن أحبوا الكرة وأخلصوا لها، وكتبوا صفحاتهم بأفعال لا تُنسى.