الدروز تحت الضغط: مجموعة مستهدفة في خضم النزاعات السورية وتأثيرات الخارج

الدروز تحت الضغط: مجموعة مستهدفة في خضم النزاعات السورية وتأثيرات الخارج

تشهد محافظة السويداء السورية توترًا غير مسبوق في الأسابيع الأخيرة، بعد اندلاع اشتباكات دامية بين مجموعات درزية وقبائل بدوية، أعقبها تدخل من الجيش السوري، وتبعته غارات جوية إسرائيلية تحت مزاعم “حماية الدروز”.

وبينما تزداد الضغوط على الحكومة الانتقالية بقيادة أحمد الشرع، تبرز المخاوف من انفجار طائفي أوسع، وسط تصاعد التدخلات الإقليمية والدولية، وتزايد القلق داخل المجتمع الدرزي. في هذا التقرير، نرصد جذور الأزمة، دوافع التدخل الإسرائيلي، وخلفيات التوتر بين القوات الحكومية والدروز.

اشتباكات دامية تفجّر الوضع في الجنوب

بحسب تقرير شبكة «سي إن إن» الأمريكية، اندلعت اشتباكات عنيفة هذا الأسبوع بين ميليشيات درزية وقبائل بدوية في مدينة السويداء، أسفرت عن مقتل أكثر من 30 شخصًا وإصابة المئات. وسرعان ما تحوّلت الاشتباكات المحلية إلى صراع أوسع مع تدخل الجيش السوري، وانضمام ميليشيات إسلامية موالية للحكومة إلى ساحة القتال.
التصعيد المفاجئ دفع إسرائيل إلى التدخل عسكريًا، حيث شنت غارات جوية على مواقع للجيش السوري في السويداء ودمشق، معلنة أن تدخلها جاء لحماية الدروز من “الاضطهاد”، فيما اعتبرت دمشق هذه الغارات انتهاكًا صارخًا لسيادتها.

الدروز

إسرائيل تضع “حماية الدروز” في واجهة أجندتها العسكرية

في سابقة خطيرة، كثّفت إسرائيل ضرباتها داخل الأراضي السورية مستهدفة قوات النظام، واعتبرت أن بقاء هذه القوات في السويداء يهدد حياة الطائفة الدرزية.
وقال وزير دفاع الاحتلال يسرائيل كاتس إن الجيش الإسرائيلي سيواصل توجيه ضربات إذا لم تنسحب القوات الحكومية من المنطقة، رغم مطالبة واشنطن بوقف العمليات العسكرية.
ويرى مراقبون أن إسرائيل تسعى من خلال هذه الضربات إلى تثبيت نفوذها في الجنوب السوري، مستفيدة من روابطها الوثيقة مع الدروز داخل إسرائيل.

من هم الدروز؟ ولماذا يتمركزون في قلب الصراع؟

الدروز طائفة دينية عربية تعود جذورها إلى القرن 11، ويبلغ تعدادهم نحو مليون نسمة موزعين بين سوريا ولبنان وإسرائيل.
يتمركز معظم الدروز في محافظة السويداء، بينما يعيش أكثر من 20 ألفًا منهم في مرتفعات الجولان، التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967.
ورغم حصول بعض دروز الجولان على إقامات إسرائيلية، يرفض غالبيتهم الاعتراف بشرعية الاحتلال ويُعرّفون أنفسهم كسوريين.
وفي داخل إسرائيل، يُجنّد الدروز في الجيش منذ عام 1957، ويشغل كثير منهم مناصب حساسة في الأمن، وهو ما تستخدمه إسرائيل اليوم لتبرير دعمها العسكري لدروز سوريا.

أزمة الثقة بين الدروز والحكومة السورية الجديدة

تعود جذور الصراع الحالي إلى تعثّر المفاوضات بين الحكومة الانتقالية برئاسة أحمد الشرع والميليشيات الدرزية بشأن نزع سلاح الأخيرة ودمجها في الجيش النظامي.
ورغم تعهّد الشرع بحماية التنوّع الديني، إلا أن سيطرة قوى سنية متطرفة على بعض مفاصل السلطة، واستبعاد زعماء دروز من الحوار الوطني، زاد من حدة التوتر.
يخشى الدروز تكرار سيناريو الإقصاء، كما في عهد الأسد، خاصة في ظل التمثيل الضعيف في الحكومة الجديدة التي تضم وزيرًا درزيًا واحدًا فقط.

التاريخ يعيد نفسة مرة أخري 

لم يكن هذا التصعيد الأول من نوعه، ففي الأشهر الماضية اندلعت اشتباكات دامية بين الحكومة وميليشيات من الأقليات، كما شهدت مدينة اللاذقية حملة قمع ضد الطائفة العلوية، خلفت مئات القتلى.
السويداء اليوم أصبحت رمزًا جديدًا لانهيار مشروع “الوحدة الوطنية” الذي تروج له الحكومة الانتقالية، فيما تتصارع القوى الإقليمية، وعلى رأسها إسرائيل، للاستفادة من حالة الانقسام والانفلات الأمني.