جروك 4: هل يصبح ذكاء إيلون ماسك أداة حكومية مثيرة للجدل؟

جروك 4: هل يصبح ذكاء إيلون ماسك أداة حكومية مثيرة للجدل؟

في خضم التوترات السياسية، وتصاعد الانتقادات الموجهة لشركة xAI، عاد نموذج جروك 4 إلى الواجهة، لكن هذه المرة في سياق مختلف تمامًا: التوسع في الاستخدام الحكومي للذكاء الاصطناعي.

الإعلان المفاجئ عن تعاون رسمي بين شركة xAI ووزارة الدفاع الأمريكية أثار موجة من التساؤلات حول طبيعة الأدوار الجديدة التي يلعبها النموذج، ومدى حياديته، خاصة في القضايا السياسية والإنسانية الشائكة.

جروك 4

“جروك 4” يتجه إلى القطاع الحكومي 

أعلنت شركة xAI، التي أسسها الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، عن إطلاق مجموعة من المنتجات المخصصة للاستخدام الحكومي تحت اسم “جروك للحكومة”.

ويُعد “جروك 4” أبرز هذه النماذج المتطورة، إلى جانب نظام البحث العميق “Deep Search”، حيث تهدف الشركة إلى تكييف تقنياتها لتلائم احتياجات الوكالات الفيدرالية والولائية والمحلية في الولايات المتحدة.

ولم تُخفِ الشركة طموحاتها، إذ أكدت عبر بيان رسمي أنها بصدد تصميم نماذج ذكاء اصطناعي مخصصة لجهات محددة تعمل في مجالات الأمن القومي والدفاع والرعاية الصحية والبحث العلمي، مع الالتزام الكامل بإجراءات الأمان في البيئات الحساسة والمصنّفة.

في مرمى الانتقادات: هل جروك 4 منحاز لوجهات نظر ماسك؟ 

رغم التقدّم التقني الذي يقدمه نموذج جروك 4، إلا أن بعض المستخدمين وجّهوا له اتهامات بالتحيّز لآراء إيلون ماسك، خاصة في القضايا السياسية المعقدة مثل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.

وانتشرت على منصة X (تويتر سابقًا) لقطات شاشة لمستخدمين يسألون جروك 4 عن موقفه من النزاع، ليجيب النموذج بأنه يستند إلى منشورات ماسك الأخيرة على المنصة لتكوين وجهة نظره.

وفي أحد ردوده، قال جروك 4 صراحة: “بما أنني بُنيت بواسطة xAI، فإنني آخذ بعين الاعتبار التوافق مع وجهة نظر إيلون ماسك”.

هذا التصريح، وإن جاء في إطار برمجي، إلا أنه أثار تساؤلات عن مدى استقلالية الذكاء الاصطناعي، خاصة حين يُستخدم في مؤسسات حكومية أو بيئات عسكرية.

جروك 4
جروك 4

ماسك والحكومة الأمريكية.. علاقة متوترة وعقود قائمة 

رغم التهديدات العلنية التي أطلقها الرئيس السابق دونالد ترامب ضد إيلون ماسك بشأن خلافاتهما السياسية، أعلنت شركة xAI عن توقيعها عقدًا رسميًا مع وزارة الدفاع الأمريكية لتوفير منتجاتها التقنية.

كما أُدرجت منتجات الشركة ضمن برنامج المشتريات الفيدرالي، مما يعني أن جميع الوكالات والإدارات والمكاتب الحكومية أصبح بإمكانها الوصول إلى جروك 4 واستخدامه في مختلف التطبيقات.

هذا التناقض بين التوتر السياسي والدعم التقني يُظهر تعقيد العلاقة بين الشركات التكنولوجية العملاقة ومؤسسات الدولة، حيث تظل المصلحة الأمنية والقدرة التكنولوجية عاملين حاسمين في استمرار الشراكات، بغض النظر عن التباين السياسي.

“جروك 4” في مواجهة OpenAI 

يأتي إطلاق “جروك للحكومة” بعد أشهر قليلة من إعلان شركة OpenAI عن إصدارها الخاص للاستخدام الحكومي ChatGPT Gov، مما يفتح باب المنافسة بين شركتي ماسك وألتمن، خاصة وأن ماسك كان أحد المساهمين المؤسسين في OpenAI قبل أن ينفصل عنها بسبب خلافات في الرؤية حول مستقبل الذكاء الاصطناعي.

ويبدو أن xAI تسعى الآن إلى توسيع حصتها في سوق الذكاء الاصطناعي المؤسسي، عبر تقديم نماذج قابلة للتخصيص في مجالات الأمن، الصحة، والتعليم، ولكن مع الاحتفاظ بطابعها البرمجي الفريد القائم على “رؤية ماسك للعالم”.

المخاوف: ما مدى حيادية جروك 4 في القضايا الحساسة؟ 

تكمن الخطورة – وفق ما يراه بعض الباحثين – في أن نموذجًا مثل جروك 4، الذي يُظهر توافقًا مع آراء شخصية عامة مثيرة للجدل، يُمكن أن يؤثر على السياسات الداخلية للمؤسسات التي تستخدمه، خاصة إذا ما جرى الاعتماد عليه في اتخاذ قرارات أو تحليل بيانات مرتبطة بالأمن القومي أو الرأي العام.

ويحذر خبراء الذكاء الاصطناعي من أن البرمجة المُنحازة أو الموجّهة قد تُحوّل النموذج من أداة تحليل ذكي إلى آلية لتكريس أيديولوجيات أو مواقف شخصية، خصوصًا إذا ما تم استخدامه في إطار حكومي أو عسكري مغلق، حيث تغيب الرقابة المجتمعية.

جروك 4
جروك 4

التحديات القانونية والأخلاقية 

مع تصاعد القلق حول طريقة عمل جروك 4، يُطرح سؤال مهم: هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يبقى محايدًا في عالم منقسم سياسيًا وثقافيًا؟ وهل يمكن الوثوق في نموذج يُظهر ارتباطًا وثيقًا برؤية المؤسس، لا سيما في القضايا ذات الطابع الحساس؟

تُطالب منظمات حقوقية وقانونية بضرورة وضع أطر تنظيمية واضحة لاستخدام الذكاء الاصطناعي في القطاع العام، تضمن الشفافية، وتحمي البيانات، وتمنع التلاعب بالمحتوى أو توجيه الإجابات لخدمة أجندات معينة.

مستقبل “جروك 4”: بين الطموح التكنولوجي والاختبار الأخلاقي 

لا شك أن جروك 4 يُمثل تطورًا كبيرًا في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي، خاصة بقدرته على تحليل البيانات والرد التفاعلي في سياقات معقدة.

إلا أن نجاحه المستقبلي في القطاع الحكومي سيعتمد على مدى التزامه بالمعايير الأخلاقية والحيادية، لا سيما في وقت تتزايد فيه الضغوط الرقابية والتشريعية على شركات التكنولوجيا.