كيف تتعامل يوتيوب مع المحتوى الذي تم إنشاؤه بواسطة الذكاء الاصطناعي؟… سياسة جديدة تثير الجدل

أثار إعلان منصة “يوتيوب” عن تحديث جديد في سياسات تحقيق الدخل للمحتوى، تساؤلات وجدلًا واسعًا بين صناع الفيديو، كيف يتعامل يوتيوب مع المقاطع المصنوعة بالذكاء الاصطناعي؟
ومع اقتراب دخول هذه السياسة حيّز التنفيذ ، تعالت أصوات القلق حول كيف يتعامل يوتيوب مع المقاطع المصنوعة بالذكاء الاصطناعي؟ وهل سيؤثر ذلك على فرص الربح لملايين المستخدمين حول العالم؟
في هذا التقرير، نُسلّط الضوء على تفاصيل التعديلات الجديدة، وخلفياتها، وردود الفعل المتباينة التي رافقتها، مع استعراض رؤية يوتيوب الرسمية حيال الاستخدام الأخلاقي والمسؤول لأدوات الذكاء الاصطناعي.
كيف يتعامل يوتيوب مع المقاطع المصنوعة بالذكاء الاصطناعي؟
أعلنت شركة “يوتيوب”، التابعة لغوغل، عن حزمة تغييرات وصفها البعض بـ”التحفظية”، تهدف إلى تنظيم استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى، ومنع التلاعب بالنظام الإعلاني أو إنتاج فيديوهات عشوائية وغير ذات قيمة.
وأوضحت المنصة أن التعديلات الجديدة تأتي ضمن تطوير شامل لبرنامج شركاء يوتيوب (YouTube Partner Program)، لرفع معايير جودة المحتوى وتحسين تجربة المستخدم، خاصة بعد الانتشار المتزايد لمقاطع تعتمد على أدوات توليد النصوص والصوت والصورة بالذكاء الاصطناعي، دون تدخل إبداعي حقيقي من صانع المحتوى.
ما الذي تغيّر في سياسة المنصة؟
أبرز ما جاء في السياسة الجديدة، والتي يبدأ تنفيذها رسميًا في منتصف يوليو 2025، هو التشديد على حظر المحتوى “غير الأصيل” أو منخفض الجودة من تحقيق الدخل. وتشمل هذه الفئة على وجه التحديد:
المقاطع المُعاد تدويرها أو المنسوخة من مصادر أخرى دون تعديل.
مقاطع تحتوي على ردود فعل مكررة أو غير إبداعية.
فيديوهات تم توليدها آليًا بالكامل، مثل صور AI أو تعليقات صوتية روبوتية، دون وجود إضافة أو تحليل بشري واضح.
لكن السؤال الذي تردد كثيرًا: هل يوتيوب يحظر الذكاء الاصطناعي بشكل نهائي؟ الإجابة جاءت سريعة من المنصة نفسها.
يوتيوب يوضح: لسنا ضد الذكاء الاصطناعي.. ولكن ضد “إساءة الاستخدام”
ردًا على موجة الجدل، خرج “رينيه ريتشي”، رئيس القسم التحريري في يوتيوب، بفيديو رسمي، أوضح فيه أن السياسة الجديدة ليست معادية للذكاء الاصطناعي، وإنما تهدف فقط إلى الحد من استخدامه بشكل عشوائي وغير احترافي.
وقال ريتشي إن التحديث مجرد “تعديل طفيف” على سياسة قائمة بالفعل، تنص منذ سنوات على أن المحتوى يجب أن يتضمن تعديلًا جوهريًا أو إبداعيًا حتى يكون مؤهلًا لتحقيق الدخل.
وشدد على أن الهدف الأساسي هو تحسين أنظمة المراجعة الآلية التي تميز بين المحتوى القيّم والمكرر، وضمان ألا يُمنح الربح لمقاطع رديئة تعتمد فقط على خلط لقطات مسروقة بتعليقات صوتية مولدة آليًا، دون أي إضافة بشرية.
تفاعل المستخدمين وصناع المحتوى
انقسمت آراء مستخدمي المنصة، وخاصة من فئة المؤثرين ومنشئي المحتوى الرقمي، بين من يرى أن هذه السياسة منطقية لحماية جودة المحتوى، ومن يعتبرها خطوة مقلقة قد تُقصي الكثير من صناع الفيديو المبتكرين الذين يعتمدون على أدوات الذكاء الاصطناعي بطريقة مشروعة.

الذكاء الاصطناعي… أداة لا بديل عن الإبداع البشري
في ظل تطور أدوات الذكاء الاصطناعي التوليدي مثل ChatGPT، وMidjourney، وElevenLabs، أصبح من السهل إنشاء فيديوهات كاملة بضغطة زر.
لكن هذا التسهيل خلق أيضًا بيئة خصبة للمحتوى الرديء، ما دفع المنصة إلى التحرك.
يوتيوب يُفرّق بين من يستخدم الذكاء الاصطناعي كأداة مساعدة لتعزيز الفكرة والإنتاج، ومن يستخدمه كبديل تام عن العمل الإبداعي.
فعلى سبيل المثال:
إذا أنشأ المستخدم فيديو توضيحيًا مدعومًا بصور أو تعليقات صوتية مولدة بالذكاء الاصطناعي ولكن مبني على فكرة أصلية وتحليل شخصي، فغالبًا سيتم السماح له بتحقيق الدخل.
أما إذا اكتفى بدمج صور مجانية مع تعليق آلي عام وسريع، دون أي إضافة فكرية، فإن المقطع سيُصنف كمحتوى غير أصلي.
ماذا يعني هذا التحديث لمستقبل صناعة المحتوى؟
يبدو أن يوتيوب يسعى لتوجيه بوصلة الإنتاج الرقمي نحو الجودة والتميز، لا الكمية وسرعة النشر.
وفي حين تُتيح أدوات الذكاء الاصطناعي إمكانيات واسعة، فإنها -وفق سياسة المنصة الجديدة- لا يجب أن تكون بديلاً عن الإنسان، بل مكملًا له.
وهذا يتماشى مع الاتجاه العالمي الذي يتبناه العديد من منصات النشر، حيث بات الذكاء الاصطناعي تحت المجهر، وسط دعوات لتنظيمه قانونيًا وأخلاقيًا، خاصة مع تفشي الأخبار الكاذبة، والفيديوهات المفبركة، ومقاطع “الديب فيك”.
توصيات للمحتوى الناجح على يوتيوب في عصر الذكاء الاصطناعي
في ظل التحديثات الجديدة، إليك أبرز النصائح التي يوصي بها خبراء المحتوى الرقمي لضمان استمرار تحقيق الربح على يوتيوب:
قدّم قيمة مضافة: لا تعتمد على أدوات الذكاء الاصطناعي لتوليد فيديوهات بلا روح.
أضف رأيك، تحليلك، خبرتك الشخصية.
تجنّب إعادة استخدام المحتوى الجاهز: سواء صور، موسيقى، أو مقاطع فيديو، ما لم تكن بتعليق وتحليل خاص بك.
احرص على التنوع والإبداع: استخدم أدوات الذكاء الاصطناعي بطريقة ذكية تخدم الفكرة، ولا تجعل الأداة هي كل الفكرة.
راجع شروط يوتيوب بانتظام: السياسات تتغير باستمرار، فابقَ مطلعًا على آخر المستجدات لتجنب العقوبات.