حسام الأزرق يكتب: صندوق العجائب السحري

حسام الأزرق يكتب: صندوق العجائب السحري

 

في بلادٍ تُجيد الاحتفال بكل شيء — حتى بالوهم — يبتهج الناس كل حين بصناديق لا تعرف النسيان. توضع على مرأى من الجميع، لامعة، أنيقة، كأنها تحمل بين جدرانها خلاصًا مؤجلًا، أو حلمًا مرّ عليه قطار كثير التأخير.

اللافتات ترتفع، والشعارات تُكتب بعناية، والوجوه تبتسم أكثر مما ينبغي. أما الحقيقة، فهي تتوارى خلف كواليس لا تُعرض على الشاشات، تُكتب فيها النتائج قبل أن يُسأل السؤال، وتُنسج فيها الأصوات بخيوط غير مرئية، لا يمسكها إلا من تمرّن طويلًا على الإمساك بالهواء.

لا أحد يعترض، ليس خوفًا دائمًا، بل لأن الاعتياد يجعل حتى الغرابة شيئًا مألوفًا. تتكرّر الطقوس نفسها: مدادٌ على الإصبع، أوراق مطوية، نظرات حائرة، وتصفيق في النهاية. كل شيء يبدو طبيعيًا، وربما هذا هو أغرب ما في الأمر.

المُرشّحون يختلفون، لكن الفائز غالبًا لا يتغيّر. كأن الصندوق يعرف من قبل، كأن الحبر لا يُكتب به رأي، بل يُوقّع به عقدًا لا يقرؤه أحد.

وفي كل مرة، يعود الناس إلى بيوتهم، يعلقون بطاقات الصمت على الأبواب، ويتفرجون من بعيد على مشهدٍ لا جديد فيه، سوى تاريخ الملصقات.

ويبقى السؤال، معلقًا في الهواء:
هل كانت تلك هي إرادتهم؟
أم مجرد دور آخر في مسرحية يتبدل فيها الممثلون، ويظل النص كما هو؟