الوفد بين القيادة والأعضاء: هل سيتجنب “بيت الأمة” غضب الجمعية العمومية؟

ظهر جليًا خلال الساعات الماضية في حزب الوفد أن القيادات تتحرك وفق حسابات منفصلة عن قواعدها التنظيمية، وهو ما ظهر واضحًا بعد إعلان الحزب الانتهاء من خطة الدعاية الانتخابية، رغم ما يتردد عن غضب متصاعد داخل الجمعية العمومية، وتوترات على خلفية آليات اختيار المرشحين، والمشاركة في انتخابات الشيوخ، والمطالبات بعزل رئيس الحزب.
حزب الوفد في أزمة داخلية
ورغم تاريخه السياسي الممتد كأحد أقدم الأحزاب المصرية، وجد حزب الوفد نفسه في قلب أزمة داخلية حادة، عقب إعلان تمثيله المحدود في القائمة الوطنية من أجل مصر لخوض انتخابات مجلس الشيوخ 2025، باختيار مرشحين فقط دون خوض المنافسة على المقاعد الفردية.
أثار هذا القرار موجة استياء شديدة داخل أروقة الحزب، إذ اعتبره عدد من أعضاء الجمعية العمومية تقليصًا متعمدًا لدور الوفد وتهميشًا لحضوره في المشهد الانتخابي، في وقت تتجه فيه أحزاب أخرى لتكثيف تمثيلها داخل القائمة وفي النظام الفردي معًا.
ورغم الغضب الواضح داخل حزب الوفد، وقرار الهيئة العليا بعقد جمعية عمومية غير عادية لطرح الثقة في رئيس الحزب الدكتور عبدالسند يمامة، فإن التصريحات الرسمية الصادرة عن قيادات الحزب، مثل النائب أيمن محسب، تعكس خطابًا مغايرًا يوحي باستقرار داخلي وتماسك تنظيمي.
وأكد محسب، عضو الهيئة العليا، أن الحزب انتهى من وضع اللمسات الأخيرة على خطة الدعاية الانتخابية لخوض انتخابات مجلس الشيوخ، معتبرًا أن المشاركة المحدودة داخل القائمة الوطنية الموحدة لا تُعد تراجعًا، بل تعكس وعيًا بمتطلبات المرحلة والتحالفات الضرورية في ظل نظام القائمة المغلقة المطلقة.
انتخابات مجلس الشيوخ تشعل الخلافات داخل حزب الوفد
تم اختيار كل من المهندس حازم الجندي وطارق عبدالعزيز، وهما من أعضاء الهيئة العليا للحزب، ضمن مرشحي القائمة الوطنية “من أجل مصر”، التي تخوض السباق الانتخابي في إطار تنسيق سياسي واسع بين عدد من الأحزاب.
اقتصار التمثيل الوفدي داخل القائمة الوطنية على مرشحين فقط، أثار استياءً بالغًا داخل صفوف الجمعية العمومية، التي رأت في هذا القرار تقليصًا غير مبرر لدور الحزب، وتنازلًا عن أدواته السياسية التي ميزته على مر العصور والتاريخ.
واعتبر عدد من أعضاء الحزب أن هذه الخطوة لا تعكس ثقل الوفد التاريخي، ولا مكانته كأحد أعرق الأحزاب في مصر، معتبرين أن ما جرى يمثل تراجعًا غير مسبوق في حضوره البرلماني.
أزمة القيادة وطرح الثقة
ولم تقف الأزمة عند حدود الجدل السياسي، بل تصاعدت إلى مستوى تنظيمي حاد، حيث أعلنت الهيئة العليا للحزب موافقتها على طلب رئيس الحزب، الدكتور عبدالسند يمامة، بطرح الثقة فيه أمام الهيئة المُحصنة.
وتم تحديد الجمعة 25 يوليو 2025 موعدًا لانعقاد جمعية عمومية غير عادية برئاسة الدكتور ياسر الهضيبي، السكرتير العام للحزب، للنظر في مصير القيادة، سواء بتجديد الثقة أو اتخاذ قرار بتغييرها.
وبعد ساعات من صدور هذا البيان، أعلن الدكتور عبدالسند يمامة، رئيس حزب الوفد، في بيان رسمي، عدوله عما صدر منه خلال جلسة الهيئة العليا للحزب التي عُقدت أمس بشأن طرح الثقة في نفسه.
وأوضح رئيس الحزب في البيان أنه قرر التراجع عن هذا الموقف وما قد يترتب عليه من آثار، وجاء في نص البيان: “قرر العدول عن قوله في جلسة الهيئة العليا للوفد أمس بطرح الثقة في نفسه وما يترتب على ذلك من آثار”.
تناقض تصريحات “يمامة” تزيد من حدة الأزمة
ومن أبرز الأسباب التي زادت من حدة الأزمة داخل أروقة الحزب ، هو التباين بين التصريحات العلنية الصادرة عن رئيس الحزب، والتي عبّر فيها عن تطلعاته للحصول على أكبر عدد ممكن من المقاعد”، وواقع المشاركة المحدود في القائمة، والذي خالف التوقعات.
كان يمامة قد أكد أن الوفد جزء أصيل من النظام السياسي المصري، داعيًا إلى احترام تعدديته الرمزية، ومشدّدًا على أن تمثيل الحزب هو مقياس لجدية التحالف السياسي في احترام التنوع والاختلاف داخل المشهد الحزبي.
اقرأ أيضًا: «يمامة» يطير بأحلام «الوفد» في انتخابات الشيوخ.. القائمة الوطنية تشعل فتيل الأزمة داخل أروقة «بيت الأمة»