ما هي الدوافع وراء قرار البنك المركزي المصري بالإبقاء على أسعار الفائدة ثابتة؟

في خطوة تعكس سياسة نقدية حذرة، قرر البنك المركزي المصري تثبيت أسعار الفائدة الأساسية خلال اجتماع لجنة السياسة النقدية اليوم الخميس، 10 يوليو 2025، وذلك بعد تخفيضين متتاليين في الاجتماعين السابقين. وأبقى البنك على سعر عائد الإيداع عند 24%، والإقراض عند 25%، وسعر العملية الرئيسية عند 24.5%، وسعر الائتمان والخصم عند 24.5%.
تثبيت الفائدة مدفوع بتراجع التضخم وتحسن مؤشرات النمو
وأوضح البنك المركزي، في بيان رسمي، أن القرار يأتي في ضوء التحسن المستمر في مؤشرات التضخم، وتوقعات بمزيد من الاستقرار خلال ما تبقى من عام 2025. وسجّل معدل التضخم العام السنوي انخفاضًا إلى 14.9% في يونيو 2025، مقابل 15.3% في الربع الثاني، و16.5% في الربع الأول. كما تراجع التضخم الأساسي إلى 11.4%، بدعم من انخفاض أسعار المواد الغذائية واستقرار السلع غير الغذائية.
نمو اقتصادي يتجاوز التوقعات
على الجانب المحلي، أشار البنك إلى أن النشاط الاقتصادي يواصل التعافي، إذ تشير التقديرات إلى أن الناتج المحلي الإجمالي نما بنسبة 4.8% في الربع الأول من 2025، وهي وتيرة نمو أعلى من مثيلتها في الفترة المقابلة من 2024، التي بلغت 2.4%. كما لفت إلى أن فجوة الناتج تقلصت تدريجيًا، مع ترجيحات بالوصول إلى الطاقة الإنتاجية القصوى للاقتصاد بحلول نهاية العام المالي 2025/2026.
عوامل عالمية تضغط على القرار
وأشار البيان إلى أن التثبيت جاء أيضًا في ظل حالة عدم اليقين عالميًا بشأن سياسات التجارة الدولية والتوترات الجيوسياسية، والتي دفعت معظم البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة والناشئة إلى اتباع نهج حذر في السياسة النقدية. كما شهدت أسعار النفط تقلبات حادة، في حين سجلت أسعار السلع الزراعية تراجعًا طفيفًا مدعومًا بموسمية إيجابية.
التمهل في التيسير النقدي… والتضخم المستهدف في 2026
رغم الاتجاه الإيجابي لمؤشرات الأسعار، أكدت لجنة السياسة النقدية أنها ستواصل التريث في خفض أسعار الفائدة، لإتاحة مزيد من الوقت لتقييم آثار التشريعات الأخيرة، مثل تعديلات ضريبة القيمة المضافة، وتأثيرها المحتمل على الأسعار المحلية.
ويستهدف البنك المركزي الوصول بالتضخم إلى 7% (±2%) بنهاية الربع الرابع من 2026، مؤكدًا التزامه باستخدام جميع أدوات السياسة النقدية لتحقيق هذا الهدف، مع تقييم دوري للبيانات الاقتصادية.
وشدد علي الإدريسي، في تصريحات خاصة لموقع “الحرية”، على أن المعطيات الحالية تدعم هذا التوجه، في ظل الحاجة لمزيد من الاستقرار في مؤشرات التضخم وسعر الصرف، إلى جانب الحفاظ على تدفقات الاستثمارات الأجنبية في أدوات الدين المحلية.
وأوضح أن خيار التثبيت يُعد الأنسب في هذه المرحلة، باعتباره خطوة تحوطية تمنح صانعي السياسة النقدية فرصة لقراءة التطورات الإقليمية والعالمية بشكل أدق، قبل الانتقال إلى دورة التيسير النقدي المنتظرة في النصف الثاني من العام.