في الذكرى الثامنة لاستشهاده.. أحمد المنسي، رمز للوقت الحاضر وتراث خالد.

كتبت ـ هايدي عماد الدين
في مثل هذا اليوم، 7 يوليو من عام 2017، سقط أحد أنبل رجال مصر شهيدا على أرض سيناء، وهو يدافع عن وطنه حتي اللحظة الأخيرة، تمر اليوم الذكري الثامنة لاستشهاد العقيد أحمد صابر المنسي، قائد الكتيبة«103» صاعقة، الذي كتب بدمائه ملحمة بطولية في معركة كمين البرث، باتت رمزاً للفداء والوطنية والإخلاص.
ورحل المنسي، لكن لم ترحل سيرته، لا تزال كلماته وابتسامته، ووقفته الصلبة أمام رصاص الغدر، محفورة في وجدان المصريين، وفي كل عام تتجدد ذكراه بقلوب تنبض بالفخر، وعيون تدمع وفاء لبطل قدم حياته فداء لتراب هذا الوطن.
حياته
ولد في 4 أكتوبر 1978، بمركز منيا القمح بمحافظة الشرقية، والتحق بالكلية الحربية وتخرج من ضمن الدفعة 92 حربية، بعد التخرج عمل كضابط بوحدات الصاعقة وخدم لفترة طويلة في الوحدة 999 قتال، والتحق بأول دورة للقوات الخاصة الاستكشافية المعروفة باسم «SEAL» عام 2001م، ثم سافر للحصول على نفس الدورة من الولايات المتحدة الأمريكية عام 2006م، وفي عام 2013 حصل على ماجستير العلوم العسكرية«دورة أركان حرب» من الكلية القادة والأركان، وتولي قيادة الكتيبة 103 صاعقة خلفاً للعقيد رامي حسنين الذي قتل في شهر أكتوبر عام 2016.
وأيضا كان يكتب الشعر كما وردت زوجته في الندوة التثقيفية للقوات المسلحة بالذكري الـ44 لانتصارات أكتوبر، ومن بين أشعاره:«شجرة إنتي يا مصر من عمر التاريخ، أعلم أنك فانية، فلا شئ باق، ولكنك باقية حتي يفني التاريخ.
معركة البرث «يوم الاستشهاد»
في فجر يوم الجمعة 7 يوليو 2017، دوت صوت الرصاص في منطقة البرث جنوب مدينة رفح شمال سيناء، حين شنت عناصر تكفيرية هجوماً مباغتا المسلحة في مواجهة الإرهاب.
كان يقود الموقع العقيد أحمد المنسي، قائد الكتيبة 103 صاعقة، الذي استشعر بحاسته العسكرية أن هناك خطرا قادماً، فأوصي جنوده باليقظه وظل ساهرا معهم حتي لحظة الهجوم.
وبدأ الهجوم الإهابي باستخدام عربات مفخخة وأسلحة ثقيلة، ومحاولة لتدمير الموقع بالكامل ورفع راية الجماعات المتطرفة علية، إلا أن المنسي وقف مع رجاله وقفه أسطورية، ورغم إصابيه في البداية الاشتباك رفض التراجع أو تسليم الموقع، وظل يقاتل حتي الرمق الأخير، موجهاً جنوده، و مدافعا عن زملائه، إلى أن ارتقي شهيداً وسط أرض المعركة.
واستمرت المعركة لساعات، تكبد العدو خسائر فادحة، بينما استشهد المنسي وعدد من خيرة رجال الكتيبة ومنهم:
النقيب محمد صلاح
المجند محمد إسماعيل
العريف محمد طارق
وأخرون ممن سجلت أسماؤهم في سجل المجد.
وقد تم نقل عدد من المصابين والناجين بعد وصول الدعم الجوي والبري من القوات المسلحة، التي أحبطت محاولة السيطرة على الكمين.
هذه المعركة لم تكن مجرد اشتباك عسكري، بل ملحمة من البطولة الخالصة، جعلت من «المنسي» رمزاً خالداً في ذاكرة المصريين، وخلدت أسمه في قلوب الجميع.
تخليد ذكرى «أحمد المنسي»
رغم مرور ثماني سنوات على استشهاده، لا تزال سيرة العقيد أحمد المنسي حاضرة بقوة في وجدان الشعب المصري، ليس كبطل عسكري واجه الموت بشجاعة، بل كرمز وطني أصبحت تضحايته نبراسا للأجيال الجديدة.
وعقب استشهاده، سارعت الدولة إلى تكريم أسمه وتخليد ذكراه بعده صور أبرازها:
إطلاق اسمه على عدد من المدارس والمنشآت العسكرية، تكريما لمسيرته وإنجازاته.
منحه رتبه العقيد شرفا بعد الاستشهاد، وتكريم أسرته في احتفالات القوات المسلحة بيوم الشهيد.
إنتاج مسلسل«الاختيار» الجزء الاول في رمضان لتخليد ذكره، مما جعل الأجيال الشابة ترتبط به ارتباطاً وجدانيا عميقاً.
تداول خطاباته وكلماته الأخيرة التي كتبها لجنوده، التي كشفت عن روح وطنية عالية وثبات في مواجهة الموت، لتصبح مقولاته شعارات محفزة داخل وحدات الجيش المصري.
أدرجت بطولاته في الكتب التعليمية والمناهج التربوية نماذج القدوة الوطنية.