اكتشف مصنع القناة، أكبر مركز صناعي لإنتاج السكر عالميًا في محافظة المنيا.
كتبت أسماء محمود:
تشهد مصر طفرة صناعية زراعية غير مسبوقة مع انطلاق عمليات التشغيل الكاملة لمصنع القناة للسكر بمحافظة المنيا، الذي يُعد الأكبر عالميًا في إنتاج سكر البنجر، باستثمارات تُقدّر بمليار دولار.
يمثل المشروع نقلة نوعية في ملف التصنيع الزراعي، إذ يضم أكبر قلعة صناعية لإنتاج السكر في العالم، بطاقة إنتاجية تصل إلى 900 ألف طن سنويًا من السكر، ويهدف إلى استصلاح وتنمية 181 ألف فدان من الأراضي الصحراوية باستخدام المياه الجوفية.
أكبر مشروع صناعي زراعي منذ 1952
يُعد مصنع القناة للسكر أكبر مشروع صناعي زراعي في مصر منذ ثورة يوليو 1952، إذ يسهم في تقليص الفجوة بين الإنتاج والاستهلاك بنسبة تصل إلى 75% من إجمالي العجز الذي يبلغ 1.1 مليون طن سنويًا.
كما يساهم المشروع في إحلال واردات تقدر بنحو 900 مليون دولار سنويًا، فضلًا عن تصدير منتجات ثانوية تقدر بـ120 مليون طن سنويًا.
افتتاح المرحلة الثانية بالتزامن مع ذكرى 30 يونيو
افتتح اللواء عماد كدواني، محافظ المنيا، المرحلة الثانية من مصنع القناة للسكر بمركز ملوى، وذلك تزامنًا مع احتفالات ذكرى ثورة 30 يونيو، مؤكدًا أن المشروع يأتي في إطار السياسة العامة للدولة لدعم الصناعة الوطنية، وتعزيز المشروعات التنموية الكبرى الهادفة إلى تحسين الاقتصاد المحلي وتوفير فرص عمل لأبناء المحافظة.
آليات التصنيع وتكنولوجيا الإنتاج
تفقد المحافظ مراحل العمل داخل المصنع، حيث قدّم المهندس سعيد أنور، مدير المصنع، شرحًا تفصيليًا لآليات التصنيع بدءًا من استلام البنجر من المزارعين، مرورًا بعمليات المعالجة الكيميائية، وصولًا إلى التعبئة والتغليف.
وأشار أنور إلى استخدام الطاقة الشمسية بديلًا عن الحرارية لتجفيف السكر، في إطار التوجّه نحو تقنيات الإنتاج المستدامة.
وأوضح أن المصنع يعمل حاليًا بطاقة إنتاجية تصل إلى 36 ألف طن يوميًا من السكر، ويصدر المولاس – أحد مستخلصات البنجر – للأسواق الأوروبية، ما يسهم في توفير العملة الصعبة، وتغطية نفقات التشغيل والصيانة.
دور استراتيجي في تنمية المنيا
من جهته، أكد محافظ المنيا أهمية الدور الذي تلعبه شركة القناة للسكر في النهوض بالاقتصاد المحلي ودعم التنمية الصناعية، مشيدًا بنسبة العمالة المحلية التي تمثل نحو 60% من القوى العاملة بالمصنع.
كما أشار إلى التسهيلات التي تقدمها المحافظة للشركات العاملة، وتوفير بيئة استثمارية جاذبة ومستقرة.
وشدد كدواني على أن المنيا تمتلك مقومات تنموية ضخمة، من بينها شبكة الطرق الحديثة، وخطوط السكك الحديدية، ومشروعات معالجة المياه والكهرباء، ما يؤهلها لتكون مركزًا اقتصاديًا مهمًا في صعيد مصر.
رؤية متكاملة لتعزيز الأمن الغذائي
من جانبه، قال الدكتور كامل العبدالله، الرئيس التنفيذي والعضو المنتدب لشركة القناة للسكر، إن المشروع يجسد نموذجًا للشراكة بين القطاعين العام والخاص، ويؤكد جاهزية الدولة لدعم الاستثمارات الكبرى في مجال الأمن الغذائي وتحقيق الاكتفاء الذاتي.
وأوضح العبدالله أن المصنع يضم مزرعة على مساحة 180 ألف فدان، ويتعاون مع نحو 20 ألف مزارع من محافظات الصعيد، مؤكدًا إطلاق مبادرات جديدة لدعم التجار المحليين وتوفير السكر بأسعار تنافسية، إلى جانب مساندة المزارعين لزيادة العائد الاقتصادي.
منتجات مطابقة للمواصفات العالمية
وأكد المهندس حسن بيومي، المدير العام لشركة القناة للسكر، أن المصنع ينتج يوميًا نحو 18 ألف طن من السكر، مع خطة لرفع الإنتاج إلى 36 ألف طن يوميًا، بإجمالي سنوي يصل إلى 750 ألف طن. وأضاف أن جميع مراحل الإنتاج تخضع لمعايير الجودة العالمية، كما ينتج المصنع العلف الحيواني والمولاس ويقوم بتصديرهما بالكامل، ما يفتح آفاقًا لصناعات تحويلية جديدة.
التنمية المستدامة والمشاركة المجتمعية
وفي إطار المسؤولية المجتمعية، أشارت علا لطفي، مدير عام قطاع العلاقات الخارجية بالشركة، إلى تنفيذ برامج توعوية بالتعاون مع مؤسسة “بهية” للكشف المبكر عن سرطان الثدي، بالإضافة إلى تقديم فحص شهري مجاني لـ100 سيدة من العاملات في الشركة وأسرهن.
كما يشارك المصنع في تطوير عدد من المشروعات الخدمية مثل استراحة “تونا الجبل” وميدان معهد الأورام، إلى جانب التعاون مع جامعة المنيا في مجالات البحث العلمي المرتبطة بتطوير الزراعة والصناعات العضوية.
مشروعات جديدة لتعزيز القطاع الصناعي
واستكمالًا لمسيرة التنمية، أعلن محافظ المنيا عن إنشاء أول مصنع في مصر لإنتاج ألواح الزنك النقي على مساحة 75 ألف متر مربع، بتكلفة 200 مليون دولار، وطاقة إنتاجية مبدئية تبلغ 50 ألف طن سنويًا، تصل إلى 100 ألف طن بعد تشغيل المرحلة الثانية. ويوفر المشروع 1250 فرصة عمل مباشرة وغير مباشرة، ويُخطط لبدء تشغيله خلال عام.
يشكل مصنع القناة للسكر نموذجًا متكاملًا للصناعة الزراعية الحديثة في مصر، ويعكس التحول نحو الإنتاج المحلي، وتقليص الاعتماد على الاستيراد، وتعزيز الاستثمار في صعيد مصر، ما يجعله علامة فارقة في تاريخ الصناعة الوطنية، ومصدرًا للأمل في تحقيق التنمية المستدامة.
