بين آمال الملائكة وقلق المستأجرين.. مصير قانون الإيجارات القديمة سيتم حسمه في الجلسة المقررة غدًا بحضور «مدبولي»

كتبت: إيمان صبري
شهدت جلسة مجلس النواب، اليوم الثلاثاء، حالة من التوتر والجدل الحاد خلال استكمال مناقشة مشروع قانون الإيجار القديم، وسط غياب جزئي للحكومة في بدايتها، واعتراضات واسعة من النواب على نقص البيانات والمعلومات الحكومية، مما اضطر المجلس إلى تأجيل الحسم إلى جلسة جديدة تُعقد غدًا.
تأجيل في بداية الجلسة لغياب وزير
بدأت الجلسة بحضور كثيف من النواب والإعلام، في انتظار مناقشة أحد أكثر القوانين إثارة للجدل في الشارع المصري وهو «قانون الإيجارات القديمة»، ألا أن المستشار الدكتور حنفي جبالي أعلن توقف مناقشات مشروع قانون الإيجار القديم، وأكد أن ذلك التأجيل يعود لارتباط الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، بموعد هام، مما أدى إلى تأجيل الجلسة مؤقتًا لحين حضوره، وهو ما أثار استياء عدد من النواب.
اقرأ أيضًا: «وزير الصحة مرتبط بموعد مهم».. مجلس النواب يُوقف مناقشة قانون الإيجار القديم لوقت لاحق
بيانات جهاز التعبئة والإحصاء: أرقام غير كافية
عقب انطلاق الجلسة رسميًا، استعرض اللواء خيرت بركات، رئيس الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، بيانات تُشير إلى وجود نحو 1.6 مليون وحدة سكنية خاضعة لنظام الإيجار القديم، وكل المستأجرين الأسر البالغة أكثر من 60 عاما في 2017 هم المستأجرين الأصلين، مشيرا إلى أن إجمالى عدد أسر المستأجرة علي مستوي الجمهورية مليونا و600 ألف و409.
وأوضح أن محافظة القاهرة تتصدر الأعداد بـ 176,900 وحدة، تليها الدقهلية بـ 111,800 وحدة، ثم الإسكندرية بـ 65 ألف وحدة، والجيزة بـ 57,843 وحدة.
إلا أن هذه البيانات لم تُرض النواب، واعتبرها كثيرون «غير دقيقة وغير مكتملة»، خاصة أنها لم توضح العدد الفعلي للمستأجرين الأصليين ولا الجيل الأول الذي يشمل الأبناء المقيمين بعد وفاة المستأجر.
غضب رئيس البرلمان: «البيانات تخلو من الأساسيات»
رئيس البرلمان، حنفي جبالي، لم يُخفِ استياءه مما اعتبره ضعفًا في استعداد الحكومة، قائلًا في كلمة حاسمة: «البيانات تخلو من أهم عناصر التحليل هل من الصعب أن نعرف كم عدد المستأجرين الأصليين؟ أو الجيل الأول؟»
وأكد جبالي أن هذه ليست المرة الأولى التي تأتي فيها الحكومة دون استعداد كامل، محذرًا من مناقشة القانون على أسس غير مدروسة.
النواب: لا نناقش القانون في الظلام
عدد من النواب عبّروا عن رفضهم لما سموه الإجبار على تمرير قانون غير مدعوم بالأرقام، حيث قال النائب ضياء الدين داود: «ماينفعش أشتغل على ورق الحكومة بس… مفيش بيان تحت إيدينا نقدر نحلل ونفكر ونقترح على أساسه… هل الحكومة لديها أراضٍ كافية لإعادة تسكين الناس؟»
ومن جهته، طالب النائب هاني خضر بتأجيل مناقشة القانون لمدة 6 أشهر، حتى تتوفر بيانات واضحة وخطط تنفيذية لإخلاء المساكن وتوفير بدائل إنسانية.
أما النائب عبد المنعم إمام رئيس حزب العدل، فانتقد طريقة طرح القانون قائلاً: «أنا مش واثق في الحكومة بنخرج الناس فوق الستين من غير ما نقول هيروحوا فين!»
وأكد إمام أن هذا السيناريو تكرر أكثر من مرة، قائلاً: نحن نكرر نفس الموضوع بنفس الشكل
الحكومة ترد: «وزعنا البيانات صباحًا»
وفي رد على الانتقادات، أوضح وزير الشؤون النيابية، محمود فوزي، أن الحكومة وزعت بالفعل البيانات على رؤساء الهيئات البرلمانية والنواب المستقلين صباح نفس اليوم، لكنه اعترف بأن الوقت لم يكن كافيًا لدراستها بشكل وافٍ قبل الجلسة، كما أكد أن وزارة الإسكان أعدت تصورًا أوليًا لتوفير سكن بديل للفئات التي سيُطبق عليها الإخلاء.
موافقة مبدئية رغم الاعتراضات
رغم كل هذه الانتقادات، وافق المجلس من حيث المبدأ على مشروع القانون، والذي يتضمن زيادات تدريجية في القيمة الإيجارية، وإجراءات تدريجية لإخلاء بعض الوحدات، على أن تُستكمل مناقشة المواد مادةً بمادة في الجلسات التالية.
قرار بالتأجيل إلى الغد
أعلن رئيس البرلمان في ختام الجلسة تأجيل مناقشة مشروع القانون إلى جلسة الأربعاء 2 يوليو، بعد توافق نسبي بين الحكومة والنواب على ضرورة عرض المزيد من البيانات التفصيلية.
وفي خطوة تعكس أهمية الملف وحرص الحكومة على تجاوز الخلافات مع البرلمان، أُعلن أن الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، سيحضر جلسة الغد 2 يوليو، للمشاركة في مناقشة مشروع قانون الإيجار القديم والرد على استفسارات النواب.
ويأتي حضور مدبولي بعد موجة من الانتقادات واتهامات للحكومة بـ«عدم الجاهزية» وتقديم بيانات ناقصة، ما يُمثل ثقلاً سياسيًا كبيرًا على جلسة الغد، وسط ترقب شعبي واسع لما ستسفر عنه المناقشات.
إقرأ أيضًا: هل يمنح البرلمان “شيكًا على بياض” لوزير التعليم لتغيير نظام الثانوية العامة والتعليم في مصر؟
ما الذي تعنيه هذه التطورات؟
لا يزال الغموض في مصير القانون، رغم الموافقة المبدئية، فالنواب يطالبون بتأجيل حقيقي ومحاسبة للحكومة على غياب الشفافية.
أما الشارع المصري منقسم: الملاك يطالبون بالتحرر من قيد «إيجارات لا تساوي شيئًا»، والمستأجرون يخشون التهجير دون بدائل.
جلسة الغد ستكون حاسمة، فإما أن تُطرح بيانات إضافية تُقنع البرلمان بالمضي قدمًا، أو أن يُمدد التأجيل لمزيد من الدراسة، في ظل ضغوط الشارع والمخاوف من انفجار أزمة اجتماعية بسبب سوء التطبيق.
فقانون الإيجار القديم يعد من أكثر الملفات الاجتماعية والاقتصادية حساسية في مصر، حيث يخص ملايين المواطنين، بين مستأجرين منذ عقود، وورثة، وملاك ينتظرون تحرير أملاكهم، لكن الجدل قائم والقرار لم يُحسم بعد.