قانون الإيجار القديم يثير الجدل في البرلمان… والنواب ينقسمون بين مؤيد ومعارض

قانون الإيجار القديم يثير الجدل في البرلمان… والنواب ينقسمون بين مؤيد ومعارض

في مشهد برلماني محتدم، تحوّلت جلسة مناقشة قانون الإيجار القديم إلى ساحة من الجدل والانقسام الحاد، بعد أن شهدت القاعة مشادات كلامية ومشاجرات بين عدد من النواب، بين مؤيدين يرون في القانون خطوة نحو “تحقيق العدالة”، ومعارضين يحذرون من “كارثة اجتماعية” قد تطال ملايين الأسر المصرية.

وعلى مدار ساعات طويلة خاض البرلمان نقاشًا مطولًا حول مشروع تعديل القانون، وانقسمت الآراء داخله بين من يدعمون تحرير العلاقة بين المالك والمستأجر باعتباره حقًا لأصحاب العقارات، وبين من طالبوا بالتأني في اتخاذ قرار قد يؤدي إلى تشريد محدودي الدخل وكبار السن.

رافضون لتعديلات قانون الإيجار القديم

عبّر عدد من النواب عن رفضهم لصيغة تعديل قانون الإيجار القديم، محذرين من تداعيات اجتماعية خطيرة قد تنتج عن تطبيقه دون ضمانات كافية لحماية محدودي الدخل وكبار السن.

مصطفى بكري يرفض قانون الإيجار القديم

طالب النائب مصطفى بكري، خلال الجلسة العامة لمجلس النواب، باستدعاء رئيس مجلس الوزراء د. مصطفى مدبولي لتوضيح الموقف الرسمي للحكومة بشأن مصير المستأجرين في ظل مشروع تعديل قانون الإيجار القديم.

وأشار بكري إلى تناقض واضح بين تصريحات رئيس الحكومة، التي تؤكد عدم طرد المواطنين من منازلهم، ومضمون مشروع القانون، الذي ينص على إنهاء العلاقة الإيجارية بعد 7 سنوات.

وذكّر بكري رئيس المجلس، المستشار حنفي جبالي، بأنه سبق أن شغل منصب رئيس هيئة المفوضين بالمحكمة الدستورية العليا، التي أكدت في أحكامها على استمرار امتداد العلاقة الإيجارية للجيل الأول من المستأجرين، ما يطرح تساؤلات حول دستورية بعض مواد المشروع المطروح.

أحمد البرلسي: القانون منحاز للملاك الجدد

أعلن النائب أحمد بلال البرلسي، خلال الجلسة العامة، رفض الهيئة البرلمانية لحزب التجمع لمشروع قانون الإيجار القديم، محذرًا من أن القانون في صيغته الحالية يثير مخاوف ملايين المصريين من الطرد من منازلهم، وهو ما يتناقض مع روح 30 يونيو التي قامت من أجل العدالة والإنصاف.

وانتقد البرلسي انحياز القانون للملاك الجدد وشركات الاستثمار العقاري، مؤكدًا أن الدولة كانت شريكًا في العلاقة الإيجارية بتحديد الأجرة لعقود طويلة، وبالتالي لا يجوز لها الآن أن تنحاز لطرف على حساب آخر.

عبد المنعم إمام: القانون يمثل عقابًا اجتماعيًا

وصف النائب عبد المنعم إمام، خلال الجلسة العامة، مشروع تعديل قانون الإيجار القديم بأنه يمثل “عقابًا اجتماعيًا”، مشيرًا إلى أنه يتحدث من موقع صاحب مصلحة باعتباره مالكًا لعقار مؤجر بنظام الإيجار القديم، لكنه يرى أن العدالة يجب أن تُسبق بالرحمة، خاصة في التعامل مع كبار السن ومحدودي الدخل.

وروى إمام تجربته الشخصية، قائلًا إن والده وجده أبرما عقود الإيجار على أساس أنها ستورث، وأن المستأجرين من أمثال “الحاج محمود”، موظفون خرجوا على المعاش ويبلغون من العمر أكثر من 70 عامًا، لا يجوز أن يُقال لهم الآن “امكث 7 سنوات ثم ارحل”، وكأن الأمر حكم بالإخلاء المؤجل أو “الموت قبل المهلة”.

وتساءل النائب عن مصير المستأجرين في المدن المكتظة مثل المحلة الكبرى وبورسعيد التي لا تملك ظهيرًا صحراويًا: “هتوديهم فين؟ الصحرا؟”، مشددًا على أن هذا القانون بدل أن يصحح خطأ تاريخيًا في ذكرى 30 يونيو، يصنع مأساة جديدة للفقراء والمسنين.

موافقون على تعديلات قانون الإيجار القديم

وسط الجدل الدائر والانقسام النيابي الحاد، برز تيار من النواب الذين رأوا في تعديل قانون الإيجار القديم فرصة طال انتظارها لتصحيح أوضاع قانونية واجتماعية ظلت معلّقة لعقود.

أحمد سعد الدين: الإيجار القديم خطوة شجاعة

أكد المستشار أحمد سعد الدين، وكيل مجلس النواب، أن تعديل قانون الإيجار القديم يمثل خطوة شجاعة طال انتظارها، تهدف إلى تحقيق التوازن والعدالة بين الملاك والمستأجرين.

وخلال الجلسة العامة، أوضح أن لجنة الإسكان بذلت جهدًا كبيرًا لمناقشة القانون بمشاركة مختلف الأطراف، مشيرًا إلى أن الحكومة استجابت لبعض مقترحات النواب، في محاولة للخروج بتشريع متوازن.

وأضاف أن تعطل صيانة كثير من العقارات سببه تراكم المشكلات بين الملاك والمستأجرين، مؤكدًا أن البرلمان تحمّل مسؤولية هذا الملف المعقد، رغم علمه بأنه لن يرضي جميع الأطراف.

محمد أبو العينين: القانون مسؤولية مزدوجة أمام البرلمان

أكد النائب محمد أبو العينين أن تعديل قانون الإيجار القديم يمثل تحديًا كبيرًا ومسؤولية مزدوجة أمام البرلمان، تتعلق بتحقيق التوازن بين حقوق المالك وحماية المستأجر، خاصة الفئات الضعيفة مثل أصحاب المعاشات وكبار السن.

وشدّد على أن الدولة يجب أن تكون محورًا أساسيًا في حل هذه القضية، من خلال توفير بدائل سكنية مناسبة وإنسانية لمن قد يتضرر من التعديل.

وأشار أبو العينين إلى أن العدد الفعلي لعقود الإيجار القديم قد تراجع بشكل كبير مقارنة بالسابق، لكنه شدّد على ضرورة أن تراعي اللائحة التنفيذية تفاصيل دقيقة، مثل حالة العقار، وتاريخ إنشائه، ومدى أمانه الإنشائي، خصوصًا أن بعض المباني مهددة بالانهيار.

وطالب بتضمين صيانة العقارات ضمن بنود القانون، وعدم الاعتماد فقط على الأرقام الواردة في تقرير لجنة الإسكان دون مراجعة دقيقة لها.

عبد الهادي القصبي: مستقبل وطن موافق على التعديلات

أكد النائب عبد الهادي القصبي، زعيم الأغلبية بمجلس النواب، موافقة حزب مستقبل وطن على مشروع تعديل قانون الإيجار القديم من حيث المبدأ، مشددًا على أن البرلمان يواجه اليوم قانونًا بالغ الدقة تأخرنا كثيرًا في التعامل معه.

وأوضح أن استمرار تجاهل هذا الملف لعقود تسبب في ظلم مستمر، وأن مسؤولية النواب الآن هي تحقيق التوازن بين حقوق المالك والمستأجر وفقًا لحكم المحكمة الدستورية العليا الصادر في نوفمبر 2024، الذي أوجب تحرك البرلمان.

وأضاف القصبي أن الحوار المجتمعي الواسع الذي أجرته لجنة الإسكان أسفر عن تعديلات جوهرية استجابت لها الحكومة، وأن التعديل لا يستهدف المغالبة أو الانحياز لطرف على حساب آخر، بل يهدف إلى صون الملكية الخاصة وتحقيق العدالة الاجتماعية.

ولفت إلى أن ذلك يأتي تنفيذًا لتوجيهات رئيس الجمهورية بعدم المساس بحق السكن أو طرد أي مواطن دون توفير بديل مناسب. واختتم بتأكيده أن الدستور كفل حماية الملكية، وفي الوقت نفسه ألزم الدولة بحماية الفئات الأضعف.

أحمد السجيني: لن نسمح بوقوع ضرر على أي طرف

أعلن النائب أحمد السجيني، رئيس لجنة الإدارة المحلية، موافقته على تعديلات قانون الإيجار القديم من حيث المبدأ، مؤكدًا أن الدولة بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي لن تسمح بوقوع ضرر على أي طرف، سواء مالكًا أو مستأجرًا.

وأشار السجيني إلى أن الجلسة تُعد “تاريخية” وتحسب لصالح العدالة والديمقراطية الرشيدة، خاصة بعد صدور حكم المحكمة الدستورية، مشددًا على أن الالتزام الحكومي بتوفير وحدات بديلة هو الضمان الأساسي لنجاح القانون أو قد يكون سببًا في تعطيله عند التطبيق.

علاء عابد يؤكد موافقته على قانون الإيجار القديم

أكد النائب علاء عابد، خلال الجلسة العامة لمجلس النواب، أن النواب أقسموا على احترام القانون والدستور وحكم المحكمة الدستورية العليا، مما يجعلهم مضطرين لخوض ملف الإيجار القديم وتحمل المسؤولية أمام الله والشعب المصري.

وأشار إلى أن أمام البرلمان خيارين: إما التصدي لهذا التحدي والمضي قدمًا في تعديل القانون، أو ترك الوضع معلقًا دون حل، مؤكداً أن المسؤولية تتطلب الجرأة في اتخاذ القرار الصعب.

وأضاف أن مشروع القانون مرتبط بتحقيق العدالة الاجتماعية، وأن الحكومة ملزمة بتنفيذ ذلك، مع تحذير بأن عدم تحقيق العدالة قد يؤدي إلى تقديم استجوابات للحكومة.

أحمد بهاء شلبي: موافقون على مشروع القانون

أعلن النائب أحمد بهاء شلبي، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب حماة الوطن، موافقته على مشروع قانون الإيجار القديم من حيث المبدأ، مؤكدًا أن الحكومة اختارت التدخل لمعالجة الأزمة من جذورها، وهو خيار أفضل من ترك الوضع ينهار تدريجيًا.

وأعرب شلبي عن قلقه من غياب التفاصيل الخاصة بتوفير البدائل السكنية للمستأجرين، سواء من الناحية الجغرافية أو المالية، مشيرًا إلى أن البيانات الدقيقة اللازمة لوضع خطة واضحة لن تتوفر قبل عام 2027، ما يصعّب التنفيذ الكامل حاليًا.

وشدّد على ضرورة أن تتحمّل الحكومة مسؤوليتها في هذا الجانب، لضمان تحقيق العدالة الاجتماعية وتخفيف الأعباء عن الفئات المتضررة من التعديل، حتى لا يتحول القانون إلى عبء جديد على المواطن.

اقرأ أيضًا: بين حرية النشر وتنظيم الفتوى.. معركة جديدة تحت قبة البرلمان